عن أول فنجان قهوة "ع الغاز".. شمالي غزة!
تاريخ النشر : 2025-02-11 12:43

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"دعوني أخبركم عن أجمل فنجان قهوة صنعته منذ بدء الإبادة، لقد نجحتُ في صناعته خلال دقائق معدودة، ولم أضطر إلى البحث عن أعواد الحطب أو الكرتون، ولم تلتصق رائحة النار والدخان بملابسي. سأحاول أن أنسى بعد اليوم رائحة النار التي صاحبتني طوال 15 شهرًا مضت" تقول حنين عبد العال لـ"نوى".

تشير السيدة الثلاثينية إلى أنبوبة الغاز، التي امتلأت بثمانية كيلوات من الغاز أخيرًا، وتضحك، ثم تتابع: "هذا الفنجان، أعاد لي جزئيًا الإحساس بالحياة الطبيعية. صحيحٌ أنني شربته أمام خيمتي التي عدتُ وأقمتها على ركام منزلي المقصوف، إلا أنه -صدقًا- كان له مذاقٌ مختلف! لقد منحني الأمل بأن الحياة ستعود يومًا إلى سابق عهدها".

وربما تعدُّ رسالة تعبئة أنبوبة الغاز، من أجمل وأهم الرسائل التي انتظَرَها سكان شمالي مدينة غزة طوال أشهر الحرب، التي أكلت وشربت من صحتهم، ووضعت على كواهلهم عبء إشعال النار وتوفيره على مدار اليوم، بدءًا من البحث عن الحطب، مرورًا بالمكوث لساعات طويلة ومرهقة أمام موقد النار، وتنشق دخانها الأسود، لطبخ ما يسد الجوع.

وانتشر مقطع فيديو لشاب غزّي برفقة شقيقه، يصرخان فَرِحَين بعد أن عادت الحياة إلى البوتاجاز الخاص بهما. يقول أحدهما: "لم نستخدمه منذ 16 شهرًا انقطع خلالها الغاز عن شمالي المدينة. لكن الحمدلله أخيرًا عنا غاز".

يقاطعه شقيقه  بانفعال: "بطلنا بدنا نشتري حطب، وهذه أول غلاية قهوة على الغاز راح أتشاركها مع أخوي".

هذه الفرحة دخلت عددًا كبيرًا من البيوت والخيام في غزة وشمالها، بعد عودة دخول الغاز الذي انقطع عن المنطقة قرابة 16 شهرًا.

واحتفلت العائلات كل واحدة بطريقتها بعودة أفرادها لاستعمال أفران الغاز، بعد أن أهملت لشهور طويلة، وسط معاناة يومية مع الحطب، في كل ما يتعلق بتجهيز الطعام والخبز وتسخين الماء للاستحمام، وحتى لإعداد فنجان شايٍ أو قهوة.

"بكينا أمام النار والحطب والهباب الأسود، ومسحنا دموعنا بصمت، احترقت أصابع أيدينا وأيضًا مسحنا دموعنا بصمت، كنا نحلم كل يوم بأن تتوفر عندنا أنبوبة غاز".

ونشرت الصحفية أمل حبيب صورة لها أثناء تجهيز الطعام على الحطب في وقتٍ سابق، وقالت: "كنت أبكي أثناء تجهيز الطعام، كنت أبرر ذلك بأن البصل أنزل دموعي، لكن الحقيقة أنني كنت أبكي من النار، من دخان الحطب والبلاستيك والبرابيش التي كتمت على نفَسي لعام ونصف".

وأضافت في منشورٍ على فيسبوك: "ربما تحججتُ بالبصلة لأني كنت بحاجة للبكاء، بعد أن عشنا حياة لا تشبهنا، ولا تليق بنا، حياة بدائية وصعبة وشاقة".

ووجهت حبيب حديثها للمتابعين: "هل تعرفون، كثيرًا ما بكينا أمام النار والحطب والهباب الأسود، ومسحنا دموعنا بصمت، وكثيرة هي المرات التي احترقت فيها أصابع أيدينا وأيضًا مسحنا دموعنا بصمت، وكثيرة هي المرات التي حلمنا فيها بأن تتوفر عندنا أنبوبة غاز".

وأضافت: "اليوم وصلت لنا أنبوبة غاز، بداخلها 8 كيلوات ضمن عملية توزيع رسمية مقابل 55 شيكل، ولكم أن تتخيلوا أنني تمكنت أخيرًا من تجهيز أول فنجان قهوة على الغاز.. خلال دقائق قليلة! بلا دموع أو هباب، وبدون حرق أو اختناق من الدخان".

وتغزلت الناشطة النسوية والإعلامية ماجدة البلبيسي على صفحتها في "فيسبوك" بعودة الغاز،ـ فقالت: "ما أجمل أن تستيقظي وتصنعي فنجانًا من القهوة على الغاز، بعد 16 شهر من التعب المتواصل من أجل أبسط الأشياء".

وتمنت البلبيسي أن يزول هذا التعب للأبد وألا تعود حياة البؤس والشقاء لسكان القطاع، لا سيما وهي تسمع الأخبار الصادمة عن تعثر في تنفيذ بنود الاتفاق، وتأجيل حركة "حماس" تسليم الأسرى في الدفعة الجديدة السبت المقبل، حتى إشعارٍ آخر؛ لما قالت إنه إخلال من قبل "إسرائيل" ببنودٍ من اتفاق وقف إطلاق النار، وما قابلها من تهديدات إسرائيلية وأمريكية أيضًا، بعودة الحرب في حال نفذت الحركة قرارها تأجيل التسليم.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أعلن في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، دخول كمية محدودة من غاز الطهي لمحافظتي غزة والشمال، لأول مرة منذ بداية حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023م.

وأوضح أنه سيتم توزيع الكمية بالكامل على المواطنين، وفق قاعدة بيانات المنظومة الإلكترونية التي تشرف عليها الهيئة العامة للبترول، كما هو معمول به في محافظات وسط وجنوبي غزة، وذلك عبر الموزعين، بتعبئة ٨ كجم بسعر ٥٥ شيقلًا.