شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م05:06 بتوقيت القدس

أبواها من الصمّ

بأناملها "المتحدثة" غنّت "مريم" لأمها وعلَّمَت لغة الإشارة

16 سبتمبر 2020 - 21:30

رام الله/ شبكة نوى- فلسطينيات:

تستعد مريم أبو رموز (19 عامًا) من وادي الجوز في مدينة القدس المحتلة، للسفر إلى تركيا خلال الأيام القادمة، لإكمال دراستها الجامعية بعد حصولها على منحةٍ دراسيةٍ من إحدى الجامعات التركية، لدراسة تخصص "ترجمة اللغات" بلغة الإشارة للصُّم والبُكم.

منذ طفولتها، تميزت مريم بشغفها بتعلم لغة الإشارة، لا سيما وأن والداها هما من فئة الصم والبكم، حتى أنها كانت إذا جلست مع أحدهما تحادثه بالأنامل استغرب أبناءُ جيلها حدَّ "الفجاجة" حين كانوا يطرحون عليها السؤال: "أتخجلين كونهما كذلك؟".

نالت مريم شهادة مزاولة المهنة في سن السابعة عشر، كأول وأصغر طالبة تحمل بطاقة مترجمة في فلسطين، وعملت بها، وبدأت بتعليم اللغة للراغبين.

نالت مريم شهادة مزاولة المهنة في سن السابعة عشر، كأول وأصغر طالبة تحمل بطاقة مترجمة في فلسطين، وعملت بها، وبدأت بتعليم اللغة للراغبين، وأكملت شغَفَهَا بدراسة النُطق والسمع والترجمة في إحدى الجامعات المقدسية، قبل أن تنال منحة الماجستير التركية.

تقول لـ "نوى": "ما أعطاني دافعًا كبيرًا لتعلم لغة الإشارة ومن ثم تعليمها للناس، أنني عشت وواجهت صعوبات كثيرة جرّاء تعاملهم المختلف مع أهلي".

وتضيف لـ "نوى": "كنتُ طفلةً ورأيت أن الناس غير قادرين على التفاهم مع أبواي، ما دفعني بعمر الرابعة عشر إلى تعلم لغة الإشارة في كليّة المرأة، وآنذاك لم أكن أملك شهادة ثانوية عامة، لكنني دخلتُ وتعلمت ونميت موهبتي حتى استطعت تعلم اللغة وممارستها بعد 3 سنوات، ونجحت في اجتياز امتحان مزاولة المهنة".

وتفتخر مريم بالإنجازات التي حققتها في كل مرحلة، وترى فيها دافعًا لإكمال وتطوير مهاراتها، الأمر الذي دفَعَها لإطلاق مبادرةٍ مجتمعية أسمتها "الأنامل المتحدثة"، التي تسعى من خلالها إلى تعليم جميع الناس لغة الإشارة، عن طريق الدورات في المدارس والجامعات، أو عن طريق مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف دمج ذوي الإعاقة في المجتمع بشكل عام.

بدأت بعمل بسيط حين كانت والدتها مسافرة، فقررت أن تُقدم لها هديةً تعبر فيها عن حبها لها، فقامت بترجمة إحدى الأغاني لها بلغة الإشارة.

وعن فكرة المبادرة، توضح مريم لشبكة "نوى" أنها بدأت بعمل بسيط حين كانت والدتها مسافرة، فقررت أن تُقدم لها هديةً تعبر فيها عن حبها لها، فقامت بترجمة إحدى الأغاني لها بلغة الإشارة، وبعد ذلك تطور الأمر فأصبح الكثير من المعارف يطلبون منها ترجمة أغاني وأناشيد مشابهة إلى لغة الإشارة، ومن ثم بدأت بترجمة بعض القصص الدينية، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتولي مريم اهتمامًا كبيرًا بتطوير مبادرتها، وهي الخطوة التي تحققت حين بدأت بتنظيم دوراتٍ تعليمية بلغة الإشارة، وتنظيم دروس "أونلاين" على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي مهّدَ الطريق للتواصل مع مؤسساتٍ محلية، حيث عملت مترجمةً في المتحف الفلسطيني في "بيرزيت" لخدمة الزوار من فئة الصم والبكم الذين يزورون المتحف.

وتطور عمل مريم في الآونة الأخيرة، حيث بدأت تعمل مع الكثير من المؤسسات والمتاحف، وتعطي المحاضرات في بعض المعاهد والجامعات في القدس.

وتطور عمل مريم في الآونة الأخيرة، حيث بدأت تعمل مع الكثير من المؤسسات والمتاحف، وتعطي المحاضرات في بعض المعاهد والجامعات في القدس.

وتخطط مريم لاستقلالية مبادرتها وتنميتها بشكل شخصي، عن ذلك تقول: "استأجرتُ مكانًا في القدس لتنظيم دوراتٍ تعليمية بلغة الإشارة دون العودة إلى أي مركز، ومنح شهادة باسم مبادرة الأنامل المتحدثة موقعةً باسمي، وذلك في خطوة أولى نحو تأسيس جمعيةٍ للصم والبكم".

تؤكد مريم أن المبادرة حققت نجاحاتٍ في فترة زمنية قصيرة جدًا، واستطاعت أن تستمر في فترة جائحة "كورونا" من خلال توظيف وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: "خلال فترة الحجر الصحي، أنشأت أكثر من 7 مجموعات على تطبيق التواصل الاجتماعي (واتساب) تضم كل مجموعة نحو (40) شخصًا من أجل تعليمهم لغة الإشارة".

وتعتقد مريم أن وعيًا كبيرًا بدأ لدى عامة الناس بلغة الإشارة في الوقت الحالي مقارنةً ببداياتها، "فحينما بدأت كانت الناس لا تعرف ما هي لغة الإشارة والصم، أما اليوم فأجد أن هناك وعيًا مجتمعيًا أكبر بهذه اللغة، وتغييرًا إيجابيًّا تجاه فئة الصم والبكم".

كاريكاتـــــير