شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م22:02 بتوقيت القدس

غزة.. صوت "الصم" مسموع في بازار "أطفالنا"

27 يوليو 2022 - 12:39

غزة:

تجذب المطرزات التي صنعتها سناء الرنتيسي جمهور معرض جمعية "أطفالنا" للصم بمدينة غزة، لما احتوته من تصميمات عصرية وألوان بديعة. لقد بدت الشابة غاية في السعادة وهي تلحظ ابتسامات الرضا على وجوه المدعوين الذين كانوا يتجوّلون بشغف ويبدون الإعجاب صوتًا وصورة.

سناء ابنة الثلاثين عامًا، وهي من ذوات الإعاقة السمعية، تعمل في الجمعية كمسؤولة قسم الخياطة والتطريز، والمطرزات التي ينتجها قسمها كانت إحدى محتويات المعرض الذي حمل اسم "بازار"، وكان من المقرر أن يستمر لثلاثة أيام لولا اعتراض الجمهور ومطالبته بتمديده.

تحدثت سناء بابتسامةٍ عريضةٍ لـ"نوى" مستعينةً بمترجمٍ للغة الإشارة، فقالت: "أنا هنا منذ عقدين، أي مذ كنت طفلة. كل القطع الموجودة هنا هي من عمل القسم الذي أديره، وهي مطرّزة يدويًا بدقة وحبٍ ومهارة. نحن لا نستعين بالماكينات أبدًا، ولذلك تبدو منتجاتنا بديعة".

دقة ومهارة ومطرزات عصرية، جعلت الإقبال على القسم كبيرًا من قبل الجمهور، ما ساهم في تحقيق ربحٍ جيدٍ يمكنه أن يُساعد في التمكين الاقتصادي لذوات وذوي الإعاقة السمعية داخل الجمعية.

ويشكّل ذوو الإعاقة السمعية 1.7% من مجموع ذوي الإعاقة في قطاع غزة، والذين فاق عددهم 48 ألفًا وفقًا لإحصائية الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

تكمل سناء التي كانت تتوشح بالكوفية الفلسطينية بينما لا تفارقها الابتسامة: "أحب مهنة التطريز، فهي تراثنا الذي بات معروفًا في كل العالم"، ثم تشير بيديها إلى زوايا المعرض وتزيد: "كل أقسام البازار غاية في الجمال، السيراميك، الخزفيات، والرسم على الزجاج، كل هذا عرضناه على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعونا الناس للإقبال على منتجاتنا، فهي حقًا مميزة".

وترغب سناء كما غيرها من ذوي الإعاقة في أن تسهم هذه المعارض في تحقيق الدمج اللازم لذوي الإعاقة في المجتمع، "فهم أشخاص مبدعون ولديهم قدرات مميزة" تعقب.

احتوى المعرض على العديد من المنتجات، كالأثواب المطرزة، وفساتين الأفراح والمناسبات، والحقائب، وفساتين الأطفال، والأثاث المنزلي المطرز، والخزفيات من أكواب وأباريق ومجسمات بأشكال وألوان مختلفة، إلى جانب الرسم على الزجاج، والنقش على الأخشاب.

عند مدخل المعرض، يقف الشاب رائد الصيفي إلى جانب بعض منتجات السيراميك، ويشير بإصبعه نحو صدره مؤكدًا بثقة أن هذا الإبريق الخزفي المنقوش بألوان زاهية، من إبداع يديه.

يستعين بمترجم الإشارة أيضًا وهو يقول لـ "نوى": "كل المنتجات في هذا القسم من عملي، بروعتها ودقّتها وجمال رسومها".

ويبدي فخره بالإقبال الشديد على شراء الخزفيات من قبل الجمهور، وانبهارهم بها، فهو المسؤول داخل الجمعية عن قسم الفخار، والسيراميك، والخزفيات.

يتابع: "المميز هذا العام أن هناك خصم بنسبة 30% على الأسعار، وذلك بمناسبة مرور 30 عامًا على تأسيس الجمعية، بالإضافة إلى وجود اختلاف في محتوى المعرض عن السنوات الماضية، فكلها منتجات عصرية بروح شبابية، والإقبال أيضًا كبير ومميز".

جزء من أهداف المعرض، يكمن في الحفاظ على التراث الفلسطيني ودمجه بالحداثة، "وهذه المنتجات تحديدًا حققت مبيعات عالية"، وستعمل الجمعية على تركيز إنتاج المزيد منها في المرحلة المقبلة، وفقًا لرائد.

ويحاول ذوو وذوات الإعاقة السمعية من خلال هذه المنتجات الدقيقة المميزة، إيصال رسالةٍ للمجتمع مفادها "نحن قادرون على الإنتاج والابتكار، ونستحق منكم المزيد من الرعاية والدعم".

تقول فاتن الطروة مسؤولة الحشد والمناصرة في الجمعية: "يعقد هذا البازار سنويًا، ويعرض بين زواياه منتجات يدوية وحرفية من إنتاج الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين كانوا ذات يوم أطفالًا في مدرسة الجمعية"، مشيرةً إلى أن معظمهم اليوم منخرطون ضمن الورش الحرفية المنوعة التابعة لها.

ويهدف المعرض –والحديث لـ الطروة- إلى التأكيد على حقوق ذوي الإعاقة وأنهم يمتلكون مهارات وقدرات إبداعية متميزة، وقادرين على تحقيق إنجازات مهمة في المجتمع إن أتيحت لهم الفرصة، بالإضافة إلى التمكين الاقتصادي وتحقيق دخل مناسب.

وتشرح بمزيدٍ من التفصيل فتقول: "الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية حين ينهون تعليمهم الأساسي في المدرسة التابعة للجمعية، يتم إدماجهم ضمن ورش عمل مختلفة، وتقديم التدريبات المهنية والحياتية اللازمة التي تلبي احتياجاتهم حتى يصبحوا منتجين"، ملفتةً إلى أن منتجات الجمعية باتت تصل إلى العالم.

مشغولات المعرض كلها تراثية –كما جرت العادة- إلا أنها ضمت في عامها الحالي جانبًا واسعًا من التصميمات العصرية التي تلبي جميع الأذواق والمناسبات الاجتماعية. تتميز كل المنتجات بالدقة والحرفية، ويشهد على ذلك الاقبال الكبير من قبل المواطنين، "وهو الأمر الذي دفعنا لتمديد المعرض ليومٍ إضافي إرضاءٍ لكل من تأخر حتى سمع عنه" تختم مسؤولة الحشد والمناصرة.

كاريكاتـــــير