شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 17 سبتمبر 2025م13:21 بتوقيت القدس

لا إمكانيات للتشخيص ولا للعلاج..

نزوح.. وأنفاسٌ متقطّعة في مواجهة "وباء مجهول"!

11 سبتمبر 2025 - 10:07

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في خيمة صغيرة نصبتها أم خالد البنا في مواصي خانيونس، جنوبي قطاع غزة، تجلس السيدة الثلاثينية قرب طفلها ذي الثمانية أعوام، وتراقب أنفاسه المتقطعة، وهي تحمل قنينة ماء تحاول برشّ القليل منها تلطيف حرارته المرتفعة.

منذ أسبوعين -وفق الأم- بدأ خالد يشكو سعالًا متواصلًا، وصداعًا قويًا، وإرهاقًا شديدًا منعه حتى من اللعب مع أقرانه في المخيم.

تقول: "في البداية ظنت أن الأمر مجرد رشح موسمي، لكن مع ازدياد الأعراض، لم أعد قادرة على إخفاء خوفي. كل ليلة أشعر أني أفقده، حرارة جسده لا تنخفض رغم كمادات الماء، والطبيب في العيادة قال إنه يحتاج متابعة لا نستطيع توفيرها هنا".

على بعد كيلومترات قليلة من خيمة البنا، تعيش الحاجة أم نبيل، وهي ستينية نازحة تعاني منذ سنوات من الربو. اعتادت أن تسيطر على نوبات ضيق التنفس باستخدام البخاخ، لكن هذه المرة تصف حالتها بأنها مختلفة.

"أشعر أن صدري يطبق عليّ كأنني أغرق في ماء مالح، والسعال لا يتركني لحظة.. أكثر ما يخيفني أن الدواء شارف على النفاد، والمشفى القريب لا يملك مخزونًا كافيًا".

تخبرنا: "منذ أيام، أشعر أن صدري يطبق عليّ كأنني أغرق في ماء مالح، والسعال لا يتركني لحظة"، وتتابع بينما تجلس على بطانية مهترئة فرشتها على أرضية الخيمة: "أكثر ما يخيفني أن الدواء شارف على النفاد، والمشفى القريب لا يملك مخزونًا كافيًا".

وبرغم عدم تصريح معظم الأطباء بوجود شبهات انتشار للمتحور الجديد من فايروس "كورونا" داخل قطاع غزة، لا سيما في مخيمات الإيواء، إلا أن الأعراض التي يتحدث الناس عنها (المشتركة بينهم) تؤكد ذلك.

وقد أشارت تقارير طبية في غزة إلى ظهور أعراض تنفسية واسعة الانتشار تشبه ما كان يُعرف أيام جائحة كورونا: حمى، سعال، تعب عام، إسهال، وآلام مفاصل. إلا أن ضعف الإمكانيات المخبرية يحول دون تحديد ما إذا كان الأمر متحورًا جديدًا من الفايروس، أو أنه مرضٌ تنفسي آخر.

الأطباء يحذرون من أن بيئة النزوح المكتظة، وسوء التغذية، وغياب الرعاية الصحية الأولية تجعل أي وباء محتمل أكثر خطورة.

في مدرسةٍ بدير البلح، وسط قطاع غزة، تحولت منذ بداية الإبادة في أكتوبر/ 2023م إلى مركز إيواء، وداخل صفٍ مكتظٍ بأكثر من 20 إنسانًا من عائلتها، تحاول نسرين (27 عامًا) التقاط أنفاسها.

تقول: "منذ أسبوع أصبت بارتفاع حرارة وسعال حاد، تبعه إسهال شديد. لقد أصبت بكورونا أيام الجائحة، وها هي ذات الأعراض تجتاح جسدي".

كل ما تخشاه الشابة العشرينية، نقل العدوى لوالدها مريض القلب، وتضيف بصوتٍ مرتجف: "أخاف أن أكون أنا السبب إذا تدهورت حالته.. كيف يمكن أن نحميه ونحن نعيش كلنا في غرفة واحدة، نأكل وننام ونسعل معًا؟".

بدوره، أكد الدكتور محمد أبو عفش، مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة، في تصريحات صحفية أن: "الأيام الخمسة الأخيرة شهدت تزايدًا كبيرًا في أعداد المرضى المترددين على المراكز الصحية والمستشفيات".

"يعانون من أعراض مختلفة مثل الرشح، والسعال، وارتفاع الحرارة، والإسهال، وآلام المفاصل.. الشكوك تدور حول وجود فيروس كورونا، لكن التشخيص وحتى العلاج أصبح شبه معدوم".

وقال: "يعانون من أعراض مختلفة مثل الرشح، والسعال، وارتفاع الحرارة، والإسهال، وآلام المفاصل.. الشكوك تدور حول وجود فيروس كورونا، لكن التشخيص وحتى العلاج أصبح شبه معدوم".

وأضاف بقهر: "المستشفيات تعاني من اكتظاظ شديد وعدم توفر محطات لتوليد الأكسجين سوى بأعداد قليلة جدًا"، مناديًا بضرورة إدخال المستلزمات الطبية اللازمة لإنقاذ الحياة في غزة بأسرع وقت ممكن.

بين الخيمة والمدرسة والمخيّم، تكرّر الوجوه المتعبة ذات القصة: أجساد ضعيفة تنهكها الحمى، وأمهات يراقبن أطفالهن بعجز، وشيوخ يلتقطون أنفاسهم بصعوبة، وشباب يختبئون خلف جدران الخوف من نقل المرض إلى أحبّتهم. وفي غياب القدرة على التشخيص أو تقديم العلاج المناسب، تبقى الشبهات قائمة، والقلق يتسع، والناس عالقون في دائرة من الانتظار والترقب، يخشون أن يتحول "المرض الغامض" إلى مأساة جماعية جديدة.

كاريكاتـــــير