شظيّةٌ مزّقت حلم "يوسف" بـ"ريال مدريد"!
تاريخ النشر : 2024-11-12 13:36

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بعيون برّاقة وملامح ضاحكة، لا يزال الطفل يوسف عاشور قادرًا على الحديث بأمل كبير أنه سيسترد صحته وعافيته، وسيحقق حلمه باحتراف كرة القدم، رغم الجروح التي أصابت قدمه اليمنى التي يركل بها الكرة.

كان يوسف لاعبًا في صفوف المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم ونادي خدمات البريج، قبل أن تعلن "إسرائيل" الحرب على قطاع غزة.

يوسف (15 عامًا) كان لاعبًا في صفوف المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم ونادي خدمات البريج، قبل أن تعلن "إسرائيل" الحرب على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وكان لديه أملٌ كبيرٌ باحتراف اللعبة، والالتحاق بنادي ريال مدريد الأسباني "نادي القرن الأوروبي"، الذي تشكَّل وعيه على تشجيعه ومتابعة تاريخه الأكثر حصدًا للبطولات القارية.

"ليس مجرد حلم" يقول يوسف لـ "نوى"، "بل أقرب إلى يقين" يضيف بثقة كبيرة بموهبته وقدرته يومًا ما على اللعب في "السانتياغو برنابيو" ملعب ريال مدريد.

كان يوسف يلتزم من أجل ذلك بصحته البدنية، وينتظم في تدريباته الكروية، حتى اندلعت الحرب، ووقع ما لم يكن في حسبانه ولم يخطر له على بال.. شظيةٌ من صاروخٍ إسرائيلي أصابت قدمه اليُمنى، وأخضعته لعمليات جراحية لا تزال آثارها تلازمه، فلا يقوى على الركض أو ركل الكرة كما اعتاد سابقًا.

يوسف ينحدر من أسرة كبيرة، وله 6 أشقاء و5 شقيقات، وقد اضطروا قبل نحو سبعة شهور إلى النزوح من مخيم البريج للاجئين في وسط القطاع إلى مدينة خان يونس، التي وصلها على كرسي متحرك بعدما خضع لعملية جراحية ووضع "بلاتين" في قدمه على أيدي أطباء في مستشفى الهيئة الدولية الطبية، المعروفة شعبيًا باسم "المستشفى الأمريكي" في مدينة دير البلح وسط القطاع.

لا يحتاج يوسف الآن لهذا الكرسي المتحرك، وقد أزال الأطباء البلاتين من ساقه، وبإمكانه أن يسير على قدميه. ورغم نصيحة الأطباء له بعدم الركض ولعب كرة القدم في الوقت الحالي، إلا أنه لم يحتمل كل هذا البعد عن معشوقته، ويتحامل على نفسه، ويلعب الكرة مع أصدقائه ويحاول أن يركلها بقدمه اليسري.

تعود إصابة يوسف لشهر مارس/آذار الماضي، عندما كان يبيع حلوى شعبية تسمى "الحلب" في أحد شوارع مخيم البريج.

يحكي أنه لم يسبق له العمل، ولكنه أخبر أسرته برغبته في استثمار وقته بالعمل مع أحد أصدقائه، في ظل توقف النشاط الرياضي، وكذلك توقف التعليم، جراء التدمير الهائل الذي ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي، وطال غالبية المدارس والأندية وملاعب كرة القدم.

وبينما هو كذلك منهمكٌ في وضع الحلوى بالزيت، وقع انفجار على بعد أمتار منه، بفعل صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية، فأصيب بشظية في قدمه اليمنى.

وقد انتشرت ليوسف مقاطع فيديو داخل سيارة إسعاف وهو يردد تلاوة الآية القرآنية: "ولا تحسبن الله غافلًا عما يفعل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم..."، وعن تلك اللحظة يقول: "هذه الآية قفزت إلى ذهني ورددتُها من غير تفكير"، ويضيف: "ما نتعرض له ظلم كبير، والله لن يخذلنا وسينتصر لنا".

ويتمتع يوسف بصوتٍ جميل، وهذا ما يجعله يتجول بين خيام الصحفيين الملاصقة لمجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، ويجمع حوله الأطفال من النازحين، ويصدح بأغانٍ وأناشيد تمجد الشهداء وتعلي من قيمة الصبر والصمود.

يقول: "الكثير من الصحفيات والصحفيين عبروا له عن إعجابهم الشديد بصوته، ونشروا له مقاطع مصورة على منصات التواصل الاجتماعي، ساهمت في زيادة شهرته، وكثيرون باتوا يطلبون منه أن يغني وينشد لهم".

"وين أيامنا وين.. وين قضيناها؟ راحت بغمضة عين، غزتنا ما أنساها، قصف وموت ودمار، قصف وجوع وحصار"، هذه الكلمات هي مطلع واحدة من الأناشيد التي يعبر فيها هذا الفتى عن أثر الحرب المدمر على مفاصل الحياة كافة في غزة من بشر وشجر وحجر.. وأحلامٍ أيضًا.

ورغم ذلك، وبتفائل كبير يتمنى توقف شلال الدم النازف وانتهاء الحرب، وأن يتمكن من السفر للخارج بغية علاج قدمه، والعودة إلى الملاعب سريعًا كخطوةٍ ستقوده نحو تحقيق حلمه بارتداء قميص النادي الملكي، وأن يكون جزءًا من تاريخ هذا النادي الذي لعب له "أساطير اللعبة" في مركزه المفضل، كصانع ألعاب.