شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاحد 19 مايو 2024م06:16 بتوقيت القدس

غزّيون يواجهون البطالة وتغيّر المناخ بالسلاح الأخضر

27 مارس 2023 - 12:32

خانيونس- نوى :

يجوب الأربعيني أكرم العمو صباح كل يوم الأماكن العامة في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، بحثًا عن الأوراق والكرتون الزائد الملقى في النفايات، ثم يعمد إلى جمعه وطحنه في ماكينة خاصة تمهيدًا لإعادة تدويره.

أكرم هو واحد من الشبان الذين انخرطوا مؤخرًا في مهن إعادة تدوير النفايات بمختلف أشكالها، كأحد أنشطة المشروعات الصغيرة، التي تسهم في معالجة مشكلة البطالة المتفشية في قطاع غزة حتى تجاوزت 54%، وتضع بصمة في جهود الأنشطة والمشاريع الصديقة للبيئة، التي تساهم في التخفيف من آثار التغيّر المناخي.

وتتوزع هذه المبادرات والمشاريع ما بين إعادة تدوير الورق والبلاستيك والزجاج، التي وجدوا فيها بديلًا بيئيًا صحيًا، عوضًا عن إلقائها في مكبات النفايات، أو حرقها بما يضر صحة المواطنين، أو دفنها في التربة.

يمارس أكرم مهنة إعادة تدوير الورق داخل إحدى المصانع المخصصة لإعادة تدوير الورق في جنوب قطاع غزة مدينة خانيونس، حيث يعتمد على آليات جمع النفايات الورقية من مصادر متنوعة مثل (المؤسسات التعليمية بغزة، والبنوك، ومؤسسات المجتمع المدني) سواء كانت كتبًا ورقية، أو قرطاسية.

ويسهم الأربعيني في تخليص البيئة من قرابة 300 إلى 400 كيلوغرام من النفايات الورقية يوميًا، منتجًا ما يقارب 3 آلاف كرتونة من البيض، بعد إعادة تدويرها، تباع لأصحاب مزارع الدجاج.

يقول أكرم: "أعمل يوميًا قرابة 8 ساعات في جمع الورق وفرزه حسب نوعه، ثم أضعه في آلة طحن خاصة به، أصبّ عليه الماء فيصبح قطعًا صغيرة سائلة، ثم أصبّه في قوالب مخصصة على شكل كراتين بيض، وأنتظر حتى تجمد وتصبح متماسكة، أبيعها بما يحقق فائدة اقتصادية، ويقلل نسبة التلوث بدل حرقها وملئ الجو بالغازات السامة".

ولا تقتصر مشاريع إعادة التدوير لتحقيق تنمية اقتصادية خضراء مستدامة حصرًا على نفايات الورق، فهناك أيضًا المخلّفات البلاستيكية التي تحتاج إلى مشاريع إعادة تدوير لتخليص البيئة منها بطريقة سليمة.

تمامًا، هذا ما تعمل عليه ولاء أبو طير، من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، وتحت عنوان "إيكو بلس غزة"، اختارتْ الشابة أن يكون لها مشروعها البيئي الخاص، متمردة على الظروف الاقتصادية الصعبة، عوضًا عن الاصطفاف في طوابير البطالة.

تعمل ولاء في ورشتها الخضراء بحرص على فرز كميات من النفايات البلاستيكية بأنواعها، ثم جرشها في ماكينة جرش خاصة، لتكون جاهزة للاستخدام مرة أخرى بطريقة آمنة بيئيًا، وتحقق دخلًا جيدًا.

تقول ولاء لـ"نوى": "تخرجت منذ عدة سنوات ولم أحصل على عمل، فقررت خوض تدريبات تناسب احتياجات البلد، فوجدتُ فكرة إعادة تدوير النفايات مناسبة جدًا، نظرًا لأن القطاع يعاني من تراكمها بشكل كبير ومؤذٍ للمواطنين والبيئة، فقلت لنفسي لماذا لا نتخلص منها بأسلوب مفيد؟".

عن طبيعة عملها توضح: "نجمع النفايات البلاستيكية من عدة مصادر، أولها شراءها من ربّات البيوت اللواتي يعانين وضعًا صعبًا بمبلغ رمزي، وثانيها الحصول عليها من جامعي النفايات البلاستيكية، ثم وضعها في أكياس، وبيعها لأصحاب المصانع كمواد خام تدخل في صناعات متنوعة، مثل خراطيم المياه والكراسي، والإمدادات الكهربائية".

ووفق إحصاءات صادرة عن بلدية غزة، فإن كمية النفايات التي يتم جمعها سنويًا من المدينة تبلغ نحو 800 ألف متر مكعب، بمعدل 700 طن يوميًا، وبواقع 1 كيلو جرام للفرد الواحد، حيث يبلغ عدد سكان المدينة نحو 700 ألف نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 56 كيلو متر مربع.

من جانبه يقول رئيس المعهد الوطني للتنمية والبيئة د.أحمد حلس: "هناك كميات كبيرة من النفايات المتراكمة في أحياء قطاع غزة، تضر بالبيئة وتحرم المواطن من حقه في وجود مساحات آمنة"، مؤكدًا أهمية الدور الذي تؤديه مشاريع إعادة تدوير تلك النفايات بأنواعها.

وقال حلس: "إن مشاريع إعادة تدوير النفايات ستساهم في الحد من مشكلة وخطورة التغير المناخي، والانبعاثات السامة التي تزيد من الانحباس الحراري، فيما لو تم حرق النفايات عبر المكبات وسط الأحياء السكنية، والحد من استهلاك الطاقة".

وبيّن أن مشاريع إعادة التدوير، سواءً كانت فردية أو جماعية، هي جزء من حلٍ لمشاكل البيئة، وخلق فرص استثمارية، ومصدر رزق للمتعطلين عن العمل، كما أنها تقلل من التكاليف الإنتاجية لإنتاج بعض المنتجات البديلة مكان المنتجات الخام.

وأكد أنه لابد من دمج ثقافة إعادة التدوير في كافة المشاريع الصناعية والقومية، وإدراجها ضمن الخطط الوطنية والمؤسساتية لمحاربة التغير المناخي؛ ليتم استثمارها وتطبيقها بأفضل صورة ممكنة كي تتحقيق أهدافها المنشودة.

صــــــــــورة