شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الاربعاء 22 اكتوبر 2025م03:53 بتوقيت القدس

أسعار بعض المنتجات تضاعفت 500%

مصانع غزة.. اقتصادٌ تحت "الركام"!

29 مايو 2025 - 16:19

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

تجوب المواطنة رويدة أحمد (33 عامًا) البسطات المنتشرة في شارع الرمال غربي مدينة غزة، بحثًا عن بسكويت اشتهته طفلتها.

منذ استئناف الحرب الإسرائيلية على القطاع يوم 18 آذار/ مارس 2025م، لم يدخل البسكويت، وحاجيات الأطفال عمومًا بيت رويدة، "فالمتوفر باهظ الثمن، ونحن نتحدث هنا عن رفاهية في ظل انعدام المنتجات الغذائية اللازمة للاستهلاك اليومي أيضًا" تقول لـ"نوى".

جولة على البسطات المنتشرة في شوارع مدينة غزة، لم تثمر سوى بإيجاد نوعين من الشيبس -وفق رويدة- في ظل غياب تام للمواد الغذائية، باستثناء بعض المعلبات التي تباع بأسعارٍ فلكية على حد وصفها.

"بلغ ثمن كيس السكر (الشوال) ألف دولار، والدقيق ارتفع ثمن الكيس منه بشكل كبير، سعر لتر السولار لا يقل عن 100 شيكل، ونحن نحتاج مع كل وردية إلى 800 لتر".

تتساءل السيدة بصوتٍ شبه يائس، مثل كثيرين في قطاع غزة، عن غياب المنتجات المحلية منذ بدء الحرب الإسرائيلية، ولماذا لم تحاول المصانع والشركات الكبرى توفير المنتجات ولو بالحد الأدنى عبر نقاط تصنيع وبيع بسيطة ومؤقتة.

يجيب محمد التلباني، مالك مصنع العودة: "أوقفنا الإنتاج بنسبة 100%؛ بسبب غياب المواد الخام اللازمة، ونفادها بشكل كامل من مخازن المصنع".

وشرح باستفاضة: "حتى ما يتم توفّره حاليًا سعره مرتفع جدًا، فمثلًا بلغ ثمن كيس السكر (الشوال) ألف دولار، والدقيق ارتفع ثمن الكيس منه بشكل كبير، سعر لتر السولار لا يقل عن 100 شيكل، ونحن نحتاج مع كل وردية إلى 800 لتر"، موضحًا أن العمل بمثل هذه التكاليف الباهظة، يعني رفع السعر النهائي للمنتج ليصبح أعلى من قدرة الناس على الشراء، وهو ما لا يقبله التلباني "بل أفضل التوقف عن العمل على رفع الأسعار".

وتحدث التلباني أن نحو 400 عاملٍ في مصانعه فقدوا عملهم بسبب توقف العمل، مستدركًا: "أولوية الناس الآن البقاء على قيد الحياة، الكل يعيش حالة من الخوف وانعدام الأمان، بالتالي لم نسأل حتى الآن عن حجم خسائرنا بسبب الحرب".

واستذكر التلباني أن مصانعه التي كانت تنتج أنواعًا مختلفة من البسكويت والمنتجات الغذائية، دُمرت خلال الحرب ١٥ سيارة تابعة لها، بالإضافة لخسائر أخرى متعلقة بالماكينات والمباني.

وتابع: "أستعدُّ حاليًا لافتتاح مصنع جديد في عُمان.. هذا يسمى هجرة رأس المال، ولكن لدينا إصرار على العودة بمجرد توقف الحرب".

من جانبه قال الصحفي والمحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر: "إن الاحتلال الإسرائيلي عمل بشكلٍ ممنهج على القضاء على القطاع الصناعي الفلسطيني كونه من أهم القطاعات التنموية، فمنع إدخال المواد الخام على مدار سنوات بحجة ازدواجية الاستخدام، وهذا أدى لإغلاق العديد من المصانع، حتى أصبح يشكّل أقل من 11% من الاقتصاد المحلي".

وتابع: "القطاع الصناعي تراجع خلال الحرب إلى أقل من 2% قبل الإغلاق الأخير في مارس، وحاليًا نتحدث عن توقّف تام"، مردفًا بالقول: "مصانع مثل العودة على سبيل المثال، تحتاج إلى مواد خام غير متوفرة، مثل السكر والشوكولاتة، بالتالي فإن استهداف الصناعة هو جزء من خطة التهجير التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشراكة مع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، فتعزيز الصناعة المحلية يعني تعزيز صمود الناس وخلق فرص عمل".

"في محل حلويات معين، ارتفع سعر السكر من 15 شيكلًا للكيلو إلى 85 شيكلًا، وارتفعت أسعار الوقود كذلك، فارتفع سعر كيلو الحلويات بنسبة 500%".

وتابع: "الشُّح الشديد في المنتجات الموجودة حاليًا مقابل الارتفاع الشديد في أسعار المتوفر منها، له علاقة بارتفاع تكاليف الإنتاج (..) على سبيل المثال، في محل حلويات معين، ارتفع سعر السكر من 15 شيكلًا للكيلو إلى 85 شيكلًا، وارتفعت أسعار الوقود كذلك، فارتفع سعر كيلو الحلويات بنسبة 500%".

وذكر أبو قمر أن الحرب أثرت بشكلٍ كبير على العمال، فجزء من أصحاب المصانع أعلنوا إفلاسهم، وهذا منطقي في ظل ما نعيشه من دمار، وارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 85% خلال الحرب، بعد أن كانت 45% قبلها، "هذه مؤشرات كارثية، فإن نسبة 60% من الأسر كانت قبل الحرب تعتمد على المساعدات، الآن بلغت النسبة 93%".

وشدد أبو قمر على أن الاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى خطة شاملة للتعافي، تبدأ بتعويض أصحاب المصانع، وقبل ذلك ضمانات بوقف الحرب وعدم استهداف المصانع، ثم التحلل من اتفاق "باريس" الاقتصادي، الذي يمنح الاحتلال الحق في جمع الضرائب بدلًا من السلطة الفلسطينية.

ويعقب: "معظم المصانع دُمرت ولم يبقَ الآن سوى ما هو موجود في المنطقة الصناعية شرقي غزة، وهي مناطق لا أخبار عنها حتى الآن في ظل إعادة الاحتلال السيطرة عليها".

كاريكاتـــــير