شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م04:05 بتوقيت القدس

"تحريش" النّقب.. "الكينيا" لخنق الحيّز

26 يناير 2023 - 10:39

النقب :

حالةٌ من الخوف والترقّب يعيشها سكّان منطقة وادي عتير في النقب المحتل، خشية هدم جرافات الاحتلال الإسرائيلي وتجريفها، لغرض "تحريش" الأراضي المحيطة بالمنطقة.

بدأت القصة عندما اقتحمت قوات الاحتلال، وعناصر مما يسمى "الصندوق القومي اليهودي"، قبل أربعة أيام، أراضي النقب، وقامت بعمليات تجريف تمهيدًا لسلب هذه الأراضي، حيث حرّشت خلال العامين الماضيين ما يقارب 5000 دونم من أراضي النقب.

ويعاني آلاف المواطنين الفلسطينيين في النقب المحتل جنوب فلسطين، من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة عليهم، وآخرها "التحريش"، الذي يقضي بتجريف الأراضي، وزراعة أشجار غير مثمرة مكانها.

ورغم أن الزراعة يفترض أن تكون ظاهرة بيئية صحية، لكنها على العكس تمامًا هنا! يقول سليم أبو القيعان، أحد سكّان المنطقة: "سلطات الاحتلال جرّفت وحرّشت بين 50 و60 دونمًا، عمر أشجارها يزيد على الخمسين عامًا".

ويوضح أنها (سلطات الاحتلال) خدعت عشيرة أبو القيعان في ستينيات القرن الماضي، حين بدأت عمليات التحريش، وادعت أن هذه الأشجار ستكون مراعٍ للأغنام، ومتنزّهات، ولكن سرعان ما منعتهم دخولها مع بداية السبعينات.

وتابع أبو القيعان في فيديو بثّه موقع الجرمق من الداخل المحتل: "هذه العمليات كان هدفها سلب الأراضي التي يملكها الفلسطينيون. حتى أعضاء الكنيست، يصلون إلى موقعهم على حساب البدو، وكلٌ منهم يريد أن يثبت مكانه من خلال مواصلة التحريش".

ولا يجد سكان النقب بُدًّا من مواصلة الصمود لحماية أراضيهم -وفق أبو القيعان- إذ لم يعد لديهم الكثير من الأراضي، فهم يعيشون في واقعٍ سيّء، وسلطات الاحتلال تضيّق عليهم أكثر.

وتبلغ مساحة النقب 14 ألفًا و230 كيلو مترًا مربعًا، أي أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية، البالغة 27 ألف كيلومترًا مربعًا و9 كيلو مترات، بينما يعيش البدو على مساحةٍ تصل إلى 4 ملايين دونم، تقلصت الآن إلى نحو 300 ألف فقط، بعد احتلال فلسطين، وإقامة المدن والقرى التي يسكنها إسرائيليون.

عطية الأعسم، رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب قال لـ"نوى" :"عمليات التحريش توقفت قبل عام بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية، لكنها عادت إلى الواجهة من جديد، وسيبدأون التجريف يوم الأحد المقبل".

وأكد أن هدف عمليات التحريش مصادرة المزيد من أراضي البدو في النقب، وتضييق الحيز المكاني على القرى الفلسطينية، من خلال ما يسمى الصندوق القومي اليهودي الذي تأسس قبل نكبة 1948 بسنوات، وفيه يتم تجريف أراضٍ وتسويتها والاستيلاء عليها لصالح الصندوق، وحرمان الفلسطينيين منها.

ويقوم الاحتلال بزراعة أشجار أشهرها الكينيا، أي لا يستفيد منها الإنسان، وليست حتى مرعى للحيوان، "لأن الهدف التضييق على الناس".

ومنذ أكثر من عشرين عامًا بدأ الاحتلال بعملية الاستيلاء على الأراضي ومصادرتها، وسبقها الاستيلاء على أراضي فلسطينيين بوضع اليد عليها، تحت ما يسمى "أملاك الغائبين"، بينما هي ملك لمواطنين فلسطينيين تم طردهم بعد النكبة.

