شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م11:58 بتوقيت القدس

انروا: الملف لم يُقفل

متضرِّرو 2014م.. الوعد المؤجّل

06 سبتمبر 2022 - 11:02

غزة:

تسكن السيدة روضة المصري بيتًا مُستأجرًا (مكون من غرفتين) منذ عام 2014م، حيث شنت "إسرائيل" عدوانها على غزّة.

السيدة التي دُمّر بيتها في مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة تحت صواريخ العدوان آنذاك، مهددة اليوم بالطرد بسبب ضيق وضعها الاقتصادي، وعدم قدرتها على الدفع المنتَظَم، ناهيكم عن تشتت أولادها المتزوجين وعائلاتهم، بين البيوت المستأجرة، وبيوت عائلات زوجاتهم.

ثمانية أعوامٍ مرّت على تاريخ ذلك العدوان، وما زال آلاف المواطنين لا يستطيعون السكن في بيوتهم التي دمّرتها آلة الحرب، ولم تُعمَّر بعد.

عدد كبيرٌ منهم لم يتلقوا التعويض عن ما لحق ببيوتهم من خرابٍ بعد، وبعضهُم مهددٌ بالحبس بسبب تراكم الديون إثر بنائها "بالدَّين" بعد لجوئهم لحل "البناء الشخصي"، بعد وعودات تلقوها بالتعويض، وآخرون كالسيدة المصري، مهددون بالطرد لعدم قدرتهم على دفع الإيجار.

بعد العدوان، اضطرت السيدة المذكورة للعيش في بيت جيرانها مدة ثلاثة أشهر، فاقدةً للخصوصية، ملتزمةً بلباس الصلاة، محرجةً من أي حركة أو تصرف، حتى قررت أخيرًا الخروج إلى حل الاستئجار، الذي واجهت فيه عائق الالتزام بالدفع الشهري ماثلًا أمامها بعد بضعة أشهر.

روضة كانت واحدة من النساء اللواتي شاركن، يوم أمس، في وقفةٍ احتجاجية أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "انروا"، للمطالبة بسرعة صرف مستحقات عائلاتهن من التعويضات، كي يتسنى لهن إعادة بناء بيوتهن، خاصة وأن جزءًا كبيرًا منهن، ومن أزواجهن بات ملاحقًا بالسجن.

تقول لـ "نوى": "كلما طالبني صاحب البيت بالمال، أحاول تصبيره بوعودات شيك الشؤون الاجتماعية، فأنا أحصل عليه كوني أرملة، وأدفع كامل المبلغ -عندما أتقاضاه- للإيجار، أما عن العيش، فنصرف من ما يحصّله ابني بائع البطاطا، الذي بالكاد يوفر ما يسد جوع العائلة".

سيدة أخرى من مدينة بيت حانون، وتُدعى أم هاني شبات، أيضًا تعيش ذات المشكلة. بيتها دُمّر جزئيًا لكنه لا يصلح للسكن، ورغم ذلك اضطرت للبقاء فيه لعدم قدرتها على دفع الإيجار، فاستصلحت غرفتين فقط، ولوحقت بالديون.

تقول شبات (وهي من المشاركات في الوقفة أيضًا): "بعد العدوان، وقّعنا على عقد مع انروا بقيمة 10 آلاف دولار لإعادة إعمار بيتي، و6000 لشقة ابني وهي في الطابق الثاني (..) بيتنا لا يصلح للسكن، لكننا استصلحنا غرفتين بالدَين الذي لم نستطع تسديده حتى اللحظة".

عدوان عام 2014م، الذي أسفر عن مقتل 2174 مواطنًا ومواطنة على مدار 51 يومًا، نجم عنه كذلك تدمير أكثر من 89 ألف وحدةٍ سكنية، وتهجير مئات آلاف العائلات من مناطق سكناها.

وفي أكتوبر من العام ذاته، أي بعد نحو شهرين من انتهاء العدوان، عُقِد مؤتمرٌ للمانحين في القاهرة بحضور 50 منظمة دولية، سُمي حينها "مؤتمر إعادة إعمار غزة"، وقدّر الحاجة إلى 212 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار.. ليبقى التساؤل الحاضر منذ ذلك الحين: أين المال؟ وأين الإعمار؟

يقول الناطق باسم متضرري 2014م، الصحفي عبد الهادي مسلم (وهو أحدهم): "إن ما تفعله وكالة الغوث فعليًا هو إغلاق هذا الملف، وإثارة غضب المتضررين الصابرين على مدار ثماني سنوات، بعد طرقهم جميع أبواب المسؤولين والمدراء، وما نتج عن ذلك من لقاءات مع مسؤولين ومدراء، أفضت إلى توقيع عقود بالمبالغ اللازمة لإعمار كل بيت. في كل مرة يعطون الناس جرعة أمل، ثم يبدأ التسويف وتتبخر الوعود".

وتابع: "الكثير من المتضررين أصبحوا ملاحقين لدى أجهزة الشرطة بسبب الديون، وهنا كان لا بد من وقفة كي لا تتخلى أنروا عن دورها في إيجاد التمويل"، مردفًا بالقول: "طوال هذا الوقت نحصل على تطمينات، والآن يتعاملون مع ملف 2014م على أنه جزءٌ من الماضي، بينما يتم التعامل مع ملفات عدوان 2012، و2008، و2021 على أنها مستحقة، فلماذا لا تجمع هذه الملفات كلها ضمن ملف واحد؟".

ونبه مسلم إلى أن المتضررين سيتخذون المزيد من الخطوات للضغط على "انروا" للوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين، "الذين باتوا أيضًا مشردين".

وفي لقاءٍ على قناة الكوفية الفضائية، قال المستشار الإعلامي لـ "انروا" عدنان أبو حسنة، حول ملف تعويضات 2014: "الملف عالق بسبب رفض المانحين تمويله، لكنه لم يُقفل، ولا أحد يملك القرار لإقفاله. بل إن هناك سوء فهم ممن اعتقد ذلك".

وتابع أبو حسنة إن ملف إعمار عدوان 2021، تم إنجاز غالبيته، وقد موله المانحون، وتم إعادة إعمار البيوت التي تضررت جزئيًا وعاد الغالبية إلى بيوتهم، ولم يبقَ سوى نحو 200 بيت، لديهم تأخير في الإجراءات سببه إما البلديات أو سلطة الأراضي وليس اونروا، إنما الملف يتقدم بصورة جيدة، لكن عند الحديث مع المانحين عن أضرار 2014 يرفضون التعامل معه.

كاريكاتـــــير