غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
بعد أيامٍ من إعادة دولة الاحتلال الإسرائيلية إغلاق المعابر مع قطاع غزة، تلقّت أم محمد اشكوكاني رسالة نصية عبر هاتفها المحمول من موزع غاز الطهي في منطقتها، يطلب منها فيها الحضور واستلام أسطوانة الغاز المنزلية الخاصة بها فارغة.
في الثاني من مارس/آذار الماضي، وعقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، المبرم في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، اتخذت دولة الاحتلال قرارًا بالانقلاب على الاتفاق وخرقه وعدم الانتقال للمرحلة الثانية منه، وعمدت إلى تشديد الحصار على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، وإغلاق كافة المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، بما في ذلك الوقود وغاز الطهي.
"هذه المرحلة هي الأقسى والأشد خطورة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023م ، "حيث القتل يلاحقنا بالقصف والجوع".
وما لبثت قوات الاحتلال أن استأنفت حربها على القطاع بشكلٍ أكثر ضراوة، وبرأي أم محمد في حديثها مع "نوى" فإن هذه المرحلة هي الأقسى والأشد خطورة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023م ، "حيث القتل يلاحقنا بالقصف والجوع"، تضيف.
تعيش هذه الأرملة الستينية مع أبنائها الخمسة (3 أولاد وبنتين) في منزلها شبه المدمر في مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة، وتقول إن زوجها توفي خلال الحرب، وباتت هي المسؤولة عن الأسرة، وتكابد يوميًا من أجل تدبير احتياجاتها الأساسية.
وكغالبية الغزيين تمس تداعيات الحرب والحصار تفاصيل الحياة اليومية لأم محمد، التي ترى أن الحرب ليست بالطائرات والدبابات فقط، "ولكننا نعيش حروبًا صغيرة ومتداخلة من أجل البقاء على قيد الحياة، ونعاني يوميًا من أجل توفير ما نأكله، وقد توقفت المساعدات واختفت البضائع من الأسواق وارتفعت الأسعار بشكل جنوني" تستدرك.
ووجدت هذه الأم نفسها مضطرة لتحطيم قطعٍ من غرفة نومها وأثاث منزلها، واستخدامها وقودًا للنار؛ للتغلب على أزمة غاز الطهي، وارتفاع أسعار الحطب والأخشاب، المتوفرة بكميات شحيحة في الأسواق، وحسبما تقول: "سعر كيلو الخشب ارتفع لأضعاف ما كان عليه قبل تشديد الحصار وإغلاق المعابر".
"مع كل قطعة تتحطم وألقي بها في النار يتحطم قلبي وتشتعل النار في صدري، لكن ماذا أفعل؟ ليس لدي أي خيارات أخرى".
وتكمل: "مع كل قطعة تتحطم وألقي بها في النار يتحطم قلبي وتشتعل النار في صدري، لكن ماذا أفعل؟ ليس لدي أي خيارات أخرى".
وبألم شديد تتحدث عن مشاعرها وقد دفعتها الظروف القهرية إلى إعداد الطعام على نار ذكرياتها وحكاياتها مع كل قطعة أثاث، وتضيف: "صحيح أنه ليس أثاثًا جديدًا، ولكنه شاهد على سنوات حياتي وذكرياتي".
ومثل أم محمد، أجبرت أزمة غاز الطهي وعدم توفر الحطب والأخشاب لإيقاد النيران للطهي والاستخدامات اليومية الأخرى، الغزيين على خيارات قاسية، فأشعلوا النار في ملابسهم القديمة، وفي كتبهم الدراسية، فيما دفع شبان حياتهم ثمنًا للمخاطرة بالبحث عن وقود للنيران، في مناطق قريبة من قوات الاحتلال، المتوغّلة بالقرب من السياج الأمني المحيط بالقطاع من الناحية الشرقية.
ولا تعلم أم محمد ماذا ستفعل إذا طال أمد الحصار وإغلاق المعابر، وبقلقٍ شديد تقول: "منزلي يفرغ يومًا بعد يوم من وقود النار. كل ما هو موجود هنا لا يتعدى بعض المعلبات وبعض أكياس المعكرونة والعدس، التي خزّنتها من طرود المساعدات الإنسانية، وحصلت عليها خلال فترة وقف إطلاق النار".
وتضيف: "ما خزنته هو ما يجعلنا قادرين على البقاء حتى الآن، فقد كنت أتوقع أن الحرب قد تعود في أي لحظة".
وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (أونروا) فإن الحصار الإسرائيلي الحالي "يعد أطول بثلاث مرات من الحصار الذي فُرض عند اندلاع الحرب". وقالت "إن استئناف القصف واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية يؤثران بشكل كبير على قدرة الجهات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان من الغذاء والمياه والصرف الصحي والمأوى وغيرها من الضروريات".