وحذّر الأعسم من أن الفلسطينيين في المستقبل، لن يجدوا أراضٍ للتوسيع بسبب سياسة التحريش التي تترافق عادةً مع مواجهاتٍ بين قوات الاحتلال والفلسطينيين، وحملة اعتقالات، مشيرًا إلى أن أهالي النقب يدافعون عن المنطقة وحدهم، سوى من دعمٍ معنوي.

ويستدرك: "لكن أعضاء الكنيست الإسرائيليين يقفون خلف حكومتهم ضد الفلسطينيين، مع صعود اليمين الفاشي الذي يريد تنفيذ هذه الأجندة، ويعدّون أن الأرض ليست للعرب".

من جانبه قال جمعة الزبارقة رئيس لجنة التوجيه لعرب النقب: "التحريش ليس مشروعًا جديدًا، فهو قائم منذ زمن، ونحن نتحدث عن التضييق على العرب في الحيز الذي تم تضييقه إلى 3% فقط من مساحة النقب، ومع التطور مستقبلًا، لن يجد الفلسطينيون البدو مكانًا للتوسع فيه".

وتابع الزبارقة: "التحريش وسيلة بحدّ ذاته وهو وسيلة لسلب الأرض ونهب حقوق الفلسطينيون، لكن نحن نعيش في وطننا ولم نأت من الخارج. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، حدثت محاولات التحريش في السعوة وكان هبّة الفلسطينيين التي استطاعت إيقاف كل هذا"، مؤكدًا استمرار صمود أهالي النقب، "فليس هناك خيارات غير ذلك، فإفشال المخطط الاحتلالي يحتاج إلى النفس الطويل".

وتأتي عمليات التحريش الجديدة بعد عام شهد جولات من المواجهات بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمواطنين الفلسطينيين، كان أشدّها حين حاولت تجريف منطقة السعوة.

وتقول الناشطة عدن الحجوج وهي تشير إلى أراضي السعوة: "لدينا هنا مقبرة عمرها أكثر من 400 عام، دُفنت فيها أجيال. نحن هنا من قبل إعلان ما يسمى بدولة إسرائيل".

وأضافت: "قبل عام، دافع النقب عن حقوقه، وقاومنا خطط الفصل العنصري لهدم المنازل والغسيل الأخضر لصحرائنا. النقب ملكنا وسيظل ملكنا".

وتابعت: "الاحتلال يواصل محاولات الاستيلاء على الأراضي، وتضييق الحيّز وهدم البيوت المصادرة. نضالُنا لم ينتهِ بعد، فالمقاومة داخل قلوب الفلسطينيين لها أشكال عدّة، وطالما بقينا يدًا واحدة سنحرر فلسطين كاملة".

وكانت الناشطة هدى أبو عبيد صرحت في وقت سابق لـ"نوى": "إن الفلسطينيين في النقب يعيشون واقعًا صعبًا من الإهمال والتهميش الذي تفرضه سلطات الاحتلال عليهم".

وتعدّ رهط أكبر مدينة فلسطينية في النقب، يليها 11 قرية تم الاعتراف بها وتمثلها مجالس إقليمية، فيما بقيت 35 قرية لا تعترف بها سلطات الاحتلال، وهي غير موجودة على الخريطة، ومحرومة من كل الخدمات، "وبالتالي تتعامل حكومة الاحتلال مع سكانها على أنهم غير موجودين".

وتستطرد هدى في شرح معاناة أهل تلك القرى فتقول: "يستعين الناس بالطاقة الشمسية للحصول على الكهرباء، ويعتمدون سياراتهم الشخصية للتنقل، أو على بعض البدائل، في ظل عدم وجود شبكة مواصلات، لكن لا يوجد أي عيادة أو مركز صحي فيها، ويعاني الناس بشدة من أجل الحصول على خدمات صحية، خاصة في أوضاعٍ مثل الجائحة، حيث لم يكن هناك أي رعاية للناس".

وتضيف: "إن المجتمع البدوي هو الأفقر في الداخل المحتل، فالناس كانوا قبل النكبة يعملون في الزراعة، والآن لا يوجد أي بنية اقتصادية لديهم".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير