شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م15:41 بتوقيت القدس

غزة.. "التعليم عن بُعد" بين مؤيدٍ ومُعارض

17 مارس 2020 - 14:38

بعد إعلان منظمة الصحة العالمية "كورونا" جائحةً عالمية، خضع قطاع غزة أيضًا إلى إجراءات فرضتها الحكومة الفلسطينية ومن بينها تفعيل منظومة التعليم عن بعد لضمان استمرار العملية التعليمية بعد إعلان حالة الطوارئ وتعطيل المدارس حتى نهاية مارس على أقل تقدير.

وتباينت ردود الأفعال بين أولياء الأمور حول قرار الوزارة باعتماد التعليم عن بعد، فمنهم من أيد، ومنهم من عبر عن رفضه التام في ظل الأوضاع التي يعيشها القطاع من انقطاع للتيار الكهربائي وضعف شبكة الإنترنت، ناهيك عن عدم التزام الطلبة بالدراسة عن بعد.

تقول آلاء بكرون، وهي أم لطالبتين في المرحلة الابتدائية: "معلمة بناتي تبذل جهدًا جبارًا في الشرح، فتقوم بنشر شروحات الدروس والوحدات، وتطلب من الطالبات حل بعض التمارين وتقوم بتصحيحها الكترونيًا، وإذا استعصت بعض الأمور على الطلاب، تقوم بإعداد فيديو خاص تشرح فيه كل الأمور الصعبة، وتستمع لأسئلة الطلاب والأمهات بشكل دوري".

لا تنكر بكرون أن وجود الطالب ضمن بيئة تعليمية مباشرة مع المعلم، هو أفضل بكثير من التعلم عن بعد، لكنها في الوقت ذاته تدعم القرار في ظل حالة الطوارئ.

ولا تنكر بكرون أن وجود الطالب ضمن بيئة تعليمية مباشرة مع المعلم، هو أفضل بكثير من التعلم عن بعد، لكنها في الوقت ذاته تدعم القرار في ظل حالة الطوارئ التي تشهدها غزة.

وتزيد: "يجب أن يستغل الطلبة الوقت، وأنا لست مع أي قرار قد يقضي بإلغاء شيء من المناهج، لأن كل مرحلة تؤسس لما بعدها، وحذف أي شيء يعني تراكم عبء كبير في المراحل القادمة".

بينما ترى فاتن الجراح، والدة أحد الطلاب، أن هذا القرار غير موفق، حيث إنه لا يُلزم الطلاب بالتعلم والاستماع للدروس، مضيفةً: "تعجُّ مواقع الإنترنت بالدروس التعليمية المتنوعة، ولكن يختلف التعليم الالكتروني عن التعليم داخل أسوار المدرسة، بحيث تكون المعلمة والطلبة في مكان واحد، ضمن جو تفاعلي يسمح بالاستفادة بشكل أكبر، ويحسم التزام الطالب".

يرتبط بمدة الطوارئ

قرار وزارة التربية والتعليم، جاء -تبعًا لمدير العلاقات الدولية والعامة فيها معتصم الميناوي- تنفيذًا لتعليمات لجنة المتابعة الحكومية، بالتنسيق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أنروا"، إضافة للجامعات التي تشرف عليها الوزارة.

وقد أصدرت الوزارة إلى جانب ذلك تعليمات بتخفيف كافة التجمعات أو الأنشطة التي من شأنها أن تشكل خطرًا في ظل تفشي الفايروس في العديد من الدول، بما في ذلك "تدريب المعلمين والدورات التطويرية المختلفة".

يقول الميناوي: "فيما يتعلق بالتعليم المحوسب، فقد عززت الوزارة جهودها من خلال إذاعة التربية والتعليم وبوابة روافد التعليمية التابعة لها، التي تحتوي على كافة المناهج الفلسطينية".

وتجدر الإشارة إلى أنه حتى اللحظة، لم يصدر أي قرار يتعلق بالامتحانات أو المنهاج، كونه (القرار) يرتبط بالدرجة الأولى بالمدة الزمنية التي ستستمر خلالها حالة الطوارئ.

تم إنتاج العديد من الدروس لمختلف المراحل التعليمية، بما فيها مساقات الثانوية العامة، التي تشرح المنهاج بشكل تفصيلي واضح لجميع الطلبة.

وبخصوص قضية طلبة الثانوية العامة، يضيف: "يتم إنتاج العديد من الدروس لمختلف المراحل التعليمية، بما فيها مساقات الثانوية العامة، التي تشرح المنهاج بشكل تفصيلي واضح لجميع الطلبة، الذين يفترض أن فترة إجازتهم التحضيرية للامتحانات النهائية باتت وشيكة".

أهم المعوقات التي تواجهها الوزارة خلال تنفيذ قرار تفعيل منظومة التعليم عن بعد -والحديث للميناوي- هي تواجد عدد من المعلمين خلال تسجيل المنهاج في الإذاعة، معلقًا: "وهذا ما نعمل على تجاوزه من خلال محاولة تخفيف التجمعات في الاستديو، والحرص على إخراج تسجيلات تعليمية بجودة عالية، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والإمكانات المالية المحدودة، والحاجة إلى المزيد من الأجهزة الالكترونية التي تكفل تحقيق النجاح في هذه المرحلة".

وكانت وزارة التربية والتعليم بغزة قد نشرت، جدول البث المباشر لبرنامج "الأوائل" التعليمي الذي يُبثّ عبر أثير إذاعة صوت التربية والتعليم بغزة وصفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

إقبال كبير

بدوره، قال مدير إذاعة صوت التربية والتعليم، تامر الشريف : "إن قرار وزارة التربية والتعليم، جاء ونحن في ذروة استعدادنا للتعاطي معه، تقنيًا ولوجستيًا وأكاديميًا باختيار أفضل المعلمين لشرح المناهج كما في كل عام".

وأشار إلى أن تجربة التعلم عن بعد ليست جديدة بالنسبة للإذاعة، فهي معتمدة منذ 8 سنوات أي من بداية تأسيس الإذاعة عام 2012م، "ولكن الأزمة التي تمر بها غزة بسبب كورونا، وقرار التعلم عن بعد، أعطى للناس والجمهور وأولياء الأمور فرصة للتعرف على الإذاعة بشكل أفضل".

وحول الإجراءات الحديثة للتعامل مع القرار، تابع: "قمنا بإيقاف البث الاعتيادي لبرامجنا عبر الإذاعة، وخصصنا هذا الوقت لعرض شروحات تعليمية للمراحل من الصف الخامس حتى الحادي عشر، الأمر الذي لم يكن مفاجئًا، ولم نأخذ وقتًا طويلًا للتفكير فيما سنقوم به".

ولفت مدير الإذاعة إلى أنهم يخصصون 4 ساعات ونصف يوميًا في البث المباشر لطلبة الثانوية العامة، مستخدمين تقنية جديدة، تسمح للطالب للمرة الأولى، بالتفاعل مع المدرس بشكل كبير، ومشاهدة الحلول، خاصة للمناهج العلمية مثل: الفيزياء والأحياء والرياضيات، كما تمكّن الطالب من مشاهدة الكتاب بطريقة "بي دي اف"، ليتابع مع المعلم في حال لم يتوفر معه الكتاب".

استخدمنا كل ما تتيحه التكنولوجيا من وسائل للتواصل، فهناك أسئلة تصل للمعلمين من خلال الواتساب أو  تعليقات الفيس بوك، وأيضًا من خلال الاتصالات الهاتفية، ويتم الإجابة عنها خلال البث

 وأردف: "استخدمنا كل ما تتيحه التكنولوجيا من وسائل للتواصل، فهناك أسئلة تصل للمعلمين من خلال الواتساب أو من خلال تعليقات الفيس بوك، وأيضًا من خلال الاتصالات الهاتفية، ويتم الإجابة عنها خلال البث".

وأكد الشريف وجود اهتمام واضح من قبل الجمهور خلال فترة الأزمة "فقد وصلت المشاهدات للدروس التي تبث عبر حساب  الإذاعة على "فيسبوك"، لأكثر من 2 مليون مشاهدة خلال أيام قليلة، إضافة لانضمام 130 ألف متابع جديد إلى صفحة الإذاعة.

الجامعات أيضًا

تجدر الإشارة إلى أن قرار التعلم عن بعد، لا يقتصر على المدارس فقط، بل شمل الجامعات أيضاً، فقد أعلنت العديد من الجامعات بغزة استئناف الدراسة لجميع طلبتها بنظام "التعليم عن بعد" عبر الإنترنت، للتغلب على حالة الشلل التي فرضها انتشار الفيروس عالميًا، باستخدام التقنيات والبرامج التكنولوجية.

