شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الاربعاء 22 اكتوبر 2025م03:48 بتوقيت القدس

البعوض تفشّى ولدغاته صارت تسبب مضاعفات..

عدوٌ "لا يُرى" يقضُّ ليل "الخيام" بغزة!

06 يوليو 2025 - 12:23

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

أمضت الشابة ولاء عبد الهادي ليلتها كاملة وهي تحاول التخلّص من أسراب البعوض التي اقتحمت خيمتها وأيقظت صغارها الثلاثة من نومهم، مسببةً لهم حساسية جلدية حادة.

تقول ولاء (20 عامًا): "كل ليلة على هذا الحال، مع حلول الليل يقتحم البعوض خيامنا ويشبعنا قرصًا ولسعًا. ابني محمد (4 سنوات) أصابته حساسية جلدية، ومنذ نزوحنا إلى هنا ونحن نعاني هذا العذاب".

نزحت ولاء وعائلتها من بيتهم في مدينة بيت حانون إلى شمالي القطاع في مارس/ آذار 2025م، لتقيم في خيمة بجوار المجلس التشريعي الفلسطيني غربي مدينة غزة، بعد أن أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح عقب انهيار الهدنة التي لم تصمد شهرين.

توضح ولاء: "كان هنا مكب نفايات عشوائي، نظفنا المكان، لكن أثر القمامة بقي مصدرًا للبعوض. كما أن المكان محاط بالبيوت المدمرة، وهي مصدر آخر للحشرات التي لم نشاهدها من قبل، والقوارض كذلك. لديّ مولودة عمرها أسبوعان فقط، أحاول حمايتها بصعوبة، لكن دون جدوى".

وتخبرنا أنها تقضي كل ليلة هي وزوجها في ملاحقة وقتل البعوض دون وسيلة فعّالة، وتضيف: "في بيتنا كان أي مبيد يؤدي الغرض، أما هنا فلا توجد مبيدات أصلًا".

ويعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من انتشار الحشرات والقوارض، ما انعكس سلبًا على صحتهم، وحرَمهم من النوم نتيجة لسعاتها المؤلمة.

السيدة الأربعينية أزهار قاسم، المقيمة في خيمة قرب مستشفى الشفاء، وسط مدينة غزة، تشكو من نفس المعاناة. تقول: "نقيم مقابل مكبين للنفايات. جربنا أدوية متعددة دون جدوى، استخدمنا الديتول والمعقمات والصابون، ولكن لا فائدة. المشكلة أن مكبات النفايات وتجمعات المياه تختلط بمياه الصرف الصحي".

"مياه الصرف تسير بين الخيام، ما تسبب في تكاثر الذباب، وهو لا يقل أذى عن البعوض. النساء هنا يعانين من حساسية الجلد والإسهال، ولا يملكن القدرة على معالجة هذه الأزمة".

وتضيف: "الأرض غير مهيأة لوجود تجمع بشري، ومياه الصرف تسير بين الخيام، ما تسبب في تكاثر الذباب، وهو لا يقل أذى عن البعوض. النساء هنا يعانين من حساسية الجلد والإسهال، ولا يملكن القدرة على معالجة هذه الأزمة"، منتقدةً غياب أي تدخل من جهات رسمية أو دولية لمعالجة الوضع الصحي والبيئي الكارثي هنا.

تتفق معها الشابة إسلام أبو جراد، النازحة من بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، لكنها تضيف: "عدت في يناير 2025م إلى بيتنا في بيت لاهيا، وفوجئنا بانتشار حشرة البرغش بشكلٍ مرعب".

والبرغش كما تشرح إسلام: "حشرة تشبه البعوض، لكن قرصتها أقوى، وتسبب حساسية وحكة حادة. كان مصدرها في العادة مزارع الدواجن، لكنها هذه المرة خرجت من ركام البيوت المدمرة، حيث تحت الأنقاض نفايات وبقايا طعام وملابس تحوّلت إلى مرتع للحشرات".

ويقول د. سامي أبو طه، استشاري الأمراض الجلدية ورئيس قسم الجلدية في المستشفى الأوروبي: "إن الحرب تسببت في تفشي الحشرات والأمراض الجلدية مثل الثعلبة، والصدفية، وسقوط الشعر لدى الأطفال بسبب سوء التغذية ونقص الفيتامينات".

ويعزو أبو طه انتشار البعوض إلى تكدس القمامة بالأحياء السكنية، مما أدى إلى تفشي الحساسية الجلدية، مؤكدًا أن الأدوية الضرورية غير متوفرة، ما يضطر الأطباء إلى كتابة بدائل محدودة من المضادات الحيوية.

ويحذّر من الاعتقاد بأن الاستحمام بمياه البحر يعالج الحساسية، مؤكدًا أن مياه البحر الملوثة تفاقم المشكلة.

الأدوية الضرورية غير متوفرة، ما يضطر الأطباء إلى كتابة بدائل محدودة من المضادات الحيوية.

الصيدلاني د. قصي سويرجو يوافقه الرأي، ويقول إن "مشكلة الحساسية الناتجة عن البعوض لا تزال قائمة رغم تراجعها عن الشهرين الماضيين. ويوضح أن البعوض يتكاثر في تجمعات المياه، ويترك آثارًا سامة على الجلد، ويؤدي إلى تقرحات وحمى، خصوصًا لدى الأطفال الذين يعانون بشدة في غياب العلاج".

ويؤكد أن من بين كل عشر حالات، ربما تعالج واحدة فقط، فيما تبقى آلاف الحالات الأخرى بلا دواء، خاصة في ظل الحر الشديد، والعيش في الخيام.

المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، بدوره، يقول: "إن مدينة غزة تشهد تفشيًا واسعًا للحشرات والقوارض، مما يهدد الصحة العامة ويزيد معاناة الناس".

ويُرجع السبب إلى تكدّس ما يزيد على 260 ألف طن من النفايات في المكبات العشوائية (مثل فراس واليرموك) والشوارع، نتيجة تعطل خدمات الجمع والنقل بسبب نقص الوقود.

ويشير إلى أن وجود كميات ضخمة من الركام والأنقاض، الأمر الذي وفر بيئة مثالية لتكاثر الحشرات، بالإضافة إلى تدمير شبكات الصرف الصحي، وتسرب المياه العادمة إلى الشوارع، مما يفاقم خطر انتشار الأوبئة.

ويؤكد مهنا أن جهود البلدية في رش المبيدات حول الحاويات محدودة بسبب نقص المواد ومنع الاحتلال إدخال المبيدات والسموم الخاصة، "وهذا أجبرنا على الاعتماد على بدائل ضعيفة لا تتناسب مع حجم المشكلة".

ويختتم بالتحذير من "كارثة صحية وبيئية وشيكة"، ما لم يتم رفع الحصار والسماح بدخول المواد والمعدات اللازمة، وتنفيذ حملات تنظيف وإعادة تأهيل بيئي شامل فور توقف الحرب.

كاريكاتـــــير