شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م00:50 بتوقيت القدس

2021م.. أطفالٌ يَنشُدون "الأمان" في حضن الأمنيات

01 يناير 2022 - 17:07

غزة:

نظرت الطفلة سيرة النجار (11 عامًا) إلى السماء وحدّقت في النجوم من شرفة منزلها الواقع شرق مدينة غزة، ثم تنهدت بعمق وهي تبتسم قبل أن تجيب عن سؤالٍ طرحته "نوى" حول أمنيتها بالعام الجديد، ثم قالت "الأمان".

تعقّب سيرة على العام 2021 بقولها :"تمنيته مختلفًا، تمنيت أن تختفي فيه أزمة كورونا، ونعود إلى مدارسنا، تعبنا من التعليم الإلكتروني، لكن لم أتوقع الحرب وهي كانت أصعب شيء هذا العام".

في العاشر من مايو 2021م، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا واسعًا على قطاع غزة، أدى إلى استشهاد 242 فلسطينيًا وفلسطينية، بينهم أطفال، ودمّرت مئات المنازل على رؤوس ساكنيها، وهو ما ألقى بثقله على نفوس الأطفال في فلسطين وقطاع غزة على وجه الخصوص.

تسرح سيرة بخيالها صوب العالم خارج أسوار قطاع غزة، وتتخيّل كيف يعيش أطفاله، تقول: "أظن أنهم لا يسمعون أصوات القصف المرعبة، وأنهم يسافرون إلى أماكن أخرى خارج بلدانهم، ربما لديهم منتزهات ويزورون أماكن جميلة، هذا كله أتمناه لنا في قطاع غزة".

وتختم سيرة بأمنيتها للعام الجديد بأن تتمكن من السفر، وتزور عدّة بلدان خاصةً تركيا التي تشاهد الكثير من الفيديوهات لشوارعها على الإنترنت.

وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 2021م، فإن نصف المجتمع الفلسطيني هم من الأطفال الذين يشكّلون 2.31 مليونًا (1.18 ذكور - 1.13 إناث)، أي 44.2% من السكان (42% في الضفة الغربية، 47.5% في قطاع غزة).

الطفل يزن العرعير (10 سنوات)، الذي يسكن غرب مدينة غزة، ما زال ثقل العام الماضي يؤثر على واقعه النفسي، ومع ذلك يصف 2021 بأنه عام فيه أشياء جميلة وأخرى سيئة.

يقول لـ"نوى": "حققتُ أشياء جميلة فيه، أنا الثالث على الصف وحصدت بعض الجوائز، وحافظت على تميّزي في المدرسة، استقرت عائلتي في شقة أخيرًا بعد أن هجّروا من الشجاعية بسبب العدوان الإسرائيلي عام 2014 ، أنا لا أذكره فقد كنت صغيرًا".

لكن يأبى الاحتلال إلا أن ينغّض حياة الأطفال، يزن كان في طريقه لشراء الخبز لعائلته من مخبز قرب بيتهم حين داهمت طائرات الاحتلال الحربية عمارة سكنية في شارعهم وقصفتها أمام عينيه.

يقول يزن: "لا يمكن أن أنسى الرعب الذي أصابني حينها، هربت بسرعة ولا أعرف أصبحت بعيدًا عن الخطر أم قريبًا؟ أتذكر هذا المشهد، أستيقظ ليلًا على صوت القصف نفسه رغم أن العدوان كان فيه قصف يومي".

بالنسبة ليزن كان غياب الأمان هو أبرز ما ميّز هذا العام، لكنه يأمل في العام الجديد 2022م أن يتغير الواقع، وألا تسمح الدول للاحتلال الإسرائيلي بقصف قطاع غزة من جديد، وأن يتمكّن من الحفاظ على تميّزه في المدرسة، وحفظ القرآن، وكذلك السفر إلى لندن لرؤية ساعة "بيج بين" الشهيرة، والتقاط صورةٍ بجوارها.

أما الطفل مصطفى عطا الله (9 سنوات) من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فقد اضطر خلال العدوان الإسرائيلي لترك منزله، والذهاب مع عائلته إلى منزل جدّهم هربًا من القصف الذي طال أماكن مجاورة لبيتهم.

يقول مصطفى: "كان عامًا مخيفًا، صحيح أن المدرسة جميلة ونتعلم منها أشياء مهمة، لكن كنت أخاف الذهاب بسبب القصف الإسرائيلي الذي يمكن أن يحدث في أي لحظة، وأنا لا أريد أن أصاب كما حدث مع أطفال آخرين، أصيبوا بسبب الاحتلال".

بالنسبة لمصطفى فإن العام 2021م حمل معه خوفًا كبيرًا للأطفال، ولم يحققوا فيه أشياء واضحة، لكنه فرح بشهادة المدرسة التي كانت كلها "ممتاز"، ويريد أن يستمر كي تفرح أمه ويفرح أبوه.

أما عن أمنيته للعام الجديد فقال: "أولًا يتوقف القصف الإسرائيلي لأنني أريد ألا أخاف، وثاني شيء، أن أحصل على بسكليت -دراجة هوائية- طلبت أكثر من مرة من أمي لكنها ترفض لأن شارعنا غير مرصوف، أتمنى أن يرصفوا الشارع".

أما الطفلة رزان عامر (14 عامًا)، فقالت عن العام الماضي: "بدا كسائر السنوات، ولكنه أصبح أشدّ خوفًا وأكثر صعوبة مع انتشار فايروس كورونا بشكل أوسع"، وحسب رزان فأن الفيروس الذي تسبب في رعب العالم، أرعب أيضًا الأطفال الذين أصبح يلزمهم بشكل مستمر الالتزام بالكمامة التي بحسب وصفها "خنقتهم"، واستخدام المعقمات بشكل مستمر، وهو ما جعلهم يشعرون بالخوف دومًا خاصة مع أخبار الوفيات، والحديث عن الأعراض الصعبة للإصابة.

لكن الأقسى -حسب رزان- هو العدوان الإسرائيلي الذي أفقدهم ما تبقى من شعورٍ بالأمان، خاصةً مع صور الشهداء الأطفال، واستهداف البيوت، وتضيف: "ذات يوم، رنّ هاتف أبي وبعد أن أجاب أتى إلينا مسرعًا وقال يجب أن نخلي البيت، سوف يتم استهداف عمارة قريبة منا، نزلنا إلى بدروم العمارة مع باقي سكان عمارتنا وكانت الساعة الثانية فجرًا، وأطفال العمارة يبكون، والكهرباء مقطوعة، والوضع مخيف، ولكن في هذه الليلة تحديدًا أعلنت الهدنة وتوقف العدوان وبدأنا نشاهد آثار الدمار".

تتمنى رزان ألا يكون العام 2022م شبيهًا بالعام السابق، ورغم أنها حققت نجاحًا باهرًا في مدرستها، إلا أن فقدانها الإحساس بالأمان الشخصي جعلها لا تشعر بسعادة التفوّق.

تعقب:"نفسي يكون قطاع غزة مثل باقي أماكن العالم، ونحتفل بالعام الجديد بسعادة، أما أمنيتي الشخصية فهي أن أمتلك كاميرا فوتوغرافية وأتعلم التصوير، وأصوّر كل الأماكن الجميلة في قطاع غزة ليراها الناس".

كاريكاتـــــير