غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
كان "حمام السمرة"، الذي يقع ضمن منطقة "غزة القديمة" في حي الزيتون، شرقي مدينة غزة، مزارًا لمئات المواطنين والسُيّاح والرحلات المدرسية وحتى المرضى، إذ كان يجمع بين جنباته أصالة التاريخ وعبقه، ويحقق غايات الاستجمام والعلاج لكل من كان يقصده.
في كل ركنٍ بداخله، كانت تتزاحم الحكايا عن تاريخ البلاد وأهلها، وتراثها الذي يرمز إلى أصالة وجذور شعبٍ لطالما حاول الاحتلال على مدار عقودٍ طويلة طمس وجوده، ولم يُفلح.
كان هذا المزار التاريخي، يتمتع بخصوصية تُميزه عن باقي الأماكن في قطاع غزة، قبل أن يتحول إلى "أكوام من الحجارة"، عقب قصفه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في الخامس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2023م، حين صبّ جام غضبه على الحضارة والتاريخ في آنٍ معًا.
ويُعد حمام السمرة ثاني أكبر المعالم الأثرية في قطاع غزة بعد المسجد العمري وأحد أهم المعالم المعمارية العثمانية في فلسطين، حيث يعود تاريخ بناؤه إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ما يعني أن عمره يزيد على (1000) عام.
ظل ذلك المعلم التاريخي متجذرًا في أرض قطاع غزة؛ ليحمل رسالةً إلى كل العالم مفادها "هنا باقون"، وهو ما جعل قلب سليم الوزير الذي يدير الحمام منذ 55 سنة يتعلق به أكثر فأكثر، حتى أنه لا يفارقه رغم تحوله لأكوام من الحجارة.
إلى جانب ركامه، يقضي الرجل ساعات طوال، ويقول لـ"نوى": "كان تحفة فنية ومزارًا لمختلف شرائح المجتمع على مدار العام، وهو ما لم يرُق للاحتلال الذي يحاول دائمًا العبث بكل ما يتعلق بتاريخ فلسطين".
مع بزوغ شمس كل يوم، يتوجه الوزير إلى الحمام ويجلس بجانب أكوام الحجارة المتبقية منه، ويضيف بأسى: "الحمام يُمثل بالنسبة لي الحياة، فلا أستطيع أن أمضي يومي دون أن أزوره، وسيبقى قلبي مُعلقًا به ما كتب الله لي الحياة".
ويُكمل: "شهد الحمام في آخر فترة سبقت الحرب، إقبالًا شديدًا من المواطنين، فأصبح لا يتسع لأعداد الزوار صيفًا وشتاءً، عدا عن أنه أعاد العادات والتقاليد القديمة إلى الواجهة في غزة المحاصرة منذ نحو 18 عامًا".

يتعالى على ألمه ويقول بصوت يملأه الإصرار: "ما زلت أحافظ على الحجارة القديمة من الحمام لحين انتهاء الحرب، وسأعمل جاهدًا على إعادة بنائه من جديد، كما كان سابقًا لتعود له الحياة".
المواطن محمد جبر (45 عاماً) واحدٌ ممن اعتادوا زيارة حمام السمرة بشكل أسبوعي، كونه كان يجد فيه الراحة في ظل حالته الصحية التي تشهد ترديًا بين الفينة والأخرى، كونه يعاني من أمراض جلدية".
تضم منطقة "غزة القديمة"، بالإضافة إلى حمام السمرة، قرابة 280 مبنىً أثري، من بينها 146 بيتًا أثريًا قائمًا، و15 معلمًا، يرجع تواجدها إلى عصر الدولتين المملوكية والعثمانية.
يقول لـ "نوى": "صدمني تدمير الحمام. كنتُ أعتمد عليه أسبوعيًا لأشعر بارتياح جسدي، وألتقي بأصدقائي الذين كانوا يرونه مخرجًا من ضيق الحياة، ومنغصاتها الكثيرة في ظل الحصار والوضع الاقتصادي المتردي داخل قطاع غزة"، معربًا عن أمله في إعادة إعماره قريبًا ضمن أولويات أي اتفاق، حفاظًا على تاريخ فلسطين، ومراكزها الثقافية.
وتضم منطقة "غزة القديمة"، بالإضافة إلى حمام السمرة، قرابة 280 مبنىً أثري، من بينها 146 بيتًا أثريًا قائمًا، و15 معلمًا، يرجع تواجدها إلى عصر الدولتين المملوكية والعثمانية.
























