شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م08:35 بتوقيت القدس

اعتمدته غزة خلال "الطوارئ"..

هل حقق "التعليم الإلكتروني" شرط عدالة الوصول؟

15 يونيو 2020 - 07:56

غزة/ تحقيق لشبكة نوى- فلسطينيات:

في السادس من شهر آذار/ مارس الماضي، أعلنَ رئيس الوزراء الفلسطيني محمد شتية حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية، تحرزا من تفشي فيروس "كورونا" الذي ظهر في بيت لحم ذلك الوقت، وعلى إثر ذلك تعطلت كافة المؤسسات الحكومية بما فيها التعليمية بمراحلها المختلفة، وأوعز وزير التربية والتعليم للمدارس الحكومية بإنتاج حلقات فيديو تعليمية لما تبقى من المناهج الدراسية، وبثها على المواقع الإلكترونية التابعة للوزارة والمدارس على اختلافها، تماشيًا مع الاتجاه العالمي بالتعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا.

باشرت العديد من المدارس الحكومية في قطاع غزة ببث حلقات تعليمية مصورة، أكثرها كانَ عن المتبقي من منهاج المرحلة الثانوية – التوجيهي- فيما تقاعست المدارس الحكومية للمراحل الدنيا عن تنفيذ ما طُلب منها، وقدمت بعض المدارس الخاصة محاولات خجولة لإبقاء الطلبة على إطلاع مباشر على ما تبقى من منهاج، محاولات لم ترتق لشكل التعليم عن بعد، وكانت تعتمد على جهود الوالدين بما يُعرف اصطلاحًا بالتعليم المنزلي، وفق متابعة خلال شهر مايو/آيار.

أهالي بعض طلبة المدارس في المراحل التعليمية المختلفة (الابتدائية والاعدادية)، عدوا في أحاديث منفصلة لـ"نوى" أن المدارس ووزارة التعليم، لم تقدما لأبنائهم تعليمًا حقيقيًا بعد انقطاعهم عن الدراسة، وأن محاولات الأهالي الخاصة لتدريس أبنائهم كانت صعبة وغير مجدية، خاصة أن الكثير منهم لا يملك الخبرة في التدريس وطرقه التي تتبعها المدارس أو تعتمدها وزارة التربية والتعليم.

فيما أكد عدد من طلاب الثانوية العامة من المناطق النائية والفقيرة في قطاع غزة الذين قابلتهم "نوى"، أن وزارة التربية والتعليم بذلت جهدًا في توفير مواد مرئية ومكتوبة عبرَ بوابتها الالكترونية "روافد"، إلا أنها لم تراعِ الظروف التي يعيشها الطلبة، التي تمنعهم من متابعة دراستهم أو الاستفادة مما تبثه.

 فهل التفتت وزارة التربية والتعليم لملاحظات الأهالي؟! وهل كان للتعليم "الالكتروني" جدوى حقيقية للمراحل التعليمية المختلفة في ظل جائحة كورونا؟

مناطق غير مؤهلة

ريهام شقليه والدة طفلين في المرحلة الابتدائية بمدرسة الشوكة الابتدائية بمحافظة رفح جنوب قطاع غزة، أوضحت أن مدارس الأونروا بما فيها مدرسة أبنائها لم تطلب من الأهالي مراجعة صفحات الوزارة لمتابعة تعليم أبنائهم، غير أن الأمر لم يكن مهمًا جدًا في نظرها، مُفسرة ذلك بالقول: "لا نمتلك لابتوب في المنزل، ونعتمد على هاتف زوجي الحديث وهو الوحيد الذي بإمكانه الاتصال بالإنترنت، ناهيك عن أن الإنترنت ضعيف جدًا، ومن الصعب استغلاله في تشغيل فيديوهات تعليمية".

الكهرباء غير المنتظمة لدى عائلة ريهام كانت عاملًا غير مشجع كذلك لمتابعة أي نشاط تعليمي إلكتروني، حالها كحال الكهرباء لدى عائلة دانا عيسى طالبة التوجيهي من قرية عبسان جنوب شرق محافظة خانيونس جنوبًا.

دانا بينت لـ"نوى" أنها عجزت عن مشاهدة أي فيديو تعليمي على موقع "روافد"، الذي خصصته وزارة التربية والتعليم لشرح منهاج الثانوية العامة المتبقي بعد إغلاق المدارس.

منزل عائلتي غير مؤسس بشكل كامل من حيث إمدادات الكهرباء، مسقوف بألواح الزينكو، ويقع في منطقة متطرفة شرقَ القرية، ويمد والدي خط كهرباء وحيد يسمح لنا بإنارة المنزل يومًا بعد يوم.

وقالـت: "منزل عائلتي غير مؤسس بشكل كامل من حيث إمدادات الكهرباء، خاصة وأنه مبني من الحجر، ومسقوف بألواح الزينكو، ويقع في منطقة متطرفة شرقَ القرية، ويمد والدي خط كهرباء وحيد يسمح لنا بإنارة المنزل يومًا بعد يوم مساءً فقط، هذا بالإضافة إلى أننا لا نمتلك إلا هاتف "نوكيا" من نوع "كشاف" هو الذي أهاتفكم الآن منه، ولا يمكنه الاتصال بالانترنت حتى وإن توفر".

تمكنت دانا من متابعة منهاج التوجيهي عن طريق بعض معلماتها اللواتي استجبنَ لطلبها بتدريسها في منازلهن، نظرًا لصعوبة ظروفها المادية، تتابع: "بعض المعلمات وافقن أن يشرحن لي الدروس التي لم أتمكن من فهمها، وكانت إحداهن تدفع لي ثمن المواصلات كذلك، في حين لم تبادر مدرستي عبرَ أي مبادرة فردية، أو حتى بإيعازٍ من وزارة التربية والتعليم، بالبحث عن طلبة التوجيهي المعوزين، لتقديم خدماتها التعليمية لهم، والجميع يعلم صعوبة هذه المرحلة وظروف المذاكرة لها، إلا أنهم اكتفوا فقط ببعض الفيديوهات والشروحات على الإنترنت، الذي لا يعرف بعض الطلبة وأنا منهم كيف نصل لها".

ولا يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال معدات تقنية لتشغيل ترددات الجيل الثالث (G3) إلى قطاع غزة، الأمر الذي يعيق تأمين وصول الإنترنت بكفاءة عالية.

لا يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال معدات تقنية لتشغيل ترددات الجيل الثالث (G3) إلى قطاع غزة، الأمر الذي يعيق تأمين وصول الإنترنت بكفاءة عالية.

على إثر ذلك، اعتمد الكثير من الطلبة على مدرسيهم في الحصول على دروسٍ خصوصية لما تبقى من المواد الدراسية، وكان أستاذ اللغة الإنجليزية حسام أبو شمالة واحدًا من الأساتذة الذين لجأ إليهم الطلاب لمتابعة المناهج.

أبو شمالة، الذي يُدرّس الإنجليزية للثانوية العامة منذ 11 سنة في مدرسة جمال عبد الناصر شرقَ حي الشجاعية، أكدَ أن الكثير من الطلبة اشتكوا من عدم تمكنهم من الوصول للمحتويات الإلكترونية التي نشرتها وزارة التربية والتعليم إلكترونيا، وأن بعضهم رغمَ متابعته للحلقات الإذاعية المخصصة للمراجعة، كان يلزمه شرحٌ مستفيض من المعلمين بشكل مباشر "وهذا ما لم توفره الفيديوهات والحلقات المصورة، التي أنتجتها وزارة التربية التعليم" وفق قوله.

المدرّس أبو شمالة: في المناطق الشرقية والفقيرة كانت ظروف التعليم صعبة على الطلاب في الوضع الطبيعي، إذ أن الكثير من طلبتي يعملون مع عائلاتهم بعد انتهاء دوامهم المدرسي.

وتابع أبو شمالة: "في المناطق الشرقية والفقيرة كانت ظروف التعليم صعبة على الطلاب في الوضع الطبيعي، إذ أن الكثير من طلبتي يعملون مع عائلاتهم بعد انتهاء دوامهم المدرسي، وأذكر أن أحد الطلاب كانت والدته تُحضر له الخرفان والأغنام إلى باب المدرسة ليتولى أمرها بعدَ دوامه مباشرة".

يظن حسام أن عددًا كبيرًا من طلبته لا يملكون هواتف محمولة حديثة، أو أجهزةً إلكترونية، يمكنهم من خلالها متابعة تعليمهم أثناء الطوارئ بالإضافة إلى اضطرارهم للعمل مع عائلاتهم على حساب دراستهم.

وتساءل: "كان طلابي يشكونَ من انقطاع التيار الكهربائي، وعدم مقدرتهم على الدراسة مساءً، وأتوقع أنه من الصعب عليهم متابعة الدراسة إلكترونيا".

محاولات

كانت صعوبة الوصول إلى الفيديوهات التي تنتجها وزارة التربية والتعليم نتيجةً لا سببًا، لعددٍ من العقبات التي واجهت طلاب المراحل المختلفة في المناطق الفقيرة والنائية في قطاع غزة.

تلك المناطق تفتقر لبنية تحتية تمنحها شروط الحياة السهلة ولو بالحد الأدنى، فغياب التيار الكهربائي عن كثير من المنازل بسبب عدم وصول الكهرباء للأحياء النائية على الشريط الشرقي للقطاع – وفق متابعة نوى- وانقطاعه لساعات طويلة من النهار، تتجاوز الثماني ساعات المُعلن عنها وفق جدول شركة الكهرباء، وعدم توافر شبكة إنترنت، ناهيكَ عن فقر العائلات وعجزهم عن مد خطوط هواتف، تمنحهم القدرة على الولوج إلى الإنترنت عبرَ خط النفاذ، وعجزهم كذلك عن شراء هواتف وحواسيب محمولة، تمنح أبنائهم القدرة على متابعة دروسهم التي انقطعوا عنها، غير أن الأمر كانَ مهمًا جدًا لطلبة المرحلة الثانوية على وجه الخصوص.

وبالعودة إلى التوزيع النسبي للأسر حسب توفر خدمة الإنترنت داخل البيت في قطاع غزة خلال العام 2017م، فقد بلغت (62.0%).

وفق آخر إحصاءات صدرت عام 2017م، بلغ معدل امتلاك كمبيوتر مكتبي (9.0%)، في حين أن نسبة امتلاك هاتف ذكي (75.5%)، بينما كان امتلاك تابلت وآيباد بنسبة (14.3%).

أما على صعيد نسب الأسر التي يتوفر لديها بعض أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البيت بقطاع غزة، فوفق آخر إحصاءات صدرت عام 2017م، بلغ معدل امتلاك كمبيوتر مكتبي (9.0%)، في حين أن نسبة امتلاك هاتف ذكي (75.5%)، بينما كان امتلاك تابلت وآيباد بنسبة (14.3%).

المهندس أكرم فروانة رئيس قسم التعليم الإلكتروني بوزارة التربية والتعليم، أوضح أن الوزارة لم تكتفِ بما تنشره من فيديوهات تعليمية على موقع "روافد" التابع لها، بل استعانت بالبرامج الإذاعية التي تُسجل باستديوهات صوت التربية والتعليم، وتُبث عبر الإذاعات المحلية، كمراجعة للمناهج التعليمية للمرحلة الثانوية على وجه الخصوص.

وقال: "كان الوصول إلى موقع روافد في وقت الذروة يتراوح ما بين 15 إلى 20 ألف وصول، ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وأثناء الامتحانات تصل إلى 8 آلاف طالب"، عادًا هذا دليلًا على الاستفادة الحقيقية من الموقع.

بنى تحتية غير مؤهلة

"فيديوهات الموقع التعليمية تُلقن المعلومات للطلبة عبرَ شرحها، فيما يحتاج الطلبة للإجابة عن تساؤلاتهم والحصول على مزيد من الشروحات، فهل تضمنت محاولات وزارة التربية والتعليم هذه الملاحظات؟ سألنا فروانة فأجاب: "أنشأنا عن طريق جوجل صفوفًا إلكترونية تضم الطلبة والمعلمين، وكانت هذه الخطوة ضرورة إذ يحصل الطالب على إجابات مفصلة عن أسئلته".

إذا حققت الفيديوهات المنشورة على الموقع الإلكتروني مشاهدات جيدة من قبل الطلبة الذين يمتلكون القدرة على الوصول إليه، فماذا عن أولئك غير القادرين على ذلك؟

فروانة: "نشرنا الحلقات المصورة لشروحات الدروس التعليمية على قنوات محلية، حتى يسهل على الطلبة الذين لا يمتلكون أجهزة حواسيب وإنترنت مراجعة الدروس".

فروانة أكد أن الوزارة أخذت بعين الاعتبار ذلك الأمر، ولذا نشرت الفيديوهات على قنوات محلية، يعقب بقوله: "نشرنا الحلقات المصورة لشروحات الدروس التعليمية على قنوات محلية، حتى يسهل على الطلبة الذين لا يمتلكون أجهزة حواسيب وإنترنت مراجعة الدروس، هذا بعدَ التفات الوزارة إلى أن بعض الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة، لن يتمكنوا من متابعة التعليم إلكترونيًا بسبب عدم تأهيل المناطق التي يسكنون فيها ببنى تحتية".

وأشار إلى أن وزارته تعتمد خطةً تدريبيةً للمدرسين والطلبة، هدفها إكسابهم مهارات التعلم عن بعد، ونشر الدروس والاستفادة منها، والتواصل الإلكتروني.

ينص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في نص المادة (13) على أنه: تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها.

ينص القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية في المادة (24) على أن: "التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية على الأقل".

إلى جانب ذلك، ينص القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطينية في المادة (24) على أن: "التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية على الأقل، ومجاني في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة. وتشرف السلطة الوطنية على التعليم كله وفي جميع مراحله ومؤسساته وتعمل على رفع مستواه.

غير أن ظروف طلبة المناطق النائية والفقيرة، حالت دون الحصول على هذا الحق، خاصة أن فئة كبيرة من الطلبة قد حرموا من ممارسة تقنية التعلم عن بعد، والاستجابة إلى متطلبات العملية التعليمية في ظل جائحة كورونا. 

ولم يتسنَّ لنا معرفة أعداد هؤلاء الطلبة، غير أنه وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد المدارس في قطاع غزة بلغت خلال عامي 2018/2019 (737 مدرسة)، فيما بلغ عدد طلبة المدارس خلال الفترة ذاتها 561.111 ألف. بينما كان معدل عدد الطلبة لكل شعبة (39.3%).

في إطار البحث رجعت معدة التحقيق، إلى إحصاءات معدلات معرفة القراءة والكتابة للأفراد في  الفئة العمرية (15 – 19 سنة) داخل قطاع غزة، من كلا الجنسين، فتبين أنها بلغت (99.5%) وفق آخر إحصاءات صدرت عام 2018م.

في حين أن معدلات الالتحاق بالتعليم للأفراد من سن (6-11 سنة) في قطاع غزة، بلغت خلال العام 2017م نحو (98.1%) من كلا الجنسين.  بينما كانت نسبة التسرب المدرسي للأفراد من نفس الفئة العمرية (0.5%).

غير أنه من المحتمل أن تتراجع قليلا هذه النسب إذا ما استمرت أزمة فايروس "كورونا"، وما لم تتوفر متطلبات العملية التعليمية عن بعد في المناطق النائية والفقيرة، خلال السنوات القادمة.

تجربة لم تُنصف الجميع

مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي بوزارة التربية والتعليم محمود مطر، بدوره أكد أن وزارة التربية والتعليم تدرس تجربتها السابقة في التعليم الإلكتروني للتحسين عليها، قائلًا "وضعنا ثلاثة سيناريوهات للمرحلة القادمة في الوزارة، الأولى: هي عودة العملية التعليمية وجاهيًا، وما يتعين علينا تحقيقه من تعويض دراسي للطلبة، والثاني: هو انطلاق العام الدراسي بشكل مرتبك ما يتعين علينا إجراء تحسينات تخدم مصلحة الطلبة من تقليل الازدحام في الفصول، ونظافة المرافق الصحية، والسيناريو الثالث: كان تفاقم الأزمة والاتجاه للتعليم الالكتروني بشكل كامل، ولذلك نعمل حاليًا على ضمان عدالة الوصول".

الوزارة تعدُّ التعليم الإلكتروني خدمة تقدمها للطلبة، لا بديلًا عن التعليم الوجاهي، خصوصًا وأنها لم تحقق عدالة الوصول المطلوبة.

وتابع في حديثه لـ"نوى": "إن الوزارة تعدُّ التعليم الإلكتروني خدمة تقدمها للطلبة، لا بديلًا عن التعليم الوجاهي، خصوصًا وأنها لم تحقق عدالة الوصول المطلوبة، وأن حالة الطوارئ المُعلنة والمطبقة في الأراضي الفلسطينية، فرضت على وزارة التربية والتعليم هذا النمط من التعليم الذي يجب أن يتم تطويره في حال استمرت الأزمة التي تسبب بها فيروس "كورونا" أو تفاقمت".

وأضاف: "نعرف أن هناك العديد من الطلبة الذين يعيشون في مناطق سكنية غير مؤهلة بالبُنى التحتية اللازمة لضمان نجاح عملية التعليم الإلكتروني، والكثير من الطلبة لا توجد لديهم أجهزة الكترونية، ورغم سعينا لنشر الفيديوهات والبرامج التعليمية على شاشات التلفزيونات والإذاعات المحلية، إلا أن الطالب بحاجة لشرحٍ مستفيض من قبل المدرسين، خاصةً في المباحث العملية كالرياضيات والفيزياء، وهذا ما لم يحققه التعليم الإلكتروني".

مستشار التربية محمد محارب، من جهته عدَّ أن التعليم الإلكتروني الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم في الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي لم يكن ناجحًا، مشيرًا إلى أن ظلمًا كبيرًا طالَ الطلبة الفقراء في المناطق المهمشة في القطاع، إذ أن العائلات الفقيرة لم تكن قادرةً على توفير أجهزة إلكترونية لمتابعة التعليم الإلكتروني، "كما أن الوزارة لم تتفق مع شركات الاتصالات والكهرباء لضمان استفادة الطلبة في المناطق المهمشة والبعيدة والفقيرة من التعليم الإلكتروني".

وأضاف: "لم تكن وزارة التربية والتعليم، بطلبتها ومعلميها، جاهزةً لتجربة التعليم الإلكتروني، لذا فإن الكثير من الملاحظات سجلناها على آلية التعليم، منها: عدم وجود خطة لمتابعة المساقات التعليمية وضمان وصول الطلبة الفقراء وأبناء المناطق النائية للفيديوهات المصورة التي اعتمدتها الوزارة"، عازيًا عدم نجاح التجربة إلى حداثتها في قطاع غزة.

ولفتَ إلى أن الوزارة أعدت خطة جديدة لتجاوز نقاط الضعف، عبرَ تدريب المدرسين والطلبة والمشرفين التربويين على استخدام الوسائل التكنولوجية، لضمان نجاح العملية التعليمية في حال استمرَت حالة التعليق الدراسي.

تعد تجربة التعليم الإلكتروني في الأراضي الفلسطينية تجربةً حديثة، ويمكن إن كنا منصفين عدم الحكم عليها بسلبية من المرة الأولى، إلا أنها كشفت عن قصورٍ وإهمالٍ وتهميشٍ تعاني منه المناطق النائية والبعيدة، قصورٌ تشترك العديد من الجهات في تحمل مسؤوليته، وكان ضحيته سكان تلك المناطق على اختلاف تصنيفهم، ما بين طلاب وعمال وموظفين.

ولضمان مواكبة التغيرات العالمية والتسارع التكنولوجي، أصبح من الضروري التوجه استراتيجيًا نحو التعليم الإلكتروني، والاستفادة منه في بعض المساقات النظرية.

كاريكاتـــــير