شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 19 مارس 2024م09:37 بتوقيت القدس

منال الكحلوت تقاوم على جبهة الفن بالريشة والألوان

16 نوفمبر 2022 - 12:32

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة- أحلام حماد:

يُنسب للفنان الأسباني الشهير بابلو بيكاسو مقولة أن "كل طفل فنان.. المشكلة هي كيف يظل فنانًا عندما يكبر".. أدركتها منال الكحلوت مبكرًا، فقد كانت منذ طفولتها تنجذب إلى الرسم، تتأمل كل ما تقع عيناها عليه من لوحات وكتب وأغلفة مجلات وحتى قصص الأطفال.

كبرت الطفلة منال، وتدريجيًا كان هذا الانجذاب يتحوّل إلى ممارسة، فقد اكتشفت حبها للرسم منذ الطفولة، ولما كبرت أصبحت أكثر شغفًا للاطلاع على لوحات عالمية، وبداخلها يتردد صوت: "بإمكانك أن تصبحي رسامة.. وربما يمسك طفل ما لوحة من لوحاتك ويكبر الشغف بداخله".

تقول منال "32 عامًا" لـ "نوى": "أجد نفسي وأعبر عما يجول في خاطري، وما يجري من حولي من أحداث ومواقف من خلال الفن والرسم".

منذ نعومة أظفارها بدأت حكاية عشق ربطت منال بالرسم، لم تكن البداية ممارسة، وإنما "غرام عيون"، فكانت أي لوحة مرسومة تسرق نظرها، تتأملها بشغف، ومع مرور الأيام أصبحت تعيد رسم اللوحات التي تعجبها، وفي كل مرة يعاودها شعور مفعم بالثقة واليقين: "سأنجز لوحة عظيمة يومًا ما"، والحديث لمنال.

وتابعت سرد حكايتها: "كنت ألاحظ التطور في كل لوحة عن سابقتها، واجتهدت بالرسم بواسطة أقلام الرصاص ودرجاته وأيضًا الفحم، وفي العام 2012 حصلت على فرصة عمل كمدربة فنون جميلة وأشغال يدوية في مركز حرفة في القصيم (بالسعودية)، ومن ثم مارست الرسم في خامات مختلفة منها السوفت باستيل، والألوان الزيتية".

ولتطوير موهبتها بالرسم وممارستها، ركزت منال -حسبما تقول- على أربع نقاط رئيسية، وهي: الرسم المنظور ومفاهيمه، ومنظور إسقاط الظل من وعلى العناصر الناتجة من مصادر الانارة أي (الإضاءة والتظليل)، ودراسة مفهوم التشريح، والتركيز أن تكون اللوحة هادفة.

ورغم ذلك، لا ترى منال أنها وصلت إلى مبتغاها، وتقول: "مع كل ذلك ما زلت أسعى لتطوير أعمالي الفنية سواء أكانت رسمًا أو نحتًا أو تصميم جرافيك أو كاريكاتير"، وكما في بداية حكايتها مع الرسم عندما وجدت الدعم والتشجيع من أسرتها ومن حولها من أصدقاء ومعارف، فإن لوحاتها التي تنشرها على منصات التواصل الاجتماعي، وتتسع يومًا بعد يوم دائرة المعجبين والداعمين لها بالاستمرار في الرسم، خاصة تلك اللوحات التي تعكس الواقع، والمرتبطة بفضح الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.

يغلب على لوحات منال هذا الطابع المقاوم، الذي يفضح الاحتلال وجرائمه من جهة، ويمجد الشهداء والأسرى من جهة ثانية، وتقول: "كم من شهيد ارتقى في مجزرة؟ وكم من أسير بالعزلة؟ هؤلاء هم أسماء ضحت وقدمت روحها من أجل البلاد وليسوا أرقامًا، هم الأحلام في عيون أحبابهم، وهم الأبطال في عيون الوطن، هم الفخر والمجد في عين ريشتي المتواضعة، وأعجز أن أصف تضحياتهم ونضالهم وإثباتهم بأفعالهم بأن الاحتلال إلى زوال".

ولا زال مشهد إعدام الطفل محمد الدرة في حضن والده، مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000، ماثلاً في ذاكرة منال، وترك أثرًا على العناوين التي تختارها للوحاتها الفنية، وقالت: "حياتنا كشعب تحت الاحتلال تفرض على كل منا من موقعه أن يمارس دورًا مقاومًا، ولا يكاد يمر يوم أو شهر من ذكرى أليمة يجب أن تبقى حية في ذاكرتنا الوطنية، من وعد بلفور التي تصادف ذكراه السنوية هذه الأيام، مرورًا بالنكبة والنكسة، وعشرات المجازر كمخيم تل الزعتر، وصبرا شاتيلا، وكفر قاسم ودير ياسين.. يجب أن نتوارث هذه الأحداث جيلاً بعد جيل كي لا ننسى، وحتى يتحقق حلمنا بالعودة إلى ديارنا".

وتركت الحرب الإسرائيلية في مايو/أيار من العام الماضي، أثرها على منال، وأعادت إلى ريشتها نبض الكاريكاتير المقاوِم؛ فرسمت لوحات تفضح جرائم الاحتلال، وتكشف الحقائق دون زيف، وبرأيها فإن الصورة واللوحة تعبر أفضل من الكلمات، وتترك أثرها في النفس لفترات طويلة، وقد تغير في مفاهيم أفراد وشعوب وتزيد من دائرة المتعاطفين والداعمين للحقوق الوطنية الفلسطينية.

وقالت منال: "تعلمت ذلك من لوحات الشهيد ناجي العلي، وأستاذي الدكتور علاء اللقطة، وهدفي هو أن تصل رسالتي بأن فلسطين من النهر إلى البحر لنا وعاصمتها القدس العربية".

ولتحقيق هذه الغاية وكي تصل الرسالة إلى المستهدفين في أرجاء المعمورة، شاركت منال في معارض محلية في غزة ودولية في السعودية وافتراضية في عدد من دول العالم، فضلاً عن حرصها على نشر لوحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، ومنصة "مش أرقام"، وهي منصة تعيد الأرقام المنسية إلى الواجهة، الشهداء، الأسرى، القرى المحتلة، على اعتبار أن "لكل تاريخ مجد وحكاية".

ولأن لهذه المنصة أثر يؤلم دولة الاحتلال، قالت منال إنها تتعرض بشكل مستمر لإغلاق حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، وقد تعرضت حساباتها للإغلاق خمس مرات على موقعي فيسبوك وانستغرام، بدعوى مخالفة معاير المجتمع، داعية عبر "نوى" إلى دعم حسابات هذه المنصة بالمتابعة، وتابعت: "لن تؤثر الاغلاقات في عزيمتنا وسنواصل طريقنا نحو الهدف المنشود.. بالحرية والاستقلال".

كاريكاتـــــير