شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م16:14 بتوقيت القدس

رسوم الالتحاق "خيالية"..

غزة.. مخيمات صيفيّة لأبناء المُترفين

27 يوليو 2021 - 09:13
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

غزة:

"300 شيكل عدًا ونقدًا دفعتُها في مخيم صيفي نظّمته روضة ابنتي، أو دعيني أقول: اضطررت لدفعها"، تقول منى صيام، وهي أم لطفلةٍ في مرحلة التمهيدي، توقفت عن الدراسة مثل باقي الطلبة مع تفشي فايروس "كورونا"، وإغلاق المدارس قبل نهاية العام الدراسي السابق.

أولًا –تشرح السيدة- لأن غزة تفتقر للأنشطة الصيفية المجانية، ووجود الطفل في البيت "لا سيما بعد عدوانٍ كالذي عشناه خلال مايو/ آيار، قد يزيد أوضاعه النفسية تأزمًا" تقول.

وثالثًا لأن الروضة أعلنت أنها سوف تستكمل ما فات الأطفال من منهاج خلال فترة انعقاد المخيم. هنا تخبرنا أنها كانت مستعدةً لدفع مبلغٍ أكبر "بشرط إتمام المنهاج"، فابنتها خرجت من العام الماضي بما لا يمكن أن يؤهلها لبدء التعلم في الصف الأول كمرحلة جديدة على حد تعبيرها.

لدى صيام أربعة أبناء، ألحقت الكبيرة فيهم (10 سنوات) بمخيمٍ صيفي آخر بمبلغ (150 شيقلًا)، فيما أبقت اثنين من أبنائها في البيت، لصغر سنهم أولًا، ولعدم مقدرتها على دفع مبالغ أخرى ثانيًا.

تعلق: "أعطيت الأولوية لطلبة المدارس، فإتمام المنهاج مهم، واللغة الإنجليزية، بالنسبة لابنتي الثانية مهم أيضًا لتأكيد ما تعلمته في الصف السابق، وتجهيزها لاستقبال المستوى الأعلى في السنة المقبلة".

في المقابل، أم مصطفى الحلاق، وهي أمٌ لثلاثة أطفال، لم تتمكن من إلحاقهم في إحدى المخيمات الصيفية لارتفاع سعر التسجيل، تقول:" كيف لي أن أؤمن رسوم ثلاثة أطفال؟ المبلغ سيتجاوز ٣00 شيكل خلال شهر واحد، بالإضافة إلى تكلفة المواصلات التي ستضاعف من التكلفة بسبب بعد المسافة".

اكتفت الحلاق التي يتقاضى زوجها راتبه من حكومة غزة، بنسبةٍ لا تزيد عن 40% شهريًا، بإلحاق أطفالها في دورةٍ للرسم خلال فترة الصيف، "كبديلٍ ممكن يتناسب مع ظروفي المادية" تقول.

وتضيف: "في ذات الوقت، يساعدهم في الخروج من قيد المنزل الذي فرضته جائحة "كورونا"، والتخلي عن إدمان الهواتف الذكية، والألعاب الإلكترونية، الذي انعكس بشكل ملحوظ على سلوكياتهم، التي أصبحت أكثر عنفًا تجاه بعضهم البعض.

قبيل العيد، أقامت مؤسسة أهلية تعنى بالأطفال مهرجانًا ترفيهيًا في محافظة "خان يونس" جنوب قطاع غزة، التي تعاني أساسًا من ندرة أماكن وبرامج الترفيه، وتنمية قدرات الأطفال، وتضاؤل عمل المؤسسات الموجودة فعليًا بتأثير جائحة "كورونا".

وفي ساعات المساء امتلأ منتزه حي الأمل بالأهالي الذين اصطحبوا أطفالهم في محاولةٍ للترفيه عنهم بشكل مجاني، وهو أمر ربما لا يتكرر.

التفَّ الأطفال حول المهرِّجين الذين انتشروا في المكان يلتقطون الصور التذكارية، بينما بدأ بعضهم (المهرجين) بالرسم على وجوه أطفالٍ آخرين.

علقت رنا حسن بالقول: "اليوم شعر أطفالي بالفرح رغم أنها عدة ساعات، أتمنى لو تتكرر مثل هذه المهرجانات الغنائية التي تبعث على الارتياح في نفوس أطفالنا، خصوصًا بعد تعرضهم لضغوط نفسية شديدة أثناء العدوان على قطاع غزة".

لا تملك رنا القدرة على إلحاق أطفالها بمخيمات صيفية مدفوعة الثمن، ولا يمكنها مجرد التفكير بالأمر، تقول: "بالكاد أتمكن من تأمين متطلباتهم الأساسية، وأي حديثٍ عن مخيمات مدفوعة هو بمثابة جنون، فالأسعار خيالية، وفوق قدرة حتى الفئة المتوسطة من الناس، فكيف بمن هم تحت خط الفقر؟" تتساءل.

وترى رنا أن الجائحة أثرت بشكل كبير حتى على المخيمات التي تقام في المدارس، سواءً الحكومية أو تلك التي تتبع وكالة الغوث "ما جعل أوقاتها غير مناسبة، ولا كافية بالمطلق لسد احتياجات الأطفال".

ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء فإن 47.5% من سكان قطاع غزة هم من الأطفال دون سن الثامنة عشر، بينما تصل نسبة الفقر في قطاع غزة إلى أكثر من 53% وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في حين يتلقى 80% من السكان مساعدات.

 وتقضي رانيا السقا جل وقتها هذه الأيام في تصفح مواقع التواصل بحثًا عن إعلانٍ هنا أو هناك لمخيمات صيفية مجانية، بخلاف تلك التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم، التي لم يتجاوز نصيب الطفل فيها أكثر من يومين.

صدمة تتحدث عنها السقا بعد أن فكرت بتسجيل أطفالها الخمسة (أكبرهم 12 عامًا، وأصغرهم 7 أعوام)، في مخيمٍ صيفي يتبع لمركز تعليمي في مدينة "خان يونس".

تقول: "كانت رسوم كل طفل 100 شيكل شهريًا بخلاف المواصلات، وهذا ما جعلني أصرف النظر بشكل نهائي عن الموضوع".

 لكن ما يثير مخاوف السقا، أن أطفالها كما كل أطفال غزة، تعرضوا خلال الفترة الماضية لأكثر من أزمة، أولها "كورونا"، ثم "العدوان" -وآخر مرة في شهر مايو/آيار المنصرم- الأمر الذي أثّر بشكل سلبي عليهم، وألحق بنفسياتهم أضرارًا جسيمة.

وتبدي السقا استغرابها من قلة البرامج أو المخيمات الداعمة للأطفال، تحديدًا ما بعد العدوان، ملفتةً إلى أن أكثر ما يحتاجه الأطفال خلال هذه الإجازة، مخيمات تُذهب مخاوفهم، وتصقل معارفهم، وتؤهلهم لاستقبال العام الدراسي الجديد.

والتحق ما يقارب 150 ألف طفل في المخيمات التي نفذتها "أنروا" في مختلف محافظات قطاع غزة ، بينما نفذت وزارة التربية والتعليم مخيمات صيفية استهدفت 120 ألف طالب وطالبة من الصف الأول للصف السادس، "بمعدل يومين لكل طالب" وهذه المدة بمجملها لا تسد حاجة الأطفال بعد المكوث الإجباري في المنزل بسبب الجائحة، وتحت نيران القصف والتشريد.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير