شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م13:45 بتوقيت القدس

رسالة امرأة عربية للقمة العربية!

28 مارس 2017 - 19:24
شبكة نوى، فلسطينيات:

كتبت :
السادة اصحاب الجلالة والفخامة والسيادة والسمو ملوك ورؤساء وامراء الدول العربية المحترمين، تحية نسوية أعفيتموني عبرها أن أؤنث لغتي العربية المُذكرة أصلاً، حاولت بدء معرفة رقم هذا المؤتمر، واحترت لماذا تحمل رقم (28)، على الرغم أن ذاكرتي!
– التي لم يصبها العطب بعد- تؤكد انعقاد مؤتمرات أكثر من ذلك. صحيح أن الشعب العربي لم يعد يهمه رقم ولا عدد مرات اجتماعاتكم، ولكن للتذكير وللتنغيص عليه، أذكر أن هذه هي القمة الثامنة والعشرين، وبينها ما يقارب 12 قمة طارئة- لم تسعفني ذاكرة غوغل في رصد العدد الدقيق، ولا صفحة الجامعة العربية التي شطبت الأرشيف-، وثلاث قمم اقتصادية اجتماعية
وأُذكِر الشعب العربي أن أول مؤتمر قمة عُقد عام 1946 أي قبل النكبة الفلسطينية بعامين، ومنذ ذلك الحين، لم تنعقد أي قمة تناقش "الحصاد العربي" خلال واحد وسبعين سنة من القمم!
أنا امرأة عربية، اطالبكم بعقد مؤتمر قمة "الحصاد"، ومراجعة كل التوصيات والتعهدات والقرارت التي خرجتم بها منذ سبعين عاماً، وأين وصلت الشعوب العربية في وجود جامعة دول عربية وتكرار مؤتمرات القمة وما بينهما!
لا أعول على مواقف سياسية جديدة، ولا تعهدات مالية، ولا تأكيد على مواقفكم الثابتة والواضحة اتجاه قضايا "الأمة" التي تحولت ل"أمم"، وهذا اعتراف أول نحتاجه منكم، لتعترفوا أن ما يفرقنا ك"أمة عربية" أكثر مما يجمعنا، ليس لتعدد الإثنيات ولا القوميات- الذي يجب أن يُغني أي أمة- بل لأسباب كثيرة أهمها هذا الهوس بالدولة القطرية وحدودها التي تحولت لمقدس أهم من حياة البشر، ولأن تجارة السلاح في النظام العالمي تسود وتطغى وستنهار إن لم تجد من يسوقها ويستعملها، ولأن تجارة الدين هي الرائجة ليس فقط في العالم العربي بل في النظام العالمي كله ونحن جزء منه!
أنا امرأة عربية لا أطالبكم بتحريك الجيوش لتحرير فلسطين، بل بالاعتراف أمام شعوبكم بالعلاقة الوثيقة التي يقيمها أغلبكم مع دولة الاحتلال، تحت مظلة التنسيق الأمني المشترك في مواجهة الإرهاب، أو تحت مظلة التنسيق التكنولوجي، أو التنسيق البيئي لأن العالم تحول لقرية كبيرة لا يمكن لدولة قُطرية أن تنعزل عنه بذاتها.
أنا امرأة عربية لا احتاج لقرارات جديدة تؤكد أن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية لدى الشعوب العربية، لأن هذا ما أربي أولادي وأحفادي عليه ولست بحاجة لبيان قمة يؤكد ويذكر.
أنا امرأة عربية توجعني خاصرتي السورية، وقلبي العراقي، وعيني اليمنية، ويدي الليبية، في الحقيقة أنا امرأة عربية يوجعني جسدي كله، حتى صوتي الفلسطيني يوجعني، ولست بحاجة لمن يدل جسدي على الوجع، ولا من يدل صوتي متى أصرخ ومتى أغني!
أنا امرأة عربية خائفة، خائفة على غدي وغد أولادي وبناتي، على حلمي واحلامهم الصغيرة، وأريد أن نحمي الغد والحلم (أنا وأنتم): أنا، لأنني حاضنة مشاريعكم وقراراتكم، وأنتم لأنكم ترسمون المشاريع والقرارات والخرائط والحدود.
أنا امرأة عربية أطالبكم بقمة واحدة لا يسبقها لقاءات لوزراء الخارجية يعدون بيانات متشابهة لكل قمة، ويحضرون لوقفة الزعماء في الصورة التذكارية، بل قمة تتوج عمل خبراء وطنيين مخلصين للإنسانية- وليس بالضرورة للعروبة- يقدمون حصاداً حول موازنات التسلح والدفاع لكل دولة، وحجم الفقر والعوز في كل بلد، وتصورا لإعادة بناء الحجر والشجر والبشر والحدود!
لا تعلنوا الحرب على إيران ولا تركيا ولا حتى على الاحتلال الاسرائيلي، استريحوا قليلاً واعتبروها "استراحة المحارب"!
اسمحوا لي أن أطالبكم بالالتفات لحاضنتكم الشعبية التي تئن تحت ضغط الفقر والبطالة والأمراض، حاضنتكم الشعبية التي تعض على شفتيها خوفا من مقص رقيب يقطع اللسان، حاضنتكم الشعبية التي قدمت دماءها في معارك ليست لها، ولكن دفاعاً عن وطن يشعرون بالغربة فيه ويبحثون عن بحر وبر يحملهم لبلاد تعادي دين غالبيتهم وتعادي قومياتهم وطوائفهم وجنسياتهم!
أنا امرأة عربية لا يهمني نظام الحكم في سورية ولا اليمن ولا العراق ولا مصر ولا المغرب، لا يقض مضجعي إلا استغاثات الأمهات والأطفال والشيوخ والشباب يدفعون ثمن حروب بالوكالة، يطلبون الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فلا تكونوا المعتصم الذي لبى نداء امرأة وجهز الجيوش لنصرتها، لا تكونوا المعتصم ولا تعلنوا حروباً لا طاقة لنا بها، وإن كان ولا بد من إعلان حرب، فليكن اعلان حرب على الفقر والظلم والاستبداد والتجهيل، وليكن إعلان حرب على البحار التي ابتلعت الآلاف وتطلب المزيد، وليكن إعلان حرب على كاتم الصوت، وليكن إعلان حرب على نقاط التفتيش على الحدود وجوازات السفر، وليكن إعلان حرب على مؤتمرات القمة العربية المكررة، والخطابات التي نحفظها سلفاً، والصورة التذكارية الباسمة للمشاركين وخلفهم شعوباً تبكي دماً.
أنا امرأة عربية تحلم، و ستورث حلمها لأبنائها وبناتها كما تورثهم لون عينيها وشعرها.
أنا امرأة عربية، وأؤمن أن مؤتمر الحصاد آت ولو بعد حين.
*رئيس تحرير شبكه نوى النسوية
*المدير العام لمؤسسة فلسطينيات

كاريكاتـــــير