شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م18:55 بتوقيت القدس

فقراء غزة يستقبلون "رمضان" بجيوبٍ خاوية

22 مارس 2023 - 12:48

غزة:

تبقّت ساعات، ويبدأ أول سحورٍ لشهر رمضان المبارك. رغم ذلك ما زالت المواطنة ميساء مطر (31 عامًا) في انتظار بريق أمل يخبرها بأن التزاماتها الضرورية ستصل بيتها قريبًا مع أهل الخير.

لم تتمكن الشابة (وهي أمٌ لثلاثة أطفال) من توفير أي شيءٍ من مستلزمات الشهر الكريم، كما 54% من سكان القطاع، البالغ عددهم مليونَي إنسان يعيشون بظروف الفقر المدقع، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 16 عامًا، وقلة المساعدات المقدّمة.

وفي ظل انعدام أي أفقٍ لتحسّن الوضع تقول لـ"نوى": "زوجي يعمل بائعًا على بسطة، وهو بالكاد يستطيع توفير طعامٍ للبيت. خلال الشهر تتزايد المصروفات، ونحن بحاجة إلى ما يكفي للسحور والفطور الذي يكون عادة مختلفًا عن الأيام العادية، ونحن لا قدرة لنا على ذلك".

اقرأ/ي أيضًا: رسوم "الفواكه المستوردة".. "جباية" على عينك يا "تاجر"

حصلت الشابة على طرد غذائي كمساعدة تضم علبةً من الجبن، ومرطبانًا من السمن، وكيسًا من المعكرونة، وآخر من الأرز، وزيت طعام، لكنها تعقّب: "في ظل الوضع هذا ممتاز بالنسبة لي، لكنه بالكاد يكفي عدّة أيام من الشهر، وبعدها سأكون بحاجة إلى ذات الاحتياجات مرة أخرى، وقد لا أتمكن من الحصول على طردٍ آخر".

تُعقّب: "هناك احتياجاتٌ أخرى للعائلات لا أحد ينتبه لها، مثل الحاجة إلى توفير الطبخات المجمّدة، وبعض اللحوم، وحتى الخضار، كثيرًا ما تكون هذه الأمور المهمّة فوق قدرتنا".

وكما جرت العادة، تستعد العائلات في قطاع غزة لشهر رمضان بتعليق حبال الزينة والفوانيس، لكن ارتفاع ثمنها قياسًا بقدرة ميساء وأسرتها جعلها غير قادرةٍ على ذلك، فلجأت إلى شراء الورق الملون، وصُنع الزينة بنفسها.

اقرأ/ي أيضًا:رمضان غزة.. رزقٌ في "علبة سمبوسك"

وما أنقذ صورتها أمام أطفالها أن بعض الزينة التي عرضت في المتاجر العام الماضي، عاد أصحابها لبيعها بسعر العرض، وهذا كان فرصة بالنسبة لها، "لكن ما يؤرقها حقًا، كيف ستصنع القطائف مثلًا لو طلبها أطفالها ذات مرة؟".

حال ميساء، يشبه تمامًا ما تعانيه الشابة دينا أحمد، التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية في تلبية متطلبات أسرتها، وتمضية متطلبات الشهر الفضيل.

الشابة الثلاثينية، لم تستعد لهذا الشهر بأي شكلٍ من أشكال الزينة، فضيق الحال والحالة النفسية السيئة في بيتها جعلها تعزف تمامًا حتى عن تلبية طلبات أطفالها بتعليق الزينة، أسوة بالكثير من العائلات.

تقول لـ"نوى": "نعتمد بشكل أساسي على شيكات الشؤون الاجتماعية، وهي توفر مبلغ 700 شيكلًا كل عدّة شهور، مبلغ بالكاد يكفي توفير أطعمة مشبعة لكنها لا تكفي احتياجاتنا الأساسية، ورغم وجود طرد غذائي شهري، إلا أنه لا يكفي، هو يساعد فقط".

تعيش الشابة مع زوجها الذي يعمل خياطًا، وأطفالها، وحماتها، في بيتٍ صغير لا يتجاوز 50 مترًا، ولا أمل لها بتحسين واقعها المعيشي في ظل حالة الفقر التي تعيشها العائلة، والاحتياج إلى إنفاق كل مبلغ يتوفر كأدوية خاصة بوالدة زوجها المصابة بمرض السرطان.

تكمل دينا: "يملؤني الشعور بالأسى على والدة زوجي التي أتمنى تلبية كل احتياجاتها، لكن ما باليد حيلة، وحالنا كحال معظم أفراد شعبنا في قطاع غزة لا يخفى على أحد".

وتكمل: "رمضان شهر فرحة، ولكن الفرحة منقوصة في ظل صعوبة الحال الذي نعيشه. في رمضان لا نستطيع تمشية اليوم بأي طبخة كما الأيام العادية، احتياجات الشهر كثيرة، والأطفال ينظرون إلى بعضهم، إذا شاهدوا طفلًا يحمل فانوسًا يريدون مثله، وإن رأوا الناس تشتري احتياجات رمضان فعلينا توفيرها، ولكن انتظارنا للطرود الغذائية بات أملنا الوحيد، ونتمنى أن تُصرف شيكات الشؤون على الأقل مع بداية رمضان".

ورغم أن رمضان لم يدخل بعد، فإن دينا تحمل همَّ توفير احتياجات العيد منذ هذه اللحظة، فهو يتطلب شراء كسوةٍ للأطفال، وحلوى العيد، والكعك والمعمول، "ولا قدرة لنا بكل هذا، لكن لا ندري لعل الوضع يختلف حتى نهاية الشهر، أو نجد من يساعدنا" تعقب.

اقرأ/ي أيضًا:بالصدفة.. "فانوس" يفتح "طاقة القدر" لعلا

ومثلهم تمامًا، ينتظر المواطن رجب محمد من شمال قطاع غزة، ما يحصل عليه من مساعدات من أجل تلبية احتياجات أسرته.

رجب الذي يعيل أسرته المكونة من زوجة وخمسة أطفال، حصل مؤخرًا على طردٍ غذائيٍ فيه التزامات واحتياجات شهر رمضان المبارك، لكنه يعقّب: "حصلت على الطرد من مؤسسة خيرية، وهي تكفي مدةً في رمضان لكن لا تكفي كل الاحتياجات".

رجب هو بائعٌ متجوّلٌ لديه طفلٌ كفيف، وطفلتان من ذوات الإعاقة، وهذا يعني أنه بحاجة إلى الكثير من الأدوات لتلبية احتياجاتهم، وفي ظل حالة الفقر فهو لا يستطيع توفير الأساسيات أصلًا.

يضحك لدى سؤال "نوى" له عن زينة رمضان، ويكمل حديثه: "لم أفكر في الأمر، ولكن لأن ما نحصل عليه في الطرود يكون عادةً أشياءً تؤكل كالمعكرونة، والأرز، والسمن، والزيت، وأحيانًا نشعر أننا لا نحتاجها، فأضطر لبيع جزء منها بمبلغ بسيط، أستثمره في شراء شيء آخر يحتاجه البيت مثل الطبخ أو الخضار".

ويأمل رجب كما غيره من الغزيين، أن يحصل على فرصة عمل تلبي احتياجات أسرته، فلا يعود بحاجة إلى أي مساعدات، لكنه رغم ذلك يشعر بثقل المسؤولية لحاجته إلى تلبية الكثير من المتطلبات المتعلقة بشهر رمضان، التي تُثقل كاهل العائلات، فهل تنتبه المؤسسات إلى ضرورة أن تكون الطرود أكثر جودة، وكافية، ومتنوعة؟

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير