شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 27 ابريل 2024م13:02 بتوقيت القدس

جريحًا.. أسيرًا.. شهيدًا

هبّ "محمد" لنصرة جنين.. فعاد في كفن!

09 يوليو 2023 - 11:25

رام الله:

لم تنطفئ نار العدوان على جنين بعد. هناك بركان حزن في قلب أم الشهيد محمد عماد حسنين، الذي ارتقى برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الثالث من الشهر الجاري، عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة بالضفة الغربية.

بدت السيدة مثل سنديانة باسقة بين جموع المعزّين، تمتمت أمام كاميرات الإعلام بقوة: "الله يسهّل عليك يما، عشت شجاع ومتت شهيد مثل ما كنت تتمنى"، ثم بدأت تروي كيف عاش ابنها (21 عامًا) جريحًا، وكيف جرّب خلال سنوات عمره القصيرة وجع الاعتقال، ثم كيف ارتقى في النهاية شهيدًا، خلال مشاركته في مسيرةٍ عفوية، انطلقت نصرة لمدينة جنين التي كانت تتعرض لعدوان إسرائيلي غاشم.

قالت وهي تحاول كبح دموعها التي خانتها في النهاية: "محمد كان رغم ظروف إصابته وإعاقته صلبًا شهمًا شجاعًا، استحق الشهادة التي تمناها، ونالها".

في تفاصيل ما جرى كانت مدينة جنين ومخيمها بطلة الحكاية، عندما واجهت عدوانًا هو الأشرس منذ عام 2002م وفق تقديرات المحللين، بدأ فجر الثالث من يوليو الجاري، بتفجير منزلٍ واستشهاد شاب، ثم اقتحام للمخيم بنحو 150 آلية عسكرية، وحصار، وسط قصف وتجريف وتدمير تخلله جرائم قتل، ضمن عمليةٍ أطلق عليها الاحتلال اسم "بيت وحديقة".

مدينة رام الله والبيرة، انتفضت بعيد بدء العدوان نصرة لجنين، فهبّ الناس في مسيرةٍ عفويةٍ جابت شوارع المدينة وصولًا إلى المدخل الشمالي للبيرة قرب ما يسمى حاجز "بيت ايل" الإسرائيلي.

ومحمد هبّ كما غيره، من المتواجدين هناك لنصرة المخيم المشتعل بنيران العدو. ركب سيارته يجرّ ساقه التي تعاني الإعاقة بفعل إصابةٍ سابقةٍ برصاص الاحتلال، ووصل الحاجز ليُعلي صوته بالتكبيرات والهتافات الرافضة للعدوان.

"تلقى الرصاصة في رأسه مباشرة"، تقول والدته وهي تشير إلى صدغ رأسها، وتكمل: "في هذه المنطقة تمامًا، أليست هذه عملية إعدامٍ بدمٍ بارد؟"، تتساءل بمرارة بينما تردد: "مش بس محمد ابني كل أبناء الوطن أبنائي، كل شهيد يرتقي أشعر أنه ابني".

بالدمّوع قبلت والدة محمد جبين ابنها المعصوب بالضمادات الطبية، وتبعتها شقيقاته الصغيرات. كانوا تسعة أبناء والآن باتوا سبعة، فقبل أربعة شهور فقط ودّعت العائلة شقيقة محمد التي توفيت إثر مرضٍ عضال، وقد دفنوه إلى جوارها.

والد محمد الذي جاهد ليبدو متماسكًا، خانته الدموع وهو يقول: "كان يقف إلى جوار سيارته ولما بدأ إطلاق النار فرّ الجميع، محمد لديه إعاقة ولم يتمكن من الهرب فقنصوه في رأسه، وقتلوه".

ويتابع: "ودّعتُهُ اليوم شهيدًا، ومن قبله شقيقته، وقبلهما أمي، وابن عمهم. هذا نصيبي، ولا أملك سوى الرضا".

ينحدر محمد من أسرةٍ فلسطينيةٍ كانت تعيش في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، إلا أنه انتقل برفقتها إلى مدينة البيرة قبل سنواتٍ عديدة. في عام 2016 أصيب برصاص الاحتلال في ساقه، وفي عام 2019م، تعرض لإصابةٍ أخرى في المكان ذاته تسببت بشلل كامل في القدم، تبعه اعتقال لمدة ستة أشهر.

تقول والدته: "خرج من سجون الاحتلال بكفالة، ومنذ ذلك الحين يخضع لعلاجٍ طويل الأمد". لطالما تمنّت والدة الشاب الذي يدرس في المدرسة الهاشمية بالبيرة، أن ترى ابنها وقد تشافى من إعاقته. كانت حالته قاربت على التحسن، لكن للاحتلال على الدوام رأي آخر.

الآلاف من سكّان رام الله والبيرة خرجوا لتشييع محمد، ورددوا الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال، والمشيدة بخصال الشهيد محمد وصبره على الإصابة وصموده في السجن، مؤكدين أنهم سيواصلون درب المقاومة حتى نيل الحرية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير