شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م11:37 بتوقيت القدس

كيف تتصرف أثناء "المقابلة الأمنية"؟

غزة.. حملات توعية للعابرين من "إيرز"

20 ديسمبر 2021 - 00:40

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

لطالما وصفت منظمات حقوقية فلسطينية معبر بيت حانون "إيرز" شمال قطاع غزة بالـ"مصيدة"، إذ حيث استخدمته سلطات الاحتلال الإسرائيلية مرارًا لمساومة المسافر الفلسطيني على ألمه وحاجته للعمل أو العلاج، وأحيانًا للاستدراج والاعتقال.

هذا المعبر، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، هو ممرٌ إجباري للوصول إلى "إسرائيل" ومناطق الضفة الغربية، ويتطلب اجتيازه سواءً للعلاج، أو للعمل والتجارة، الحصول على تصريح إسرائيلي، يُمنح لطالبه وفق اعتباراتٍ أمنيةٍ  إسرائيلية.

احتجزت مخابرات الاحتلال محمد المريض 5 ساعات، وساومته: "التخابر" مقابل العلاج

وكان لـ"سالمة" من اسمها نصيب، إذ خرجت ونجلها "محمد" سالمَين من تجربةٍ مريرة على هذا المعبر قبل نحو أربعة أعوام، عندما احتجزت مخابرات الاحتلال محمد المريض، وساومته: "التخابر" مقابل العلاج.

في ذلك اليوم، رافقت سالِمة (64 عامًا) ابنها محمد (33 عامًا) بغرض الوصول إلى مستشفى المقاصد في مدينة القدس المحتلة من أجل العلاج،  غير أن مخابرات الاحتلال استدعت محمد واحتجزته لنحو 5 ساعات.

تقول سالمة التي فضّلت عدم ذكر اسمها كاملًا لـ"نوى": "كلما مرّ الوقت كانت النار تأكل قلبي من شدة الخوف".

وأضافت: "حصلنا على تصريح المرور عبر إيرز بعد مرات عدة من الرفض دون مبرر (..)  كان الهدف إجراء عملية جراحية لمحمد في مستشفى المقاصد، لعل ذلك ينهي آلام ذراعه التي رافقته لسنوات".

عندما رفض محمد التعاون سحب ضابط المخابرات التصريح، وصرخ في وجهه: "ارجع غزة وستموت هناك"

خلال احتجاز محمد، مارس ضابط المخابرات معه أساليب "الترغيب والترهيب" لإقناعه بالعمل لصالحه مقابل المال؛ والسماح له بالعلاج، وبحسب والدته: عندما رفض محمد هذا الابتزاز، سحب ضابط المخابرات التصريح، وصرخ في وجهه: "ارجع غزة وستموت هناك".

تكمل سالمة: "عدنا إلى غزة ومحمد يكابد آلامه معتمدًا على المسكنات، في حين لا يستطيع فعل أي شيء سوى المكوث في المنزل، بلا عمل يسد احتياجات أسرته التي يتحمل مسؤوليتها منذ وفاة والده عندما كان في الخامسة عشرة من عمره".

هذه الحكاية تتكرر مع مرضى ومرافقيهم، ومع تجار وعمال، إذ تستغل دولة الاحتلال حاجتهم للتصريح من أجل المساومة والابتزاز، وفي بعض الأحيان تستخدم مخابرات الاحتلال هذا التصريح لاستدراج مطلوبين إلى "مصيدة إيرز" واعتقالهم، بحسب وصف "مركز الميزان لحقوق الإنسان" في بيان له، أكد فيه رصد عددٍ من عمليات الاعتقال، بالإضافة إلى عمليات ابتزاز تمت بحق مسافرين.

مركز الميزان: طالب التصريح يستدعى لمقابلة أمنية في المعبر، وغالبًا ما يتم اعتقاله وإخضاعه لعملية ابتزاز للتخابر مع الاحتلال.

ووفقًا للمركز الحقوقي فإن "طالب التصريح يستدعى لمقابلة أمنية في المعبر، وغالبًا ما يتم اعتقاله وإخضاعه لعملية ابتزاز للتخابر مع الاحتلال، أو القول له: ارجع إلى غزة لتموت فيها"، عادًا "معبر بيت حانون (إيرز) بمثابة سلاحٍ لابتزاز المسافرين الفلسطينيين".

وتُلقي سياسة الاحتلال على المعبر، بحسب "الميزان"، بظلال نفسية واجتماعية وجسدية على المسافرين وغالبيتهم من المرضى، الذين تفتقر مستشفيات غزة إلى إمكانيات علاجهم.

وتنشط في قطاع غزة، حاليًا، فعاليات توعوية تُحذّر من أساليب الاحتلال في الابتزاز والمساومة، واستغلال حاجة الفلسطيني لهذه التصاريح، تشرف على تنفيذها لجنة مؤلفة من وزارتي الداخلية والأمن الوطني، والأوقاف والشؤون الدينية.

