شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم السبت 01 نوفمبر 2025م16:09 بتوقيت القدس

جريمة جديدة يرتكبها تجار الحرب..

طحينٌ مخلوط بالرمل يكسر فرحة الجوعى برغيفٍ ساخن!

24 نوفمبر 2024 - 17:03

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

أطل عدي السعودي برأسه داخل خيمته مبتسمًا ليفاجئ أطفاله الجوعى بخبر سار، قائلًا: "إجاكم الطحين يا أولادي الحلوين"، لتعم الفرحة أرجاء الخيمة.

تنفس الرجل الصعداء وهو يزيل عن كاهله هم توفير الطحين المفقود من الأسواق لأسرته، وصار يخبر زوجته بمغامرته حتى حصل على هذا الكيس الذي يزن 25 كيلو جرامًا بثمن 200 شيقل، وهو نصف سعر شرائه الذي وصل إلى 400 شيقل خلال هذه المجاعة التي تفرضها دولة الاحتلال على قطاع غزة.

في أجواء احتفالية فتح الزوجان الكيس وسارعت الزوجة بجلب أدوات العجين، وانشغل السعودي في تجهيز وإشعال فرن الطين من أجل إنضاج الخبز، ومن حوله أطفاله يلهون بسعادة غامرة، فبعد دقائق عديدة سيسدلون الستار عن جوعهم، وستمتلئ بطونهم بالطعام.

بعد مشقة عمل انتهى السعودي وزوجته من تجهيز الخبز، ولم يتبقَّ سوى تناوله وتغميسه بما يتوفّر لديهم من الدقة أو الزعتر. ابتسم الجميع ابتسامة المنتصر وكأنهم وصلوا إلى خط النهاية في سباق خاضوه، لتصل العائلة إلى الصدمة الكبرى مع أول قضمة لرغيف خبز.

لقد كان صوت اصطكاك حبيبات الرمال واضحًا بين أسنان السعودي وأفراد عائلته، لم تمض ثوان قليلة حتى اكتشف الرجل أنه ابتاع طحينًا مغشوشًا مخلوطًا بالرمال. "لقد فعلها تجار الحرب لتسويق الطحين، وتحقيق المكاسب المالية مستغلين جوع الأطفال النازحين" يقول لـ"نوى".

ويضيف: "لقد أصبت بصدمة كبيرة، وأصيبت زوجتي وأطفالي بخيبة أمل رهيبة، ولا زلت غير مصدق لما حصل معي"، متسائلًا: "هل وصل الحال بأولئك التجار لأن يخلطوا الرمل بالطحين؟ أن يفسدوا النعمة لأجل زيادة المكسب على حساب جوع النازحين وآمالهم؟ إلى أين سيصل بنا هؤلاء التجار الذين لا يردعهم رادع؟".

ويفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي، سياسة تجويع قاسية في قطاع غزة، إذ يمنع إدخال المساعدات والبضائع بشكل كاف، بذريعة "محاربة مصادر دخل حركة حماس".

ولأجل تجنّب الضغط الدولي الذي يطالب دولة الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، تسمح (إسرائيل) بين الفينة والأخرى بإدخال شاحنات الطحين لجنوبي القطاع، ولكنّها في ذات الوقت -حسب تقارير مراقبين- تدفع عصابات من قطاع الطرق الذين يتعاونون معها؛ لسرقتها خلال مرورها بمسارات معينة داخل القطاع، مع توفير الحماية لهذه العصابات.

وتحاول لجان الحماية الشعبية المُشكّلة من عناصر أمنية وأفراد من العشائر والعائلات، التصدي لهذه العصابات المحمية من جيش الاحتلال، وأفاد عبد العزيز بركة وهو أحد أعيان مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لموقع "نوى" بوجود جهود عشائرية لمحاربة عصابات سرقة المساعدات، وبعض التجار الذين يستغلون الحرب والمجاعة لتحقيق الأرباح.

وقال بركة: "هناك حالة فوضى عارمة خلفتها الحرب في القطاع، وتتعمد دولة الاحتلال ترسيخها من خلال استهداف أي عناصر أمنية تعمل على ملاحقة الفلتان وتحقيق الأمن، وتوفير الحماية للعصابات وقطاع الطرق من جهة أخرى".

وأشار إلى أن لجان الحماية العشائرية "قرروا استخدام القوة القصوى في محاربة هذه الحالة، وهذا يعني اللجوء إلى خيارات أبعد من الاعتقال والملاحقة، لتشمل إطلاق النار على أفراد هذه العصابات وتحييدهم".

وأضاف: "من طاوعه ضميره على خلط الطحين بالرمل من أجل تحقيق الربح مستغلًا حالة شح الطحين من الأسواق، هو خائن لوطنه ودينه ولشعبه، ويستحق أشد العقوبات".

على المستوى الصحي، حذر الطبيب العام في عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" الأممية، حسام أبو قمر، من أن استهلاك الطحين المغشوش والمخلوط بالرمل، يشكل خطرًا صحيًا على الجسم، وخاصةً على الجهاز الهضمي.

وقال أبو قمر لـ"نوى": "من أبرز الأضرار التي يمكن أن يسببها الطحين المخلوط بالرمل، تهيج المعدة والأمعاء، إذ أن الرمل مادة خشنة وغير قابلة للهضم، وقد يسبب خدوشًا أو تهيجًا في بطانة المعدة والأمعاء".

وأشار إلى أن تناول كميات كبيرة من الطحين المغشوش بالرمل، قد يؤدي إلى انسداد معوي بسبب تراكم الرمل في القناة الهضمية، ومن ثم التسبب بحدوث إسهال أو إمساك.

"عند مضغ الطحين المغشوش، يمكن أن يسبب الرمل تآكل مينا الأسنان، مما يؤدي إلى حساسية وألم في الأسنان".

ومن بين أضرار تناول الطحين المخلوط مع الرمل، تآكل الأسنان، "فعند مضغ الطحين المغشوش، يمكن أن يسبب الرمل تآكل مينا الأسنان، مما يؤدي إلى حساسية وألم في الأسنان" بحسب أبو قمر.

وأضاف: "الرمل غالبًا يحتوي على شوائب أو بكتيريا ضارة قد تسبب تسممًا غذائيًا، وأعراض مثل الغثيان والقيء، كما أن استهلاك الرمل على المدى الطويل قد يؤدي إلى تراكم جسيمات دقيقة في الكلى، مما يزيد من خطر تكون الحصى أو تلف الكلى".

كاريكاتـــــير