شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م10:44 بتوقيت القدس

سياحية وبيئية

مسارات شبابية تعيد مجد البيت القديم والوادي

17 يناير 2023 - 14:39

غزة :

ينظر الشاب محمد أبو لحية إلى فريقه للتحقق من اكتمال العدد قبل الانطلاق في مسارٍ سياحي جديد يهدف إلى التعرّف على بلدة القرارة في محافظة خانيونس.

البلدة الواقعة شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، تضم العديد من الأماكن الطبيعية والأثرية كالشيخ حمود والخراب وطريق الرباعية وغيرها.

هذه البلدة وعلى جمال الطبيعة الخضراء فيها، لكنها كانت هدفًا سهلًا لضربات قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركز على حدودها الشرقية، كما يقول أبو لحية الذي كبر وترعرع في هذ البلدة التي تمتد من أراضي النقب المحتل شرقًا حتى البحر غربًا، فوقوعها تحت مرمى النيران أوجبت على الشباب التوعية بمقدراتها السياحية والأثرية.

ثلاثون مسارًا وربما أكثر قادها أبو لحية، ليروي خلالها تاريخ المدينة وطبيعتها الخلابة، وما تحتويه من إرث تراثي، ويقول:" التاريخ أمانة الأجداد وواجبنا الحفاظ عليه، وهو ما دفعني لتأسيس متحف القرارة الثقافي عام 2016، الذي يضم داخله العديد من المقتنيات الأثرية التي جمعت بشقّ الأنفس كي تعبر عن حقب زمنية مختلفة عايشتها فلسطين في مكان واحد".

 يتفقد أبو لحية المساحات الخضراء الممتدة أمامه ويكمل لنوى أن هناك فوائد أخرى يجنيها من المسارات وهي إحياء التراث غير المادي كالأهازيج والأمثال الشعبية، والدبكة، وبعض الأكلات التي اشتهرت بها المدينة المحاصرة، للتوعية بأهمية ذلك المورث الذي باتت سرقته أمر غير بعيد، مجندًا جميع فئات المجتمع لخدمة هدفه من شباب وأطفال ومزارعين ونساء.

وبالانتقال إلى البلدة القديمة في مدينة غزة ومع حكاية مسار آخر، حيث شرعت أميرة حمدان بتفقّد عدد من المباني التي ربما كانت بيوتًا لأحد أثرياء الحقبة العثمانية أو المملوكية في قطاع غزة.

أولت الشابة اهتمامًا بالمباني الأثرية، فقرأت عنها الكثير، وتجوّلت داخلها لتحفظ تفاصيلها، لكنها شعرت أن ذلك غير كافٍ، فقررت اختراق وعي الشباب عبر عقد مسارات لتعريفهم بتراثهم المعماري.

وتروي حمدان لنوى: "سعيت لربط تلك الأماكن ببعضها عبر قصص التاريخ التي جعلت من مباني البلدة القديمة مكانًا فسيحًا يستطيع المتجوّل خلاله الانتقال من المسجد العمري أقدم الأماكن في المكان إلى قصر الباشا رجوعًا إلى سوق القيسارية والزاوية وحمام السمرة وغيرها من الأماكن التي ارتبطت بأربع حضارات توالت على غزة وهم اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية".

حاولت حمدان لقت النظر إلى المنازل التي لم تأخذ حقها في عمليات الترميم لتنال التغيرات البيئية منها، كون المسارات السياحية أداة أساسية للتوعية ولدراسة التاريخ بهدف تعزيز الرواية الفلسطينية، في الوقت الذي تتعرض به للعديد من الأكاذيب المدسوسة لتقليل من أهمية الموروث الأثري الشاهد على تاريخ المدينة.

سها سكّر، شابة شاركت في المسارات السياحية ليقينها إنها تستطيع التعرّف على الوجه الآخر لمدينة غزة والتي اقترن اسمها حاليًا بالحروب، وتغيير هذه النظرة يتطلب من أهلها أن يكون على وعي كافٍ بما تحتضنه من آثار، فوجهها الجميل يحكي قصص حضارات تعاقبت على هذه المنطقة.

تكمل سكّر: "بعد تجربتي مع المسارات أصبحت أخصص جزءًا من وقتي للتجوّل في شوارع الحي بحثًا عن أماكن جديدة لم تنل نصيبها من الشهرة، وعند الرجوع إلى البيت أطالع كافة الروايات التاريخية عن ذلك المكان، تمهيدًا لنقلها إلى محيطي من الشباب".

خلال مسارٍ للتعرف على وادي غزة، سعت سكّر إلى التقاط صور للمكان الذي كان قديمًا وادٍ خصب، ثم تحوّل إلى مكرهة صحية لسنوات، ومؤخرًا أصبح محمية طبيعية بفعل مسارات بيئية عكفت على إعادة إحيائه، ليصبح مزارًا لفئات مختلفة من الناس وخاصة الشباب الذي بات يتأمل المكان للتعرّف على طبيعة النبتات والطيور فيه، ترافقهم الأغاني الشعبية والأكلات والتراثية التي صنعوها بأيديهم.

يوضح الخبير البيئي عبد الفتاح عبد ربه أن المسارات السياحية هي جهد حديث في قطاع غزة، تكم أهميتها في توعية الشباب/ات حول واقع البيئة المحلية، خاصة تلك المناطق التي تم العمل عليها لتحويلها بالكامل إلى محمية مثل وادي غزة.

ويلفت عبد ربه أن هناك عدد من الأماكن الطبيعية التي يمكن إقامة مسارات داخلها مثل وادي السلقا، بيت حانون، منطقة المواصي، تل العجول، القرية السويدية، وغيرها، حتى إن البحر نفسه من الممكن تنظيم مسار داخله للتعرف إلى نمط الحياة البحرية داخله.

فتلك المناطق تضم حسب عبد ربه تنوّع حيوي يمنح الراحة النفسية للمتجوّل، حسب طبيعة كل مكان، فالوادي بطبيعة أشجاره يختلف عن مناطق الكثبان الرملية، وهكذا، لكن المسار يخلق حسًا بيئيًا لدى المواطن، فلا يستطيع الفرد إلقاء القمامة على الأرض مثلًا، بالتالي يتشكل الوعي الذي ينقله للأقران، وهذا ما يحتاجه المجتمع لتغيير بعض السلوكيات الخاطئة التي تضر بالبيئة.

ويختم عبد ربه إن المسارات تنقسم إلى نوعين، البيئي الذي يشمل التعرّف على المناطق الطبيعية مثل تل أم عامر وتل الصن وبيت لاهيا وغيرها، وآخر خاص بالأبنية التراثية القديمة كزيارة مسجد السيد هاشم وحمام السمرة، وكلاهما يحمل القدر نفسه من الأهمية، لأن التعرف على تلك الأماكن يعزز قيمتها ويكون لدى الفرد بعد مدّة ثقافة ورؤية تحتّم عليه الحفاظ على البيئة والأماكن التراثية للأجيال القادمة.

كاريكاتـــــير