شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 19 مارس 2024م10:27 بتوقيت القدس

للفنان عساف الخرطي..

مجسّمات حديدية تصوّر "حصار غزة".. وللصدأ دلالة

19 يناير 2023 - 12:07

شبكة نوى، فلسطينيات: إنها محاولةٌ لرسم الحياة في غزة بشكلٍ مختلف، "فمن يدري؟ لعل هذه الخردة تلفت انتباه العالم الصامت نحونا" يقول الفنان التشكيلي عساف الخرطي لـ"نوى".

أن تقف أمام عشرات القطع الحديدية من براغي، وتروس، وجنازير، ومسامير، وكماشات، وزرّاديات، لتختار أنسبها للوحةٍ أو مجسمٍ سينطق برسائل المحاصرين هنا، أمر ليس بالهيّن! "تشكل مجسمًا واضح المعالم، لكنها تخلف في داخل من يراها ألف سؤالٍ وسؤال" يضيف.

نحتٌ من نوع مختلف، يعتمد على مخلفات الحديد، ربما لا يبدو مألوفًا في قطاع غزة، لكنه شكّل محطة انطلاقٍ للفنان الخرطي (28 سنة)، الذي وجد فيه مبتغاه، وأشعل في قلبه الشغف لدرجة البحث في الشوارع عن كل قطعة حديد صدئة يمكن أن يوظفها في مشروعه.

تخرج الخرطي من قسم إدارة الأعمال، لكنه ومنذ طفولته انجذب للفن والرسم، متأثرًا بعمه الذي استشهد بينما كان هو طفل في السابعة، "والذي كان فنانًا تشكيليًا آنذاك".

يخبر "نوى"، بأنه كان طوال الوقت يتقفّى دورات وورشات الفنون التشكيلية، "وفي إحدى المرات، تناول المدرب موضوع النحت، وتحدث عن أحد أهم أنواعه وهو النحت بالحديد".

يكمل مبتسمًا: "وجدتني أميل إلى هذا النوع، لا سيما وأنني أقطن في منطقة المغراقة ذات الطبيعة القروية، حيث لا يخلو أي منزل فيها من صندوق عِدة" (أدوات التصليح اللازمة في كل بيت). ومن هنا كانت نقطة الانطلاق.

خطوات عديدة ينفذها عساف حتى يصبح المجسم جاهزًا للعرض، بدءًا من اختيار الفكرة، مرورًا برسمها على سكتش ورقي، ليبدأ بعدها عملية البحث وتجميع الحديد التالف، الذي يتناسب مع الشكل الذي ينوي تنفيذه. يعقب: "أول عمل فني بصري جهّزته بنحت الحديد، كان رأس حصان، شكَّلتُه بفانوسٍ قديم، وبعض قطع الحديد الصدئة، التي استطعتُ توظيفها بطريقةٍ ما لتقريب الشكل أكثر، وإعطاء الدلالة والمفهوم".

يتخيل عساف كل قطعةٍ يمسكها بيده، ويرسم لها مكانًا في خياله. هل ستنفع أم لا؟ "الأمر ليس بهذه السهولة، فأنا أجمع كل أنواع وأشكال الحديد التالف، وأقف أمام آلافٍ مؤلفة من القطع لأختار أنسبها للمجسم الجديد" يزيد.

آخر مشروع للفنان الشاب، حمل اسم (الهيكل)، في إشارةٍ لواقع وحال الشباب في قطاع غزة، بعد 16 عامًا من الحصار. عنه يشرح: "أردتُ تطويع الأدوات الحديدية لتجسيد واقع الشباب في ظل الحصار والانقسام، فجاء الهيكل الذي استخدمت فيه الكثير من البراغي والتُّروس. أردتُ أن أقول إننا بحاجة لإعادة تدوير واقع الشباب كما نعيد تدوير الحديد، وفي هذا المشروع تعمدت أن أترك الصدأ على الحديد، كنايةً عن طول المعاناة التي يعانيها الشباب في قطاع غزة".

ويكمل: "أميل لعرض قضايا الشباب عبر مشاريعي النحتية، فقد ناقشت قضية هجرة الشباب عبر مشروع شنطة سفر، وبالطبع كانت ثقيلةً جدًا كونها من الحديد. الحقائب الحقيقية للمهاجرين تشبهها تمامًا، ثقيلة بأعباء وهموم وأحلام الشباب، مكتظة بانكساراتهم وآمالهم الضائعة في الوطن المنقسم على نفسه".

عساف اليوم أحد أهم الزبائن في أسواق بيع الخردة، ينتقي ما يلزمه من أدوات وقطع حديدية يمكنه توظيفها في أعماله الفنية، "وهي مهمة ليست سهلة بالمطلق، فلكل قطعة دلالة وتعطي قوة للفكرة المطروحة"، ويتابع: "أؤمن بأهمية استخدام مخلفات البيئة في الفنون المعاصرة، فأن تتحول الخردة على يد فنان لمجسمات فنية تحمل فكرة ودلالة، أمر يعني أن الإنسان قادر على أن يصنع كل شيء من اللا شيء".

يستعين عساف بحداد يساعده في تطويع القطع الحديدية، وإجراء عملية لحامٍ لها أحيانًا حتى تخرج بالشكلا المناسب، ثم تأتي بعد ذلك عملية تنظيف الحديد وطلائه بمادة تثبت الصدأ.

هذه المجسمات الحديدية تحكي عن غزة، لكنها لا تستطيع أن تغادرها -والحديث له- ذلك نظرًا لثقل المجسمات، مضيفًا: "كان من المفترض أن أشارك في معرض في القدس، لكنني لم أتمكن من الوصول إلى هناك، وشاركت فقط صور عن أعمالي".

يتمنى عساف أن يتمكن مستقبلًا من المشاركة بمعارض خارجية، ويؤمن بأن الفنون البصرية المعاصرة -التي يعمل على ترسيخ وجودها في فلسطين- من أهم الفنون القادرة على خلق التساؤلات، والتفسيرات، والتحليلات المختلفة، "وهو ما يمكن من خلاله خدمة القضية الفلسطينية، بفتح الباب أمام الفهم العربي والعالمي للحقوق الفلسطينية المسلوبة".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير