شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م11:45 بتوقيت القدس

عانت التهاب الشبكية الصبغي منذ الصغر..

في حكاية "هند".. "العتمة" قدَر و"النجاح" قرار

06 مارس 2022 - 17:49

شبكة نوى، فلسطينيات: تنظر إلى صورتها فتجد فتاةً رقيقةً ترتدي ثوب التخرّج. تبتسم للعدسة، وتوثّق اللحظة التي لطالما حلُمت أن تعيشها قبل أن تُصاحبها "العتمة"! تبدو طبيعيةً جدًا، ولا شيء يمكن أن يخبرك أن هذه الشابة الجميلة تعيش معاناةً لا أحد يعرف عنها شيئًا سوى الدائرة القريبة منها، والطبيب المتابع لحالتها فقط.

هند عاشور (24 عامًا)، حققت حلمها أخيرًا، وتخرّجت من قسم الإرشاد النفسي والتربوي في إحدى جامعات غزة.. هذا الحلم الذي غامرت من أجل تحقيقه بفقدان نظرها كاملًا.. كيف حدث ذلك؟ التفاصيل تتبع:

 تعاني هند منذ كانت في الخامس من عمرها من مرض التهاب الشبكية الصبغي، اكتشفت عائلتها ذلك مبكرًا لتبدأ معها رحلةً من المتابعة الطبية والسفر للعلاج، باءت بنتيجةٍ واحدةٍ تقول: "يمكن للتآكل أن يتوقف في حال توقفت هي عن إجهاد عينيها، وعلى العكس يمكن أن تفقد النظر بشكل كلي في حال فعلَت".

هند التي كانت تؤمن بذاتها، وبأن طريق العلم وحده الذي يمكن أن ينتشلها من العذاب الذي يرافق كونها كفيفة جزئيًا، كانت غير مقتنعة أبدًا بأن شيئًا ما ينقصها لتتعلم، "فأنا تجاوزت كل المصاعب والعقبات التي واجهتني أثناء مشوار الدراسة حتى وصلت للثانوية العامة" تقول.

وتتابع: "في ذلك العام تحديدًا ازدادت آلام عيني، حتى أن الأطباء أقرو بأنني يجب أن أتوقف عن إجهادها نهائيًا، واضطررت إلى أن أنساق وراء قرارهم، لكن بقي الحلم يراودني، فعدت للتسجيل للتوجيهي بعد عامين، وقررتُ أن لا أزور أي طبيب خلال هذا العام تخوفًا من أي نصيحةٍ يمكن أن تقف عائقًا في طريق تحقيق حلمي الذي أصبو إليه".

بالفعل نجحت هند في الثانوية العامة مجتازة كل المعيقات والآلام التي كانت تصاحبها أثناء الدراسة، وتمكنت من الحصول على معدل يضمن لها دراسة الإرشاد النفسي، لتخطو أولى خطواتها نحو "الحلم الكبير".

عمليات كثيرة في العين أجرتها هند، منها ما هو متعلق بإزالة المياه البيضاء، وأخرى لها علاقة بالشبكية وعمليات ليزر وغيرها، جميعها كانت تزيد من قوة وإصرار هند على تحدي هذا المرض وعدم الانسياق خلف الآراء المحبطة والمثبطة لعزيمتها.

تصف معاناتها التي ربما لم يدركها كثيرون، ومن بينهم أساتذة الجامعة الذين كانوا يشككون بكونها مريضة أصلًا، كون شكلها الخارجي لا يوجي بذلك، فتقول: "لكم أن تتخيلوا أن ما يحتاج الإنسان الطبيعي لإنجازه في الدراسة في نصف ساعة، أنجزه أنا في ثلاث ساعات، فالدراسة تجهد عيني، ويصاحب ذلك صداع شديد وآلام غير محتملة، كنت بالفعل بحاجة لمن يقرأ ويكتب لي".

آخر فصل دراسي كان الأصعب بالنسبة لهند، بعد أن تلاشت قدرتها على الرؤية تمامًا، حتى أن الطبيب أخبرها بأن عليها أن تتأقلم مع الألم كونها أوشكت على فقدان نظرها بالكامل، "كان الأمر قاسيًا جدًا، لكنني تعاملت مع نفسي بأنني فاقدة للنظر تمامًا حتى أُنهي التفكير في هذا الموضوع، وأكمل طريقي الذي بدأته، والذي قارب على الانتهاء فعليًا في تلك الآونة".

رغم كل الأصوات السلبية التي كانت تنصح هند بالرضى بنصيبها، والتوقف عن اكمال مشروعها التعليمي، إلا أن صوت قلبها كان أعلى، فلم تصغِ سوى لما كانت تقتنع هي به.

تفخر هند اليوم بنفسها وبقدرتها على التحدي، حتى أنها اجتازت التدريب العملي في الجامعة بتقدير ممتاز، وهذا ما يجعلها متفائلة بأن الغد سيكون أفضل، وأنها ستكون قادرة على اجتياز امتحان التوظيف.

تعلق بالقول: "آمل أن أنضم لطواقم الموظفين في تخصص الإرشاد النفسي، وأن يتعامل ديوان الموظفين معي، ومع كل من هم من ذوي الإعاقة، وفق قدراتهم الفعلية على إنجاز المهام التي تتطلبها الوظيفة، دون النظر إلى إعاقتهم".

وتزيد: "يجب عليهم أن يضعوا لنا بعض الامتيازات على الأقل لأننا اجتزنا الإعاقة والمعيقات المجتمعية والصحية، وحصلنا على شهادة تؤهلنا كي نصبح منتجين، لا عالة على المجتمع بحجة الإعاقة".

تختم هند بالدعوة لكسر كل التابوهات التي تنظر لذوي الإعاقة على أنهم غير ملائمين للتوظيف، ما داموا بالفعل قادرين على العطاء.

ومن الجدير ذكره، أن التهاب الشبكية الصبغي، هو من الأمراض التي تؤدي إلى إعتام عدسة العين في عمر مبكر، وتورم في الشبكية.

كاريكاتـــــير