شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م14:01 بتوقيت القدس

خلال لقاء عقده بال ثنك

استطلاعات الرأي ..الصفعة التي يجب أن نتعلّم منها

09 فبراير 2021 - 20:17

غزة - شبكة نوى :

كل نتائج استطلاعات الرأي العام التي يُعلن عنها حاليًا قد تنقلب في أي لحظة، وبكل الأحوال فإن هذه الاستطلاعات لا تحظى بثقة عالية في المجتمع الفلسطيني بسبب تجربة الانتخابات التشريعية لعام 2006، لكن رغم كل شيء ثمة أهمية بالغة لها لم ينتبه لها الكثيرون.

كانت هذه أبرز ملاحظة تم التحدّث بها خلال لقاء حواري بعنوان "قراءة في استطلاعات الرأي حلو الانتخابات الفلسطينية"، عقدته عبر زوم مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية.

اللقاء الذي استمر لساعتين، وأداره الباحث عمر شعبان مدير مركز بال ثنك للدراسات الاستراتيجية، تحدث في مقدمته أن هناك الكثير من القضايا التي تشغل المواطنين والمواطنات ويسعون للحصول على إجابات عليها من خلال استطلاعات الرأي، في ظلّ تحضّر فلسطين للانتخابات التشريعية بتاريخ 22 مايو المقبل يليها الرئاسية بعدها بشهرين وفقًا لما هو معلن حتى الآن.

 شعبان أثار جملة من القضايا لدى حديثة عن القيادات التي بدأت بالبروز حديثًا على الساحة لدى بدء الحديث عن قرار إجراء الانتخابات، كذلك عن حظوظ الأحزاب الفلسطينية المختلفة في ظل حالة الاستقطاب التي نشهدها والحاجة إلى واضع جديد يحمل مخرجًا للأزمات التي خلّفتها سنوات من الانقسام.

في بداية اللقاء تحدّث د.خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للبحوث المسحية، حول أهمية استطلاعات الرأي ودورها وقدّم قراءة لخارطة النتائج الحالية وكيف سيكون الحال إذا أجريت الانتخابات في ظل ذات المعطيات القائمة.

فاستطلاعات الرأي وظيفتها ليس فقط التنبؤ بسلوك الناخبين والناخبات؛ وإنما أيضًا الانتباه لسلوك الناس، فمثلًا لماذا تحظى أحزاب معينة بالتأييد، كما يقول الشقاقي وهذا مفيد بغض النظر عن دقة النتائج وهو أمر مرتبط بقدرة هذه الاستطلاعات على أن تكون حيادية والعينة تمثيلية للمجتمع، فحين تكون النتائج غير صحيحة هذا مرتبط بحجم مشاركة فئات معينة في الاستطلاع.

عام 2006، فشلت استطلاعات الرأي التي أجريت في توقّع فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، فجميعها منحت الحركة ما بين 30-35 بينما حصلت فعليًا على 44%، فلماذا أخطأت التوقّعات؟

يعزو الشقاقي ذلك إلى أن هناك مؤسسات استطلاع ربحية كانت حريصة على إبقاء بعض المرشحين على اتصال معهم، لكن ثمة مؤسسات مهنية كانت تعمل بشكل مهني جدًا ومع ذلك لم تتوقع النتيجة، والسبب هو أنه حتى وقت الانتخابات كانت نسبة من لم يقرروا تصل إلى 20% وهؤلاء فعليًا حسموا الفوز.

لكن رغم ذلك فقد نجحت الاستطلاعات -وفقًا للشقاقي- في توقّع نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت عام 2005، وحتى نتيجة الرئيس محمود عباس في الانتخابات الرئاسية، والنسبة التي لم تقرر حتى الآن هي نحو 15% وهؤلاء ربما في الأيام القادمة قد يكونوا قرروا.

وفي قراءة الخارطة الحالية والتي يجب ألا تؤخذ باطمئنان شديد، يتّضح أن حركة فتح تتقدم بشكل ضئيل على حركة حماس التي ستحصل على ثلث الأصوات، بينما ستحصل قائمة مدعومة من البرغوثي على 19% فقط، أما قائمة مدعومة من النائب محمد دحلان فتحصل فقط على 7%، وباقي الفصائل تحصل ما بين 10-20%.

 أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية فإن الرئيس محمود عباس هو الأضعف بالنسبة، – يقول الشقاقي- سيخسر حتمًا حال كان المرشّح المقابل له هو إسماعيل هنية الذي يحرز وحده أصواتًا تفوق تلك الممنوحة لحماس كتنظيم، بمعنى أن هناك من لن يصوتوا لحماس في التشريعي ولكن سيصوتوا لهنية كرئيس، وهذا لن يحدث حال كان المرشح المقابل له هو مروان البرغوثي الذي قد ينتقل معه – أي هنية- لجولة جديدة ويتقدّم عليه".

الباحثة د.دلال عريقات أستاذة الصراع وحل النزاعات في الجامعة الأمريكية برام الله، تحدثت عن الأهمية الكبيرة لاستطلاعات الرأي، فهي ليست فقط تبيّن المزاج العام في الأراضي الفلسطينية، بل هي أيضًا تقيس الرأي العام تجاه قضايا معينة في ظل غياب سلطة المجلس التشريعي المعطّل منذ الانقسام، بالتالي كان يجب أن تنعكس نتائجها على كيفية تعاطي صنّاع القرار مع القضايا التي تهمّ المواطنين.

وفي ظل تعطّل عمل المجلس التشريعي، كان من المهم -وفقًا لعريقات- قياس الرأي العام تجاه التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات وعلى مشاركة المرأة والبرامج السياسية للأحزاب والشروط الموجودة في القانون الانتخابي ورأي الناس في التعديلات، وقياس مدى معرفة الجمهور أصلًا بهذه التعديلات وتفاصيلها، كل هذه الأمور يجب أن تتحدث عنها استطلاعات الرأي وليس فقط توقّع من سيفوز.

ثمة أهمية بالغة لتحلّي استطلاعات الرأي بالمهنية اللازمة والدقة والحياد لتخرج بنتائج أكثر شفافية من أجل تقديمها لصنّاع القرار حول كل ما يهم المواطن، فكما ترى عريقات؛ منهجية إجراء الاستطلاع هنا مهمة جدًا فالناس يتخوّفون مثلًا من الاستطلاعات الهاتفية بينما المقابلات الوجاهية تعطي مصداقية أعلى.

على أن كافة الاستطلاعات التي تُجرى حاليًا من المفترض أن تتطرق إلى مواضيع متعلقة بموقف الناس من مشاركة فئات محددة مثل المرأة، وتبقى التوصية الأهم في هذا الجانب دعوة جميع من يقومون على استطلاعات الرأي إلى استهداف شريحة أكبر من الجمهور لتكون ممثلة لمجتمع الدراسة.

لكن اللافت في الحوار الذي حضره باحثون وباحثات هو عدم الثقة في نتائج كل هذه الاستطلاعات رغم ما تبديه مؤسسات المسح من مهنية، فعامل الخوف هنا مرتبط بشكل رئيس بالنسبة العالية من الناس الذين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون، وكذلك فإن هذه الاستطلاعات لا تشمل الكثير من الفئات المهمة التي تُحدث مشاركتها عند الانتخابات الفعلية فارقًا جوهريًا.

وبكل الأحوال يبقى الوضع في فلسطين-وفقًا للحضور- عصيّ على التوقّع، فكل شيء هنا قد ينقلب في لحظة، أي حدث سياسي يمكن أن يقلب الأمور تمامًا مثلما ارتفعت شعبية حماس بشكل مفاجئ عند العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكما ارتفعت شعبية فتح عند قرار وقف التنسيق الأمني، ليبقى الباب مفتوحًا على كل الاحتمالات حتى اللحظة التي يقول فيها الصندوق كلمته.

كاريكاتـــــير