شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م22:41 بتوقيت القدس

في مؤتمر لـ"الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"..

مطالبات بإقرار "قانون الأسرة" ودعوات لملاحقة المحتل

03 ديسمبر 2021 - 09:36

غزة:

"تكثيف الجهود القانونية في سبيل ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق النساء الفلسطينيات" كانت التوصية الأبرز لمؤتمرٍ عقدته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تحت عنوان "أوضاع المرأة في قطاع غزة"، في سبيل حماية النساء من الجرائم المرتكبة بحقهن.

المؤتمر الذي عُقد بالتعاون مع قطاع المرأة في شبكة المنظمات الأهلية، دعا إلى "الضغط محليًا من أجل الإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة الفلسطينية من العنف"، ذلك ضمن حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء، التي تبدأ –سنويًا- بتاريخ الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر –اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء- وتنتهي يوم العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

الحملة التي تستمر لمدة 16 يومًا، على مستوى عالمي، أراد منها الأمين العام للأمم المتحدة لفت انتباه الدول إلى التكلفة التي تتكبدها نتيجة العنف الواقع على النساء، وإبراز أهمية التصدي له، واستثمار الأموال التي تُنفق في اتجاه معالجة تداعيات العنف على التطوير والتنمية، وفقًا لمديرة طاقم شؤون المرأة نادية أبو نحلة.

وفي كلمتها حول واقع النساء الفلسطينيات، قالت: "في الحالة الفلسطينية، الوضع خاص جدًا ومعقد، ذلك لارتباط العنف بممارسات الاحتلال ضد النساء".

خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة –تشرح أبو نحلة- قتلت صواريخ الاحتلال 39 امرأة، وأصابت 275 منهن، وشرّدت الآلاف من بيوتهن، وأخريات فقدن أزواجهن وأبنائهن، ناهيك عن العنف الذي يمارسه الاحتلال ضد النساء في الضفة الغربية عبر تهجيرهن من بيوتهن في الشيخ جراح وسلوان وغيرهما، ومصادرة أراضيهن لصالح الاستيطان، وممارسة كل أشكال العنف على الحواجز.

وما زالت 34 امرأة فلسطينية، يقبعن في سجون الاحتلال الإسرائيلي ضمن ظروف قاسية (والحديث لها) تمامًا كما حدث مع الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل من قطاع غزة، التي أفرج عنها بعد 6 سنوات من الاعتقال حُرمت خلالها من رؤية أطفالها، وعند تحررها منعها الاحتلال من دخول قطاع غزة ليومين، ظلّت خلالهما بعيدة عن حضن أطفالها.

في قطاع غزة أيضًا، ونتيجة للحصار الإسرائيلي، حُرمت الكثير من النساء حقهن في الصحة، لا سيما مريضات السرطان اللواتي توفيت منهن 35 امرأة نتيجة عدم تلقي العلاج، كما حُرمت الكثير من الشابات المبدعات من المشاركة في فعاليات دولية.

ومع تزايد انتهاكات الاحتلال، لا ننسى الانتهاكات  الداخلية -تضيف أبو نحلة- إذ ما زالت مؤشرات تزايد العنف المبني على النوع الاجتماعي تتزايد، "وهذا يتطلب تدخلات كبيرة، أولها إقرار قانون حماية الأسرة الفلسطينية من العنف، وتعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، مع ضرورة تفعيل مرصد وطني لرصد حالات العنف ومؤشراته".

منى الشوا، مديرة وحدة حقوق المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، قالت في كلمتها حول آليات فلسطين للحد من العنف: "ما زلنا نرزح تحت آخر احتلال على وجه الأرض، إلى جانب معاناتنا من انتهاكات المجتمع المحلي القائم على فكرة التمييز بين الجنسين، فنحن كنساء ضحايا عنف مركّب".

في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استشهدت 39 امرأة، وجرحت المئات منهن، وفقدت بعضهن منازلهن، ناهيك عن آلاف النساء اللواتي تعقدت حياتهن عندما تركن بيوتهن وتهجرن في بيئة لا تتوفر فيها الحماية، "ولا نعرف إن كنا سنتعرض لعدوان آخر، لكن الاحتلال الذي ما زال يمارس انتهاكاته نتوقع منه كل شيء ودون محاسبة من المجتمع الدولي" تستدرك.

وتحدثت الشوا عن التزامات دولة فلسطين تجاه الاتفاقيات الدولية، خاصة أنها وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء "سيداو" بلا تحفظ، وقدمت في 2020م تقريرها الأول للجنة التي تم تشكيلها لمتابعة هذا الملف.

وعن أهم توصيات اللجنة، فقد أشارت إلى أن الانقسام الداخلي يؤدي إلى استمرار تطبيق أنظمة قانونية مختلفة بين النساء الفلسطينيات، ويعيق تمكينهن اقتصاديًا وسياسيًا، مؤكدةً ضرورة اعتماد تشريع وطني يتضمن تعديل قانون العقوبات، وقانون الأحوال الشخصية، وإقرار قانون حماية الأسرة، ونشر "سيداو" في الجريدة الرسمية لتكون ملزمة، معربةً عن قلقها من استمرار القوالب النمطية، على غرار استمرار التزويج المبكر للصغيرات، مع ضرورة اتخاذ تدابير تجرّم العنف.

وجاء رد السلطة الفلسطينية- كما توضحه الشوا، بأن الانقسام الفلسطيني يحول دون تطبيق قوانين موحدة، والاحتلال الإسرائيلي أعاق فرصة انتخاب مجلس تشريعي جديد، كما أن معارضة فئات اجتماعية لاتفاقية "سيداو" حالت دون نشرها في الجريدة الرسمية.

الشوا التي رفضت هذه المبررات، قالت: "التطبيق من قبل السلطة ظلّ محدودًا، واقتصر على رفع سن الزواج إلى 18 عامًا، وهو مطبّق فقط في الضفة الغربية، بل تم وضع استثناءات منحت القاضي حق التزويج في سنٍ أصغر".

وتحدث مصطفى إبراهيم منسق المناصرة في "الهيئة المستقلة"، حول أبرز الانتهاكات التي رصدتها مؤسسته، "فخلافًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الذي أكد تراجع نسبة العنف،  فإن العكس هو الحقيقة وفقًا للشكاوى التي تتلقاها الهيئة، كما أن التدابير التي تتخذها السلطات في الضفة والقطاع، ما زالت غير كافية سواء على الصعيد القانوني، أو على صعيد الإجراءات، ناهيك عن ثقافة الصمت التي أدت إلى قتل نساء، أو حالة الارتضاء العشائري، وعدم إفراد مساحات للأجهزة المعنية للتعامل مع قضايا العنف.

وفقًا للإحصاءات التي رصدها إبراهيم، فإن  نسبة النساء المتزوجات اللواتي تعرضن للعنف بلغت 37%، وما زالت نسبة النساء في مواقع صنع القرار محدودة، فهي 11% في المجلس الوطني أعلى هيئة تشريعية للفلسطينيين، و5% في المجلس المركزي، و13% من الوزيرات و11% من السفراء، وامرأة واحدة بمنصب محافظ من أصل 16.

ورغم أن الهيئة لم ترصد هذا العام جرائم قتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة، إلا أنها وثقت وفاة 10 نساء في ظروف غامضة سُجلت بوفاة غير طبيعية، و7 سُجلن انتحارًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع عدم سهولة التوصل إلى معلومات، والاكتفاء بالتحقيقات الأولية، وهذا يتطلب من النيابة العامة بذل المزيد من الجهود في هذا الملف.

ورصدت الهيئة 28 حالة تعذيب لنساء سجينات في الضفة والقطاع بواقع  (12 في الضفة و 16 في قطاع غزة) أثناء التحقيق على الخلفيات المسجونات بسببها، أو نتيجة مخالفتهن تعليمات السجن، كما سجلت 4 حالات لنساء حُرمن من حقهن في الحصول على جواز السفر الفلسطيني، إضافة إلى 48 شكوى متعلقة بالإهمال الطبي، وهي أخطاء شائعة أقرت وزارة الصحة في جلسات خاصة بوجود خلل في التعامل مع هذا الملف، كما ارتفعت فجوة الأجور بين العاملين والعاملات، وارتفعت نسبة المتعطلات عن العمل إلى 41%، مقارنة بـ 21% للذكور.

كل هذه التفاصيل تؤكد حسب الحضور ضرورة اتخاذ تدابير لتضييق الفجوة بين الجنسين، عبر نشر قصص نجاح، والضغط من أجل تعديل القوانين غير المنصفة، والتعديل في المناهج الدراسية من أجل إنشاء جيل يؤمن بفكرة المساواة في الحقوق والواجبات.

كاريكاتـــــير