وقال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الدكتور عبد الهادي الأغا لـ"نوى": "هذه اللجنة تنفذ خططًا وبرامج من أجل توعية المواطن الفلسطيني، خصوصًا شريحة العمال، بما يضمن لهم الحصانة من الأساليب المخابراتية التي يتبعها الاحتلال للإيقاع بهم"، داعيًا العمال وكل من تدفعه الحاجة للمرور عبر "إيرز" إلى التحلي بـ"العزة والكرامة"، وعدم الخضوع للابتزاز مهما كانت الأساليب والمغريات.

من جهته، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية اللواء متقاعد رفيق أبو هاني لـ"نوى": "إن أساليب الضغط والابتزاز كثيرة، ولكنها لا تجدي نفعًا مع ذوي الإرادة الصلبة".

أبو هاني: ضباط الاحتلال يدرسون "نقاط الضعف" لدى الشخص المستهدف، سواءً كان عاملًا أو مريضًا أو تاجرًا، ويجعلون منها مدخلًا للمساومة.

وأوضح أن ضباط مخابرات الاحتلال يدرسون "نقاط الضعف" لدى الشخص المستهدف، سواءً كان عاملًا أو مريضًا أو تاجرًا، ويجعلون منها مدخلًا للمساومة، وفي مقابل ذلك تقوم الأجهزة الأمنية في غزة وفي إطار "صراع الأدمغة" بحملات توعية وتعريف بأساليب المخابرات، وكشفها للفلسطيني، لمساعدته على الصمود والمقاومة.

ولضابط المخابرات، بحسب اللواء أبو هاني، سقف للمحاولات، "وفي حال وجد من أمامه "صلبًا" فإنه يتراجع، ويبحث عن مستهدَفٍ آخر.

وينصح أبو هاني العمال وكل العابرين عبر "إيرز"، ممن يتعرضون للابتزاز والمساومة للتخابر مع الاحتلال، بالمسارعة وعدم التردد في إبلاغ الأجهزة الأمنية في غزة بذلك، قائلًا: إن "الأجهزة الأمنية تتعامل مع هذه الحالات بكثير من السرية والمهنية، وتقدم النصح والإرشاد لصاحب البلاغ، وتراعي مصالحه وحاجته، وليس بالضرورة أن تصدر قرارًا بمنعه من السفر".

وقال رئيس "الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين" في غزة سامي العمصي لـ "نوى": "إن السلطات في غزة تشجع العمال على البحث عن مصادر رزق تخرجهم من حال الضيق والفقر في ظل تدهور الواقع المعيشي وارتفاع معدلات البطالة".

وتشير المعلومات إلى موافقة "إسرائيل" -لأول مرة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000- على دخول 30 ألف عامل من غزة للعمل لديها، بموجب تفاهمات سياسية، ونتيجة مباحثات غير مباشرة أدارها وسطاء بين "إسرائيل" و"حماس"، التي يمثّل إشرافها على عملية تسجيل العمال سابقة لم تحدث من قبل.

العمصي: دخول 30 ألفًا للعمل في "إسرائيل" يخفف البطالة المستشرية في غزة بنسبة تتراوح بين 7 و10%.

وبحسب العمصي فإن دخول 30 ألفًا للعمل في "إسرائيل" يخفف البطالة المستشرية في غزة بنسبة تتراوح بين 7 و10%.

ويعمل حاليًا نحو 8800 عامل من غزة في قطاعات مختلفة داخل "إسرائيل"، بموجب حصولهم على "تصاريح تجار"، منذ أن سمحت دولة الاحتلال بذلك في عام 2019م.

وتتراوح أجرة العامل داخل "إسرائيل" ما بين 300 و400 شيكل، فيما لا تتجاوز أجرته في غزة الـ 50 شيكلًا.

وكان خبراء ورجال أعمال في غزة، انتقدوا توجّه العُمال للعمل في "إسرائيل" بموجب "تصاريح تجار"، ما يتيح للمشغل الإسرائيلي التلاعب بأجرة العمال، والتهرب من حقوقهم في حال الإصابة أو الوفاة، ومن مستحقاتهم المتعلقة بالتأمين ومكافأة نهاية الخدمة.

وقال العمصي: "إسرائيل خضعت للضغوط بموافقتها على دخول عمال من غزة، حتى وإن كان ذلك بموجب "تصاريح تجار"، ولكنها خطوة مهمة"، مطالبًا في الوقت نفسه المستوى السياسي بمواصلة الضغط عبر الوسطاء، من أجل تحسين التفاهمات، وضمان حقوق العمال كاملة.

كاريكاتـــــير