شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م07:13 بتوقيت القدس

البلدة خارج حالة الطوارئ..

"كورونا" طليقٌ في "كفر عقب"!

22 ابريل 2020 - 20:14

القدس المحتلة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
في ضاحية "كفر عقب"، وهي واحدةٌ من أكبر التجمعات السكانية، وأكثرها اكتظاظًا بين مدينتي القدس ورام الله، لم تُقيَّد الحركة، ولم تُغلق أبواب المحال التجارية رغم حالة الطوارئ المفروضة لمواجهة خطر تفشي جائحة "كورونا".

"كفر عقب"، إحدى بلدات القدس المحتلة التي عُزلت عنها بعد إقامة الجدار الفاصل، لم تتواجد فيها قوة تنفيذية لفرض الإجراءات الطارئة، فبلدية الاحتلال تتملص من تقديم الخدمات لها، وفي الوقت ذاته لا تسمح بتواجد السلطة الفلسطينية.

سكان المنطقة وأهلها، يدفعون الثمن غاليًا اليوم، وهم الذين حرموا من الحصول على أبسط التدابير الوقائية اللازمة لمواجهة جائحة "كورونا"، بعد الإهمال المتعمد من سلطات الاحتلال.

مسؤول لجنة الطوارئ في بلدة كفر عقب، سميح أبو ارميلة، أكد أن سلطات الاحتلال رفضت فتح كافة المراكز الصحية في المنطقة، واقتصرت على فتح مركز واحد تابع لصندوق المرضى الإسرائيلي "كوبات حوليم"، الذي يرفض بدوره تقديم أي خدمات صحية للمرضى من غير المسجلين فيه (حَمَلَة هوية السلطة الفلسطينية).

ويرفض الأطباء في المركز الإسرائيلي أخذ العينات من المرضى الفلسطينيين، إلا بعد ظهور أعراضٍ متقدمة، فيما تأتي نتيجة الفحص بعد تراجع الحالة الصحية للمريض.

ويرفض الأطباء في المركز الإسرائيلي –تبعًا لأبو رميلة- أخذ العينات من المرضى الفلسطينيين أو معاينتهم، إلا بعد ظهور أعراضٍ متقدمة، كارتفاع درجات الحرارة، والزكام، والسعال، مردفًا: "فيما تأتي نتيجة الفحص متأخرةً جدًا أي بعد تراجع الحالة الصحية للمريض، وارتفاع درجة الخطورة في نقله العدوى لغيره".

ويقول لـ "نوى": "إن الأطباء في المركز الإسرائيلي، لا يأخذون بعين الاعتبار مخالطة شخصٍ سليم لآخر يحمل الفيروس، ويتجاهلون ذلك تمامًا، بل ويرفضون أخذ العينات من مخالطي المصابين، إلا بعد ظهور أعراض المرض".

نتيجةً لهذه الأوضاع، وبدعمٍ من وزارة الحكم المحلي التابعة للسلطة الفلسطينية،.تشكلت لجنة طوارئ "كفر عقب" المكونة من نحو ٥٠٠ متطوع، لتقديم الخدمات الطبية والنفسية، والمعونات الإنسانية.

وتتواصل اللجنة مع وزارة الصحة الفلسطينية في حال الشكوك بوجود مصابٍ جديد بالفايروس، "إلا أن الوزارة تبعث بطاقمٍ طبي يقوم بأخذ العينات من المصاب، ثم تغادر المكان" على حد تأكيد الأهالي.

يضيف أبو رميلة: "لا نحتاج فقط إلى طبيبٍ يتنقل من عمارةٍ إلى أخرى جامعًا للعينات، كفر عقب بحاجة لتحديد أماكن حجر صحي، وإنشاء نقطة دائمة، ويومية، للفحص، وجمع العينات، بحيث يتوفر فيها الخصوصية على الأقل".

ويقيم في ضاحية كفر عقب عشرات آلاف الفلسطينيين من حملة هوية القدس، ويخشى الكثير منهم الإفصاح عن مكان سكنه خوفًا من سحب الاحتلال لإقامته في القدس المحتلة.

من جانبه، يقول مسؤول الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينية، علي عبد ربه: "لمنطقة كفر عقب خصوصية كبيرة، وإذا أردنا الحديث عنها علينا أن نتطرق لبعض حملة هوية القدس ممن يسكنونها، ويرفضون تلقي الخدمات إلا الإسرائيلية، التي يشملها تأمينهم الصحي"، معقبًا: "نحن لا نستطيع إجبارهم على قبول خدماتنا".

عمدت سلطات الاحتلال إلى فتح مركزٍ إسرائيليٍ للفحص، "لكنها ترفض إرسال المعلومات حول المصابين لوزارة الصحة الفلسطينية.

وحسب عبد ربه، فإن وزارة الصحة الفلسطينية فتَحَت مراكز تابعة لها في المنطقة، بينما عمدت سلطات الاحتلال إلى فتح مركزٍ إسرائيليٍ للفحص، "لكنها ترفض إرسال المعلومات حول المصابين لوزارة الصحة الفلسطينية، كما ترفض أي تعامل معها في هذا الجانب".

يزيد عبد ربه بقوله: "لا يعطونا تفاصيل كاملة، ولا نحصل على أرقام أو إحصائيات حقيقية، ذلك على اعتبار أن الفلسطينيين في كفر عقب، يخضعون للسيادة الإسرائيلية"، متابعًا: "يريدون أخذ معلومات منا، بالمقابل يرفضون إعطاءنا شيئًا، وهذه مشكلة كبيرة ضمن علاقتنا مع الاحتلال، كعدو يتعامل معنا كأرقام من ناحية عقائدية وأيدلوجية".

في المقابل، تحاول لجنة الطوارئ بإمكانياتها المحدودة، القيام بمهمتها الصعبة في "كفر عقب"، ففور وصول معلومة عن وجود إصابة بالفايروس، يتوجه الطاقم إلى منزلها، ويقومون بتعقيمه، وتعقيم البناية السكنية التي تقيم بها بالكامل، ثم أخذ عينات الفحص، ورسم الخرائط لمخالطي المصاب، أضف إلى ذلك، ويقوم الطاقم بأخذ عينات للفحص، ثم رسم خرائط لمخالطي المصاب. وفي الوقت ذاته تقدم اللجنة معونات غذائية للعائلات التي تخضع للحجر المنزلي.

إن المشكلة الأساسية التي تواجه المنطقة هي غياب قوة تنفيذية تضبطها في ظل هذه الحالة الطارئة، رغم التعداد السكاني الكبير والمقدر بـ ١٢٠ ألف نسمة.

يعلق أبو رميلة بالقول: "نحاول فرض الحجر الإلزامي لأسبوعين على المخالطين الذين يلتزمون خجلًا  ليومين أو ثلاثة أيام، ثم يخرجون ويتجولون بين الناس، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع عدد المصابين واتساع دائرة المخالطين".

وسجلت لجنة الطوارئ في كفر عقب إصابة ١٦ فلسطينيًا بفيروس "كورونا"، إلا أن بيانًا صادرًا عن تنظيم فتح في منطقة (كفر عقب، قلنديا، سميراميس)، أعلن الأحد عن وجود ٦٠ إصابة في منطقة كفر عقب، وهو الرقم الذي رفضته لجنة الطوارئ، وقالت إنها "تعتمد في إعلان أرقام الإصابات على مصادر رسمية ممثلة بوزارة الصحة الفلسطينية فقط".

تضارب المعلومات الصادرة حول المصابين في منطقة كفر عقب بين مصادر رسمية ومحلية، يعبر عن حالة الفوضى التي تشهدها المنطقة وسط غياب إدارة توجه دفتها، فيما سبق وأن شهدت المنطقة ببداية حالة الطوارئ، خلافًا حادًا في تنظيم "فتح" نفسه بمخيم قلنديا المجاور، وبلدة كفر عقب، حول صلاحيات كل جهة في نصب الحواجز، وإغلاق المحال التجارية.

يكمل أبو ارميلة: "المطلب الأساسي لمواجهة كورونا في منطقة كفر عقب هو وجود قوة تنفيذية، تقوم بفرض حالة الطوارئ، وما تتضمنه من إغلاق للمحلات وتقيد الحركة وفرض الحجر الصحي".

يتفق معه في المطلب رئيس بلدية "كفر عقب" عماد عوض، الذي قال: "إن المشكلة الأساسية التي تواجه المنطقة هي غياب قوة تنفيذية تضبطها في ظل هذه الحالة الطارئة، رغم التعداد السكاني الكبير والمقدر بـ ١٢٠ ألف نسمة".

أصبحنا نتوقع الأسوأ، وخاصة أن العمال يخرجون يوميًا من كفر عقب باتجاه المستوطنات الإسرائيلية والداخل المحتل، ويعودون إليها مساءًا.

ويضيف: "إن إجبار المحال التجارية على الإغلاق، وفرض الحجر الصحي على العمارات السكانية بحاجة لقوة تجعله إلزاميا (..) أصبحنا نتوقع الأسوأ، وخاصة أن العمال يخرجون يوميًا من كفر عقب باتجاه المستوطنات الإسرائيلية والداخل المحتل، ويعودون إليها مساءًا، هذه الحالة ستؤدي حتمًا إلى ارتفاع عدد الإصابات والمخالطين".

أين الأجهزة الفلسطينية؟

تبرر السلطة عدم وجود قوة تنفيذية في المنطقة برفض السلطات الإسرائيلية لذلك. إلا أن السلطة الفلسطينية دفعت بإحدى قواتها الخاصة المعروفة باسم " القوة ١٠١" نهاية آذار/ مارس المنصرم إلى "كفر عقب" بعد وقوع اشتباك مسلح، قيل إنه حصل على خلفية خلاف بين عائلتين. ما يطرح تساؤلًا حول سبب غياب الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تضمن تنفيذ إجراءات الطوارئ.

يقول أحد المسؤولين في شرطة ضواحي القدس، في تصريح خاص "إن وجود قوة تنفيذية في منطقة كفر عقب بحاجة لتدخل على المستوى السياسي وليس الأمني، وذلك بسبب خصوصية المنطقة والسيادة الإسرائيلية عليها"، مبينًا أن التواجد الأخير للقوات الأمنية في المنطقة، كان بعد موافقة مبدئية من السلطات الإسرائيلية، تبعه فيما بعد رفض مفاجئ، فبمجرد أن وصلت القوة للمكان "كان الرد باقتحام الجيش الإسرائيلي لمدينة رام الله في الليلة ذاتها، ردًا على رفض الأجهزة الأمنية التراجع والانسحاب من المنطقة".

ويضيف المسؤول الشرطي: "إن الاحتلال يرفض أي تواجد للأجهزة الأمنية الفلسطينية في كفر عقب، كما يرفض التنسيق بشكل دائم حول أنشطتها في المنطقة"، ملفتًا إلى أن هذه الظروف الطارئة تتطلب تواجد الشرطة في كفر عقب  بقوة عسكرية وسلاح، وهو ما ترفضه إسرائيل كليًا، "وربما تشتعل الأمور بيننا إذا تواجدنا بعتادنا" يكمل.

ويعقب بأسف: "نحن كأجهزة أمنية نريد تقديم الخدمات اللازمة لأبناء شعبنا، إلا أننا ممنوعون من ذلك بسبب خصوصية المنطقة".

 

كاريكاتـــــير