شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م20:58 بتوقيت القدس

الغيم والمطر: الرواية الفلسطينية.. من النكبة إلى الانتفاضة

13 يوليو 2022 - 11:53
عطا درغام

اشتعل التوهج الثوري بسرعة في انتفاضة 8 ديسمبر 1987، ثم انتفاضة الأقصى 28 سبتمبر 2000 كان امتدادًا لتوهجات أخري كثيرة سابقة، وليس من المصادفة في شيء أن يُطلق علي ثورة 1935 في فلسطين لفظة (انتفاضة)، أو يعرف المؤرخون ما حدث في عام 1936 من ثورة عاتية بإضراب (الأشهر الستة)، بل وجدنا عددًا من المؤرخين والمراقبين يسمون الانتفاضة الأخيرة باسم (الثورة) على الرغم من أن أصحابها كانوا يحجمون عن ذلك.

ولأن الانتفاضة عمل ذاتي خالص، فقد استحدثت لأدواتها وطورتها خلال الطقوس اليومية المستمرة ضد المحتل، في البداية استخدم أسلوب الإضراب ضد العبث الإسرائيلي، وحين زاد العنت واستفحل الأسلوب المستهجن استبدل بالحجر الإطار المشتعل ثم المقاومة بأخطر طلقة ثم الاستشهاد لآخر نفس. 

وراح الجيش الإسرائيلي - من الناحية الأخرى- يستبدل بحظر التجول والتخويف أدوات أخرى أكثر عنفًا ووحشية، وبذلك طورت الانتفاضة الفلسطينية نفسها أكثر في مواجهة قوي أكثر عددًا وأشد تسليحًا وزادت أشكال الصراع وتعددت.     

أصبح من الطقوس اليومية الحجر والمولوتوف والإطار المشتعل والخناجر والسكاكين والإضرابات المستمرة والكمائن المتوالية والاستشهاد الجريء.. في مواجهة اختراع البطاقات الخضرا للعمل في الأرض المحتلة والمطاردات وقنابل الغاز واغتيال الأطفال.

وفي مواجهة الإضراب استمرت سياسة حظر التجول، وفي مواجهة الحجر كان القتل وتكسير الأطراف.. وفي مواجهة العصيان المدني المشروع، استخدمت الوحشية النازية في أعلى درجاتها أمام الأطفال والنساء والشيوخ.       

ذلك كله عبَّرت عنه رواية (الانتفاضة بوجه خاص)، والتعبير بدأ في مراحل الغيم المختلفة التي كانت قد توالت قبل الثامن من ديسمبر 1987. قبل ذلك بعشرات السنين من نقد الذات إلى الانتفاضات المتوالية لعشرات السنين حتى انتهى ذلك كله إلى شيء أشبه بالمطر الأسود، مطر أسود غزير توالى هطوله في سنوات الانتفاضة في الأرض العربية المحتلة في فلسطين حتى جاء إلينا "زمن أوسلو السعيد" في نهاية القرن العشرين. وها نحن في القرن الحادي والعشرين وما زال مستمرًا.     

غير أن أوسلو كان لا بد أن ينقضي ويتمخض الشتاء القارس عبر غزة وأريحا وأوسلو وواي بلانتيشن وكامب ديفيد حتى عرفنا تكتلات غيم جديدة أسود عرفناها في مطر أسود أيضًا، تجلى في أقصى درجاته في (انتفاضة  القدس ) الأخيرة وتداعيات جنين ورام الله وطولكرم والخليل بعد الثامن والعشرين من سبتمبر 2000 حتى الآن.

ويذكر الدكتور مصطفي عبد الغني إنه لتصوير فترات الغيم الطويلة رصد بعض تحولاتها خارج الأرض وداخلها من أبنائها  غسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا وهشام شرابي وسحر خليفة. 

وحين تعددت طبقات الغيم، وتراكمت تحول الغيم إلى غضب في هذا المطر الأسود الثقيل حيث اقتصر منه، على حد قوله - داخل الأرض المحتلة- فهم أقرب إلى المحاربين إلى المعركة وأكثر خبرة وأبعد بصرًا وتوالت أسماء كثيرة لم تعرف إلا الأرض المحتلة وإلا النضال فيها من أمثال زكي درويش ومحمد وتد وراضي شحاتة وسحر خليفة وإميل حبيبي وليانة بدر.. وغيرهم.   

ويُشير الدكتور مصطفي عبد الغني أنه بذل جهودًا كبيرة للحصول على النصوص من داخل الأراضي المحتلة، إذ طبعت في الغالب بين دار عربسات في حيفا ومنشورات البرق في جت- المثلث أو اللجنة القومية العربية أو جمعية شئون المرأة بنابلس، وعديد من الإصدارات التي كانت في الغالب من داخل الأراضي المحتلة.

وهذه محاولة منه لرصد طبقات الغيم وتحولها تحت ضغوط العواصف والأنواء إلى مطر أسود.. وقد رصد الكاتب عدة محاولات من المقاومة والفدائية الباسلة عبر النص الروائي في الانتفاضة.

منقول عن بوابة الهدف الإخبارية

كاريكاتـــــير