في حديثه لشبكة "نوى"، يقول أستاذ الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية د.طلعت عيسى: "استجابت الجامعة لحالة الطوارئ منذ بداية الأزمة، بإكمال الفصل الدراسي عبر التقنيات الحديثة، وكان القرار بالعمل عبر برنامج "المودل" الذي يطبق في الجامعة منذ سنوات، مع دمجه بالصفوف الافتراضية، وبرامج الاجتماعات، والمحادثات المتنوعة، مثل برنامج زووم أو جوجل كلاس روم، ووضعت الجامعة برنامجًا تدريبيًا لتأهيل المدرسين وتعليمهم هذه التقنيات".

نرجو أن تستفيد الجامعات الفلسطينية في المستقبل من هذه التجربة من خلال دمج التعليم الإلكتروني بالعملية التعليمية وتأهيل أكبر عدد ممكن من الطلبة والمدرسين لهذا النمط".

ووافق د.عيسى القرار مؤكدًا صحته "القرار جاء استجابةً للحالة التي فرضت على الشعب الفلسطيني وهي حالة طوارئ صحية، ولا يمكن في ظل تقدم وسائل الاتصال الحديثة أن يتوقف التعليم نهائيا (..) الجامعات تحاول إيجاد حلول لبعض المساقات التي لا ينفع معها التعليم عن بعد مثل المعامل والتدريبات وغيرها، وأن تستفيد الجامعات الفلسطينية في المستقبل من هذه التجربة من خلال دمج التعليم الإلكتروني بالعملية التعليمية وتأهيل أكبر عدد ممكن من الطلبة والمدرسين لهذا النمط".

ولم ينكر أستاذ الصحافة وجود بعض المعوقات التي تواجههم خلال تنفيذ هذا القرار، التي تتمثل من وجهة نظره "بضعف شبكة الإنترنت وسوء حالتها عند كثير من الطلبة والمدرسين، وانقطاع الكهرباء، والمشاكل الأخرى مثل عدم ملائمة التعليم عن بعد لبعض المساقات، وعدم قدرة بعض المدرسين وبعض الطلبة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة".

قرار مقبول ولكن..

فيما يرى المحاضر في مجال التسويق الرقمي بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية محمد أبو كميل، هذا القرار صائبًا في هذه المرحلة، "في حين أن مشكلة ضعف الإنترنت أصغر من المشكلة التي قد يسببها الدوام الأكاديمي في ظرف كهذه".

وأضاف "الكثير من جامعات غزة تستخدم التعليم الإلكتروني بشكل جزئي منذ زمن طويل، ومع الأزمة اتسع الاستخدام، حتى أن أغلب الجامعات عقدت تدريبات تطويرية لكادرها، وتسجيلات تعليمية لطلابها، وهذا بدوره يجعل من القرار أمرًا مقبولًا".

على صعيد الطلبة، ترى الطالبة في قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة الأقصى، عبير كمال أن الاتجاه نحو إقرار التعليم الالكتروني في الجامعات هو من أفضل القرارات "لاستثمار الوقت المهدر"، وأن المحاولات المبدئية لتنفيذ منظومة التعليم الالكتروني لم تكن سيئة، خصوصًا وأن معظم الطلبة يملكون حسابات شخصية على موقع فيس بوك، ما يمكن المحاضرين من بث محاضرات مرئية عبر خاصية البث المباشر.

وأردفت : "لا أسقط من حساباتي أن بعض الطلبة لا يمتلكون أجهزة لوحية أو اشتراك إنترنت داخل بيوتهم، لكن من يريد سيستطيع وسيحاول جاهداً الحصول على هذه الفيديوهات المصورة بأي طريقة".

"أراه قرارًا سلبيًا، فالكثير من الطلبة لا يمتلكون هواتف ذكية ولا حتى اشتراكًا بشبكة الانترنت، مما يعني تعرض الكثير من الطلبة للظلم"

أما حسين لافي، طالب القانون في جامعة الأزهر، فكان رأيه مخالفاً لها، حيث قال: "أراه قرارًا سلبيًا، فالكثير من الطلبة لا يمتلكون هواتف ذكية ولا حتى اشتراكًا بشبكة الانترنت، مما يعني تعرض الكثير من الطلبة للظلم"، متابعًا: "كان بالإمكان التخفيف من الكم الدراسي على الطلاب، أو تأجيل مؤقت للدارسة بدلاً من ذلك".

ويعتقد محمد المقيد، طالب الماجستير في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية أن هذا القرار "خطوة في الاتجاه الصحيح من الجامعة"، فهي تضمن انتهاء الفصل الثاني في موعده، كما تضمن للطالب حقه في المحاضرات.

كاريكاتـــــير