موسمٌ للحزن في "ترمسعيا".. زيتون بخسارة 40%!
تاريخ النشر : 2024-10-10 11:12

الضفة الغربية/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بحسرةٍ وألمٍ شديدين يستذكر المواطن راجح أبو السكر من بلدة "ترمسعيا" قضاء رام الله، أرضه ومزرعته التي منعه الاحتلال من الوصول إليهما إبان بدء الحرب على غزة.

أبو السكر الذي يمتلك متنزّهًا ومسبحًا وأرضًا مزورعةً بأشجار الزيتون والعنب والحمضيات على مساحة نحو 9 دونمات، ممنوعٌ من الوصول إليها والاستفادة منها منذ نحو عام.

ومع انطلاق موسم الزيتون في العديد من القرى والبلدات في الضفة الغربية، هبّت في صدر الرجل رياح الشوق إلى أرضه المزروعة بأكثر من 170 شجرة من الزيتون الروماني الكبير، التي كانت تنتج له نحو 40 تنكة من الزيت سنويًا.

يقول: "هذا العام الثاني على التوالي الذي لا أقطف فيه زيتون مزرعتي. الأمر لا يقتصر على الزيتون وحسب، فقد خسرتُ أيضًا موسم العنب الذي أربح فيه عادةً ما يقارب (8) آلاف شيقل، جرّاء بيع ورق العنب، و5 آلاف أخرى من بيع ثماره، إلى جانب 500 كيلو من الزعتر تنتجها المزرعة كل عام.

مزرعة أبو السكر التي تبعُد عن مستوطنة "شيلو" المقامة على أراضي المواطنين في "ترمسعيا" و"المغير" قضاء رام الله، نحو 500 متر هوائي فقط، صارت محرمةً عليه منذ أعلنت "إسرائيل" حربها على غزة، فطُرد منها على أيدي قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، الذين أصبحوا يرتادون المزرعة والمتنزّه بين الحين والاخر.

"الأمر لا يقتصر على الزيتون وحسب، خسرتُ أيضًا موسم العنب، إلى جانب 500 كيلو من الزعتر تنتجها المزرعة كل عام".

في حزيران/ تموز من العام الماضي، أحرق مستوطنو "شيلو" بيوت المواطنين في البلدة، بالإضافة إلى مركباتهم وأملاكهم، وتسببوا بخسائر قيمتها 18 مليون شيقل في يوم واحد، فيما ارتقى شاب شهيدًا إلى جانب عدد من الإصابات، بين الذين هبوا للدفاع عن أراضيهم.

يمر موسم الزيتون هذا العام على أهل ترمسعيا، المعروفة بخصوبة أراضيها واتساع مساحاتها ثقيلًا للغاية، فبين خوفهم من اعتداءات المستوطنين وملاحقتهم وإطلاق النار عليهم في موسم القطاف، ومصادرة الاحتلال لمساحات شاسعة من الأراضي، إلى جانب منعه الكثير من العائلات من الوصول إلى أراضيها، اضطر العديد من المواطنين إلى عدم المشاركة في الموسم.

ورغم أن أهالي البلدة في غالبيتهم يحملون الجنسية الأمريكية -وهم من أكبر الجاليات الفلسطينية في الولايات المتحدة- إلا أن ذلك لم يمنع الاحتلال ومستوطنيه من ممارسة الاعتداءات بشكل مستمر ضدهم، ومصادرة أراضيهم لصالح الاستيطان، إذ لا تهم الجنسية التي يحملها المواطن، طالما أن الدم الذي يجري في عروقه فلسطيني.

نواف الزغلول، صاحب شركة المتوكل على الله لعصر وشحن الزيتون إلى أمريكا، يؤكد لـ"نوى" أن الأراضي التي منع الاحتلال أهالي "ترمسعيا" من الوصول إليها، أثرت على إنتاج الزيتون في البلدة بقرابة 40%، ويقول: "كانت الأراضي تنتج نحو 6 آلاف تنكة من زيت الزيتون، لكن بعد الحرب لم يتجاوز الإنتاج 4 آلاف تنكة".

