شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م19:51 بتوقيت القدس

اقتصاد 2022م.. خُدِعنا بـ"الأمل"

03 يناير 2023 - 14:34

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

أمام كاميرا نُصبت عند مفترق شارع فلسطين وسط مدينة غزة، يقف شابٌ لا تعطيه عمرًا أكثر من (30). يقفُ شاحبًا صامتًا لا يجد ما يردُّ به على سؤال المراسل الذي باغته بسؤاله فجأة: "ما هي أمنياتك للعام الجديد؟".

يصطنع ذلك الغزّيُّ على وجهه ابتسامةً، ويبتلعُ غصّة، ثم ينظر إلى عين الكاميرا، ويبدأ بسرد وجعه على الملأ: "أن أجد عملًا يقيني ذُل السؤال. أن أجد دواء أمي، ومصروف أختي، ومهر زوجتي، وبيتًا أبني فيه أسرة".

يبتلع الشاب ريقه، ويُكمل بيأس: "لا نطلب الكثير هنا، نطلب أن نعيش الحياة بحق، بأقل متطلباتها الأساسية، وحتى هذا غير متوفر. أنا اليوم أسعى للهجرة، أريد أن أبحث عن مستقبلي خارج هذا القمقم، أريد أن أجد نفسي التي ضاعت تحت حصار وعدوان إسرائيل. يا أخي يكفي.. تعبنا".

المراسل الذي أخذته العاطفة لمؤازرة الشاب بالتربيت على كتفه، فوجئ بشبانٍ تجمهروا خلف الكاميرا، وكأنهم وجدوا ضالتهم! هناك من يتحدث بلسانهم جميعًا، وكأنه "هُم"، بأوجاعهم، وأحلامهم، وأمنياتهم، وعمرهم الذي ضاع بين إغلاقٍ وفتحٍ للمعابر، وبحثٍ عن احتياجات الحياة المفقودة. كلهم أمّنوا وراءه: "والله تعبنا".

"الاقتصاد"، أحد أهم مقاييس جودة الحياة، ومعول الحضارة، وقاعدة قيام الدولة، ولكنه في فلسطين يقف مترنحًا على حبل! بين احتلال قائم، وانقسام داخلي يعصف بكينونة القضية منذ 16 عامًا ونيف.

كيف كان واقع الاقتصاد الفلسطيني في عام 2022م في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ الشابُّ أعلاه "وعلى بساطٍ أحمدي" لخّص الإجابة، وإليكم التفاصيل:

الحصار.. عامٌ جديد

في غزة، لم يختلف شيءٌ  في عام 2022م عن واقع العام الذي سبقه، ولعل الفلسطينيين لم يعد لديهم أمل باختلافٍ نحو الأفضل في العام المقبل. "اليأس سيد الموقف" -هذه حقيقة- في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة، على المدى المنظور مبدئيًا.

وباستثناء تفاصيل صغيرة، أُطلق عليها اسم "تسهيلات اقتصادية"، قُدّمت بدوافع سياسية، لم يطرأ تغييرًا كبيرًا في غزة، أو عليها، وهو ما تُظهره معطياتٌ مفزعة صادرة عن مؤسسات محلية ودولية، تشير إلى تفاقم معدلات الفقر، والبطالة، في القطاع الساحلي الصغير.

نسبة الفقر بلغت خلال العام 2022م حوالي (64%)، فيما تعاني أكثر من نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي، بسبب الفقر، والبطالة.

نسبة الفقر بلغت خلال العام 2022م حوالي (64%)، فيما تعاني أكثر من نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي، بسبب الفقر، والبطالة التي وصلت مستوياتها إلى ما نسبته (51%)، وهي واحدة من بين أعلى معدلات البطالة في العالم، وهو ما يفسر اعتماد (80%) من الغزيين -وغالبيتهم من اللاجئين- على معوناتٍ إنسانية تقدمها منظمات محلية ودولية، وفي مقدمتها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

الأخطر في معضلة البطالة أن نحو (71%) -وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء- من الشباب، عاطلون عن العمل، وغالبيتهم من الحاصلين على شهادات جامعية، وربما هذا ما يفسر مغامرة آلاف الشباب من غزة، بإلقاء أنفسهم في مهالك البر والبحر بحثًا عن حياةٍ أفضل في أوروبا، غير آبهين بمصير كثيرٍ ممن سبقوهم، عاد بعضهم إلى غزة جثثًا في "صناديق خشبية".

حروب بكل الأحجام

لم ينزف الغزيون اقتصادًا وحسب جراء سنوات الحصار الطويلة، وإنما عدوانات أصبحوا يميّزون بينها وفق عدد أيام الرعب والقتل والتدمير، ومثلما كانوا في العام الماضي 2021م على موعد مع العدوان الرابع، عاشوا في شهر آب/أغسطس من العام 2022م ثلاثة أيام قاسية، ارتكبت فيها قوات الاحتلال كل الانتهاكات بدءًا من الاغتيال، مرورًا بالقتل والتدمير، وحتى إضافة المزيد من القيود على الحصار المفروض أصلًا، وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد.

ووفقًا لوزارة الأشغال العامة والإسكان، بلغت قيمة خسائر هذه الجولة من التصعيد نحو 5 ملايين دولار، جراء تدمير منازل ومنشآت مدنية تجارية وصناعية، وبنى تحتية.

وفيما دأبت دول مانحة على إعادة بناء المباني السكنية، إلا أن الدمار الذي يلحق بالمنشآت التجارية والصناعية والاقتصادية تبقى معطلة، ما لم تكن لدى أصحابها القدرة على إعادة تشغيلها من جديد، وهو الأمر الذي يعمق من أزمتَي الفقر والبطالة.

وقال وكيل الوزارة المهندس ناجي سرحان في مقابلة سابقة مع "نوى": "العدوانات على غزة تؤدي إلى خسائر تتراكم اقتصاديًا، وتؤثر بنحوٍ خطير على عجلة الاقتصاد في منطقةٍ صغيرةٍ ومحاصرة، حتى باتت غزة بفعل الحروب المتكررة بحاجة إلى نحو 3 مليارات دولار، منها مليار لإعادة إعمار كل القطاعات، وملياران للتنمية وإعادة إعمار الشوارع والبنى التحتية والاقتصادية.

وكان سرحان واضحًا في تفسيره لتراجع الاهتمام بملف غزة، خاصة عملية إعادة الإعمار، وقال: "المانحون سئموا من تكرار الحروب، والتمويل المتكرر لإعادة بناء ما يتم تدميره من مبانٍ سكنية، وبنى تحتية، وأصبحوا يطالبون بتعهدات بالهدوء وضمان الاستقرار".

حالة عدم الاستقرار التي عليها غزة منذ سنوات طويلة تجعل الغزيين يعيشون حياتهم -كما يقولون بالعامية- "يوم بيوم"، وما يزيد من كآبة المشهد، استمرار الأزمات المركبة المتعلقة بالكهرباء والمياه والمعابر وغيرها، التي تعيق أي نهضة اقتصادية.

وخلال العام م2022، يراوح مجموع عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في اليوم الواحد بين (12) و(20) ساعة في أرجاء قطاع غزة، لأسبابٍ تُرجعها مؤسساتٌ مختصة لنقص الوقود، والبنى التحتية الكهربائية المتضررة، أو "المدمرة" بفعل الحروب وسنوات الحصار، وهو الأمر الذي يؤثر على عجلة الإنتاج عمومًا في كافة القطاعات هنا.

شريان وحيد

وتفرض سلطات الاحتلال كرم أبو سالم كمعبر تجاري وحيد منذ إغلاقها المعابر الخمسة الأخرى في العام 2006م، وقضت أخيرًا على أي أمل في عودة العمل لأكبر هذه المعابر المعروف باسم معبر المنطار "كارني"، عبر عملية أطلقت عليها "كارني عوز" لهدم هذا المعبر نهائيًا، واستكمال بناء الجدار المحيط بالقطاع من الناحية الشرقية.

يقول مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد بغزة، أسامة نوفل لـ "نوى": "إن كارني كان يستوعب ألف شاحنة يوميًا بالاتجاهين ذهابًا وإيابًا، فيما كرم أبو سالم يعمل بطاقة محدودة جدًا، ولا يستوعب سوى (400) شاحنة يوميًا.

تفرض سلطات الاحتلال قائمة ممنوعات تتضمن (500) سلعة، في مدخلات الإنتاج والمواد الخام.

وتفرض سلطات الاحتلال قائمة ممنوعات تتضمن (500) سلعة، في مدخلات الإنتاج والمواد الخام، فتسمح على سبيل المثال بإخال صنف أو أكثر، وتمنع أصنافًا أخرى مرتبطة بها تعرقل عملية الإنتاج والصناعة، إضافةً إلى منع مدخلات الإنتاج الزراعية، والآلات، والمعدات، وأصناف كثيرة من السلع التي تحتاج إلى تنسيقٍ خاص، وانتظار لشهور من أجل الرد، سواءً بالموافقة أو بالرفض، بحسب نوفل.

وتفرض دولة الاحتلال، قيودًا مشددة على حركة التصدير من غزة إلى أسواق الضفة الغربية والخارج، وترتبط بموافقات إسرائيلية موسمية ومزاجية، وتخضع لقرارات مفاجئة وبمبررات واهية، وفق نوفل، معقبًا: "هذه السياسات تحول دون تطور الاقتصاد على المدى المنظور، وتزيد من الواقع المعيشي سوءًا".

وتُظهر أرقام صادرة عن مؤسسات مختصة في غزة، حجم الضرر الذي لحق بقطاعات صناعية وإنتاجية، جراء هذه السياسات المرتبطة بالحصار والعدوانات المتلاحقة، إذ انخفض عدد المصانع بما يزيد على (95%)، وسُرِّح حوالي (70%) من العاملين في القطاع الصناعي،  بينما أغلب المصانع التي ما زالت على قيد العمل، تعمل بنسبة (50%) أو أقل من طاقتها الإنتاجية، بسبب أزمة الكهرباء، وضعف القدرة الشرائية، ومنع الاحتلال تصدير معظم المنتجات من غزة.

وتبرز الأزمة بشكل أوضح في قطاع صناعة الملابس، الذي كان يشكل (17%) من الناتج المحلي الإجمالي لغزة، قبل فرض الحصار، غير أن تداعياته المستمرة والمتلاحقة تسببت في إغلاق (87%) من مصانع الملابس.

تسهيلات بحرية وعمالية

سياسة الاحتلال "المزاجية" تظهر بوضوحٍ في تعامله مع الصيادين، وتلاعبه باستمرار في المساحة المسموحة للصيد، التي تتراوح عادة بين 3  و15 ميلًا بحريًا.

وفي سياق ما سُمِي بـ"التسهيلات اقتصادية"، سمح الاحتلال بإدخال مواد لإصلاح مراكب صيدٍ معطلة منذ سنوات، بفعل منع توريد هذه المواد لغزة منذ بدء الحصار، بذريعة أنها "مزدوجة الاستخدام"، وذلك في إطار مشروع تشرف عليه الأمم المتحدة، وتتكفل بمراقبة ورشة خصصت لهذا الغرض في ميناء غزة.

في غزة 4500 صياد، يعيلون أسرًا تعداد أفرادها يتجاوز 50 ألف فرد، فضلًا عن آلاف غيرهم ترتبط معيشتهم بقطاع الصيد البحري.

وبحسب نقابة الصيادين، يوجد في غزة 4500 صياد، يعيلون أسرًا تعداد أفرادها يتجاوز 50 ألف فرد، فضلًا عن آلاف غيرهم ترتبط معيشتهم بقطاع الصيد البحري، كتجار الأسماك والباعة المتجولين، وأصحاب المهن ذات العلاقة بصناعة السفن، وشباك الصيد، وغيرها.

ومن المفترض أن يستفيد أصحاب 300 مركب معطل من مشروع الصيانة، بإشراف الأمم المتحدة، فيما تقدر نقابة الصيادين عدد المراكب التي تحتاج لصيانة بنحو 800 مركب.

بدورها، تقول الموظفة الأممية المشرفة على المشروع منال النجار لـ"نوى": "تم الاتفاق على المشروع بعد جهودٍ حثيثة من قبل الأمم المتحدة، التي تواصل عملها من أجل مزيدٍ من التسهيلات، كإدخال محركات لمراكب الصيد، بغية تحسين واقع الصيادين في غزة".

وخلال العام 2022م، ارتفعت أعداد التصاريح التي تمنحها سلطات الاحتلال لعمالٍ من غزة، للسماح لهم بالعمل في الداخل المحتل إلى نحو 16 ألفًا.

ووفقًا لرئيس "الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين" في غزة، سامي العمصي، فإن متوسط الدخل اليومي للعامل الواحد حوالي 200 شيكل، "وهذا يحقق فائدةً للقطاع المحاصر، بحوالي مليون دولار يوميًا".

وكان من المفترض بموجب تفاهماتٍ جرت مطلع العام برعاية وسطاء، أن يصل عدد العمال إلى 30 ألفًا، غير أن العمصي يؤكد أن الاحتلال لم يتلزم بما تم التفاهم عليه، وقال لـ "نوى": "إن نحو 100 ألف سجلوا للحصول على تصريح للعمل".

ويرى الخبير في الشؤون المالية والاقتصادية نصر عبد الكريم، أن العمل في الداخل المحتل لتحسين حياة هؤلاء العمال، جيد ولو لفترةٍ مؤقتة، ولكنه لا يدفع بعجلة الاقتصاد نحو التحسن، ولا يساهم في خلق تنمية حقيقية.

سماسرة التصاريح

وفي الضفة الغربية لا يختلف واقع الحال كثيرًا عن غزة، إلا من تفاصيل صغيرة متعلقة بالأسباب والتداعيات. في ملف العمال مثلًا، يعاني عمال الضفة ممن يطلق عليهم اسم "سماسرة التصاريح"، الذين يبتزون العامل في لقمة عيشه؛ لتحقيق أرباح خيالية، فضلاً عن تهربهم من دفع الضرائب والالتزامات المالية للسلطة، التي لا تزال تعيش على وقع أزمة مالية مستمرة منذ بضعة أعوام.

ويقول أمين عام "الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين" شاهر سعد لـ "نوى": "هؤلاء السماسرة هم "عصابات"، يمارسون كل فعل للتحايل على القوانين، مستغلين امتلاكهم رخصة مشغل في إسرائيل، تمكنهم من استصدار تصاريح، فيقومون بالمتاجرة بها وبيعها للعمال، الذين تضطرهم الحاجة إلى القبول بهذا الابتزاز، والموافقة على اقتسام أرزاقهم معهم".

سعد: يستنزف "السماسرة" الاقتصاد الوطني، فالعامل يخسر حوالي ثلث أجره جراء ما يدفعه للسمسار للحصول على تصريح.

وإضافة إلى ضررهم البليغ والخطير على العامل وحقوقه كافة، يستنزف "السماسرة" الاقتصاد الوطني، "فالعامل يخسر حوالي ثلث أجره جراء ما يدفعه للسمسار للحصول على تصريح العمل" يضيف سعد.

وبحسب تقدير رسمي لوزارة العمل الفلسطينية، فإن الاقتصاد يخسر سنويًا أكثر من مليار و200 مليون شيكل، بفعل ظاهرة "سماسرة التصاريح".

ويقدر عدد العمال الفلسطينيين من الضفة الذين يعملون في الداخل المحتل بنحو 200 ألف عامل، غير أنه لا يوجد على نحو دقيق، إحصاء لعدد العمال الذين يعملون بموجب تصاريح السماسرة.

أزمات مُركبة

ورغم أن بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية أظهرت تضاعف الدعم الخارجي الموجه للموازنة العامة والتطويرية خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، مقارنة بذات الفترة قبل عام، إلا أن السلطة لا تزال تواجه أزمة مالية تجعلها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، خاصة المتعلقة برواتب الموظفين.

في عام 2022م، عاد الدعم الأوروبي والأمريكي المخصص لمستشفيات القدس، فيما لا يزال الدعم العربي متراجعًا بشكلٍ واضح منذ عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفرضه لاتفاقيات التطبيع، إضافةً إلى جائحة "كورونا" التي أثرت على أولويات صرف المساعدات للدول، نتيجة الصعوبات الاقتصادية.

ووفق البيانات الرسمية فإن الدعم الأمريكي لمستشفيات القدس بلغ نحو 50 مليون شيكل، فيما قدم الاتحاد الأوروبي دعمًا عبر الآلية الفلسطينية الأوروبية لإدارة المساعدات الاجتماعية والاقتصادية، بحوالي 239 مليون شيكل، توزعت بين دعمٍ لموظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين بقرابة 115 مليون شيكل، ودعم مستشفيات القدس بقيمة 55 مليونًا، ودعمٌ آخر خصص لمواجهة "كورونا" بنحو 70 مليونًا، إضافة إلى تقديم البنك الدولي دعمًا بقيمة 139 مليون شيكل .

وعاد الدعم الأوروبي قبل بضعة شهور، بعد محاولات لعدد من الدول الأوروبية لمنع التمويل عن السلطة الفلسطينية، وربطه بشروط تتعلق بإجراء تغييرات على المناهج الفلسطينية.

تسعى السلطة الفلسطينية إلى مواجهة أزمتها المالية، والعجز في موازنتها العامة، عبر معالجة ملف التقاعد.

وتسعى السلطة الفلسطينية إلى مواجهة أزمتها المالية، والعجز في موازنتها العامة، عبر معالجة ملف التقاعد، لتقليل فاتورة الرواتب الشهرية، إضافة إلى إصلاحاتٍ ضريبيّة، من أهمها إقرار قانون جديد لضريبة القيمة المضافة.

وبحسب بيانات وزارة المالية، التي أعقبت عودة الدعم الأوروبي والأمريكي، فإن العجز الكلي يقدر بنحو 564 مليون دولار.

وتأمل السلطة في خفض الفجوة عبر التقاعد وتحسين جباية الضرائب، وإصلاحات أخرى في عدة ملفات.

الاحتلال أصل الأزمة

يتكبد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة بسبب سياسات الاحتلال، التي تعيق عمليات التنمية الحقيقية، وذلك بفعل سيطرة الاحتلال على الموارد الفلسطينية، وفرض حواجز تقطع أوصال الضفة، وتمنع التواصل، وسهولة التنقل كأساسٍ لتطوير القطاعات الاقتصادية.

وخلُص تقرير صدر حديثًا عن مؤتمر "الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" "الأونكتاد"، إلى أن القيود الاقتصادية التي يفرضها الاحتلال على الضفة، كلّفت الاقتصاد الفلسطيني 50 مليار دولار بين عامي 2000م، و2020م.

يعقب نصر عبد الكريم بالقول: "إن سيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعية، واستمراره في قرصنة أموال المقاصة وهي أكبر مصدر لدعم موازنة السلطة، وسيطرته على المعابر، كلها عوامل تعيق التنمية الاقتصادية، وتعمق من الأزمات".

ووفقًا لتقرير "الأونكتاد" فإن إنهاء الاحتلال للمنطقة (ج) التي تشكل 60% من الضفة، أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ لأنه سيمكن الشعب الفلسطيني من مضاعفة حجم اقتصاده.

تساهم المستوطنات المقامة في هذه المنطقة سنويًا، بنحو 41 مليار دولار في الاقتصاد الإسرائيلي، أي 227% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني في العام 2021م.

وتساهم المستوطنات المقامة في هذه المنطقة سنويًا -بحسب التقرير- بنحو 41 مليار دولار في الاقتصاد الإسرائيلي، أي 227% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني في العام 2021م.

هذا الناتج المحلي الإجمالي، المُنتج باستخدام الأراضي والموارد الطبيعية الفلسطينية، هو مؤشر آخر على التكلفة الكبيرة التي يتحملها الشعب الفلسطيني بسبب إقامة المستوطنات ونموها المستمر. يذكر تقرير "الأونكتاد" أن التكلفة المقدرة، لا تمثل سوى جزءًا بسيطًا من تكلفة الاحتلال للمنطقة (ج) وشرقي القدس، التي هي في حد ذاتها جزء صغير من التكلفة الاقتصادية الإجمالية التي يفرضها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لا نور في نهاية النفق. يروّج الاحتلال بأن عام 2022م حمل العديد من التسهيلات للفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة، وفي الوقت ذاته، تشهد الصور والأحداث المتلاحقة، بنكبةٍ طالت أذرع الاقتصاد جميعًا.

عدوانٌ على غزة، وتدميرٌ للمنشآت السكنية والتجارية، واجتياحاتٌ وإغلاقاتٌ في الضفة، والكثير من "الفقر" الذي ينثره الواقع فوق رؤوس المتمسكين بدرع الدفاع عن القضية. في عام 2022م، بقي جيب الفلسطينيين خاويًا إلا من مزيدٍ من القهر وبواقي "أمل" ادخروه للعام القادم.. من يدري؟ قد يباغتهم بانفراجةٍ فجأة!

كاريكاتـــــير