غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
ما يربط وليد أبو دقة بالنحل وتربيته وإنتاج العسل ليست المهنة وحسب، وإنما "حكاية عشق" ممتدة منذ سنوات طويلة مع هذا العالم متناهي الدقة والنشاط.
حسب ما يقول لـ "نوى": "تطورت علاقتي مع عالم النحل حتى أصبحت مدير جمعية النحالين في قطاع غزة، ومدير بيت النحل والنحالين في الضفة الغربية والقطاع".
التجربة والبحث والمشاركة في مؤتمرات دولية، أكسبت أبو دقة خبرات واسعة في مجال تربية النحل، كان آخرها مشاركته في مؤتمر بهذا الخصوص في تركيا قبل بضعة شهور من اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
عاد أبو دقة للقطاع بعد هذا المؤتمر، وقد حجز صناديق متطورة وغير معهودة لدى مربي النحل ومنتجي النحل والملكات في دول المنطقة، ووفقًا له فإن هذه الصناديق كانت اختراعًا حديثًا في العام 2023م، ينتجها مصنع في أوروبا، وقد وصلته مع ملحقاتها فافتتح أول محطة لإنتاج الملكات على مستوى القطاع، "الذي كان المنطقة الأولى في دول الشرق الأوسط والعالم، في استخدام هذه التقنية الحديثة".
ولشهور قبل اندلاع الحرب، كانت هذه المحطة وجهة للطلبة من أجل الاطلاع والمعرفة والتعلم، ويقول أبو دقة: "استوردتُ سلالةً من النحل المنتجة بالتلقيح الصناعي، وكانت النية تتجه نحو تغذية كل المناحل في القطاع وتغيير ملكاته بالهجين الجديد، الذي يتميز بالهدوء وعدم المشاكسة واللدغ".
"الحرب دمرت وقتلت (99%) من النحل والمناحل في قطاع غزة، "وليس سهلًا إعادة إحياء وإعمار هذه المناحل حتى بعد توقف الحرب".
"كل ذلك كان حلمًا وضاع في يوم وليلة" يكمل أبو دقة وهو يقف على أطلال هذه المحطة، التي حولتها صواريخ الاحتلال وقنابله، وجنازير دباباته وجرافاته إلى أثر بعد عين.
يضيف بعد تنهيدةٍ طويلة: "الحرب قتلت الأرواح والأحلام ومشاريع العمر، وأكثر المتضررين هم أصحاب المناحل".
ويقدر أبو دقة أن الحرب دمرت وقتلت (99%) من النحل والمناحل في قطاع غزة، "وليس سهلًا إعادة إحياء وإعمار هذه المناحل حتى بعد توقف الحرب، فتربية النحل تختلف عن أي مشاريع أخرى كتربية الدواجن والمواشي، وتحتاج إلى بنية تحتية خاصة ومتكاملة، بما في ذلك الحقول والمزارع والأشجار التي دمرت الحرب غالبيتها في القطاع" يعقب.
ولم تقف خسائر أبو دقة عند الدمار الذي لحق بمحطة إنتاج الملكات، وتقدر بنحو 31 ألف يورو، إذ يتابع: "الحرب أعادتني للمربع الأول، ودمرت المنحلة التي تضم حوالي 100 خلية (بالنحل وكل الملحقات) تتراوح كلفتها بين 20 و30 ألف دولار، إضافة إلى مخزنين يحتويان على كل مستلزمات النحل للعام 2024م".
وكما هي عادة أصحاب المناحل فقد استورد أبو دقة هذه المستلزمات في شهر سبتمبر/أيلول من العام 2023م بقيمة 80 ألف دولار، ويقول إنها خاصة باحتياجات المنحلة ومستلزمات النحل طوال العام 2024م، غير أن الحرب اندلعت وجرفت في طريقها كل شيئ.
وبتأثر كبير يقول هذا النحال: "إن إعمار قطاع النحل في غزة سيحتاج لسنوات طويلة بعد أن تضع الحرب أوزارها، بسبب الدمار الهائل سواء الذي أصاب المناحل مباشرة أو البيئة الزراعية"، معربًا عن خشيته من عدم إيلاء المناحل الاهتمام المطلوب، واعتبار المناحل قطاعًا ثانويًا في سياق عملية التعويض وإعادة الإعمار.
"أصابت الأضرار أكثر من 71% من البساتين وغيرها من الأراضي المزروعة بالأشجار، و67% من المحاصيل الحقلية و58.5% من محاصيل الخضار".
أما النحل الذي نجا حتى اللحظة من المحرقة والتدمير، فيقول أبو دقة إن "أعدادًا قليلة جدًا من الصناديق والخلايا لا تزال موجودة في القطاع، والنحل فيها متروك لرحمة وقدرة الله"، فهو بحاجة لتغذية في الوقت الذي يعاني فيه البشر من المجاعة وسوء التغذية.
ويشير حصرًا للأضرار الزراعية، يستند إلى صور الأقمار الصناعية، أجرته منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج التطبيقات الساتلية العملياتية (اليونوسات) التابعة للأمم المتحدة، إلى أن ما نسبته 67.6% من الأراضي الزراعية لحقت بها الأضرار حتى مطلع سبتمبر/أيلول الماضي.
وتسجل محافظة شمال غزة حاليًا أعلى نسبة من الأضرار من بين جميع المحافظات (78.2 في المائة). وفضلًا عن ذلك، أصابت الأضرار أكثر من 71% من البساتين وغيرها من الأراضي المزروعة بالأشجار، و67% من المحاصيل الحقلية و58.5% من محاصيل الخضار.