وبرغم أن موسم قطف الزيتون عادة ما يجلب الخير والزرق إلى أهالي القرى، الذين يمتلكون مساحات شاسعة من الأراضي المزرعة بالزيتون، إلا أن حالةً من الخوف والقلق والترقب يعيشها المواطنون في "ترمسعيا"، الذين يتركون مصالحهم وأعمالهم في الولايات المتحدة، ويعودون إلى فلسطين خصيصًا من أجل الإشراف على موسم القطاف، بمساعدة العائلات في القرى المجاورة.

يضيف زغلول: "عدتُ إلى البلدة قبل أسبوع واحد فقط من أجل الموسم، ومثلي الكثيرين ممن عادوا خصيصًا من أجل زيتونهم (..) للعام الثاني على التوالي نعيش حالةً من القلق ولا يوجد شيء واضحٌ بعد، ولا نعرف هل سنتمكن من قطف الزيتون الذي حرمنا منه العام الماضي هذه المرة، أم أننا سنتركه مجددًا للمستوطنين رغمًا عنا".

"الكمية التي نقُصت من الإنتاج تؤثر على جميع أطراف العملية الإنتاجية، من صاحب المعصرة إلى صاحب الأرض، إلى العائلة المتضمنة التي تكون بانتظار الموسم من أجل تحسين أوضاعها المعيشية".

ويشير زغلول إلى أن العديد من العائلات تعرضت لإطلاق النار من المستوطنين العام الماضي، وتعرضت لاعتداءات مختلفة أثناء موسم القطاف، إلى جانب سرقة زيتونها ومعداتها وحرق مركباتها.

وبيّن صاحب المعصرة أن الكمية التي نقُصت من الإنتاج تؤثر على جميع أطراف العملية الإنتاجية، من صاحب المعصرة إلى  صاحب الأرض، إلى العائلة المتضمنة لها، التي تكون بانتظار الموسم من أجل تحسين أوضاعها المعيشية، خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها بعد إغلاق الداخل المحتل أمام العمال بعد الحرب على غزة.

وعبّر زغلول عن استيائه وفقدانه المل من الحصول على الدعم والمساندة من أي جهة رسمية كانت، منوهًا -بصفته عضو في بلدية ترمسعيا- إلى أن العديد من الوفود حضرت إلى البلدة، وتعرف المشكلة بتفاصيلها، إلا أن أحدًا لم يحرك ساكنًا.

واتفق معه في ذلك رئيس بلدية "ترمسعيا" لافي شلبي، الذي أكد أن "السفارة الأمريكية، ووزارة الخارجية، حضرتا واطّلعتَا على المشكلة واستمعتا إلى الأهالي، إلا أنهما لم يستطيعا التأثير على واقع البلدة بعد الحرب".

وأكد رئيس البلدية أن 27 ألف دونم، هي مساحة الأراضي في "ترمسعيا"، وجميعها مزروعة بالعنب والزيتون، موضحًا أن الإنتاج انخفض بمعدل الثلث بعد الحرب.

وأضاف: "هناك 3 آلاف دونم عادة تقوم البلدية بالتنسيق للمواطنين من خلال الارتباط، من أجل الوصول إليها وقطف زيتونها، أما بعد الحرب فقد أضيفت 4 آلاف دونم أخرى لتلك الثلاثة، لا يستطع المواطنون الوصول إليها بالمطلق".

"كل أرض لا نقاوم من أجل استعادتها ستكون طعمًا للمستوطنين".

وأكد شلبي أن هذه الأراضي (الأربعة آلاف دونم)، لم تكن بحاجة إلى تنسيق أمني، وكان المواطنون يقطفون زيتونها عندما هاجمهم المستوطنون واعتدوا عليهم، وسرقوا معداتهم والمحصول.

وقال: "أنا شخصيًا كنتُ أُنتجُ 250 تنكة زيت زيتون من الأراضي التي تم منعُنا من الوصول إليها، وكنت أُرسلُ إلى أولادي في الولايات المتحدة الأمريكية حصة، وكانت تذهب منها حصة للفقراء والمحتاجين. حاليًا كل ذلك لم يعد بالإمكان عمله"، موجهًا رسالته عبر "نوى" إلى كل المؤسسات الفلسطينية، التي تستطيع مد يد العون والوقوف إلى جانب أهالي ترمسعيا ومساعدتم للوصول إلى أراضيهم وقطف زيتونهم، بألا تتردد في ذلك، "فكل أرض لا نقاوم من أجل استعادتها ستكون طعمًا للمستوطنين".