خيامٌ "موائِمة".. "بسمة أمل" للنازحين ذوي الإعاقة!
تاريخ النشر : 2024-08-22 16:19

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

لم تستطع الكلمات أن تسعف أم عبد الله، لتعبر عن رضاها بالخيمة التي حصلت عليها في المخيم المخصص لإيواء أسر نازحة، تضم فردًا أو أكثر من ذوي الإعاقة. قالت بتأثر: "سعيدة، لكن سعادتي لن تكتمل إلا بانتهاء الحرب والعودة لمنزلي".

في ظل واقع مرير جراء تداعيات الحرب الإسرائيلية الضارية المتصاعدة في شهرها الـ 11 على التوالي، مع حصار خانق، كانت هذه الخيمة بالنسبة لوالدة الفتى عبد الله أبو ناموس مصدر سعادة، بعد تجارب نزوح بائسة عانت خلالها الويلات مع أبنائها من ذوي الإعاقة.

وهذه الأسرة واحدة من بين 94 أسرة تتكون من 687 فردًا، من بينهم 117 شخصًا من ذوي الإعاقة، وتقيم في مخيم "بسمة أمل" للأسر النازحة، الذي تشرف عليه مؤسسات أهلية فلسطينية.

ويقدم المخيم خدمات الرعاية والإيواء لهم، في ظل انهيار القطاع الصحي بما يشمل الخدمات التخصصية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.

وكانت أسرة أبو ناموس من الأسر الأولى التي التحقت بهذا المخيم مع افتتاحه بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة مطلع شهر يوليو/تموز الماضي.

وتقول السيدة لـ"نوى": "أسرتي تضم من بين أفرادها عددًا من ذوي الإعاقات الحركية والسمعية وضمور العضلات، ومن بينهم عبد الله، الذي يعاني من إعاقة حركية وسمعية".

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، خاضت أسرة أبو ناموس تجربة النزوح القسرية مرارًا، وتنقلت من مكان إلى مكان في مناطق جنوبي القطاع.

وبحسب أم عبد الله فإن المخيمات ومراكز الإيواء لا تناسب ذوي الإعاقة، ولا تتوفر فيها الخدمات التي تراعي أوضاعهم الجسدية والصحية.

ورغم أمنياتها بتوقف الحرب والعودة إلى منزلها، إلا أن هذه الأم تبدو أكثر راحة الآن في "بسمة أمل"، حيث تتوفر لأفراد أسرتها المتطلبات الأساسية، فضلًا عن المرافق الحيوية التي توائم احتياجاتهم.

وبالنسبة لأم عبد الله، فإن ويلات الحرب تكون مضاعفة، ليس على الشخص الذي يعاني من إعاقة وحسب، وإنما على أسرته وذويه، الذين يتحملون أعباءً كبيرة، ومعاناة شديدة في التنقل من مكان إلى آخر، وسط أجواء من الموت والدمار، فضلًا عن عدم توفر الخدمات الطبية لهذه الفئة منذ اندلاع الحرب.

ويتكون مخيم بسمة أمل من 93 خيمة مقامة على مساحة 7 آلاف متر مربع (7 دونمات)، ويقدم الرعاية للنازحين من ذوي الإعاقة في ظل تدمير غالبية المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية، بحسب منسقة الإعلام والمناصرة في جمعية التنمية الزراعية نهى الشريف، وهي واحدة من الجمعيات الشريكة المشرفة على المخيم.

وتقول الشريف لـ "انوى": "المخيم يؤوي أشخاصًا يعانون من أشكال مختلفة من الإعاقة، سواءً السمعية أو البصرية أو الحركية، أو الإعاقات المزدوجة، ويوفر لهم المأوى وبعض الخدمات الأساسية التي توائم ظروفهم، وتراعي تسهيل الحركة والتعامل، إلى جانب توفير المتابعة الدورية والرعاية اللازمة.

وتضم الأسر النازحة داخل المخيم 300 طفل، و270 امرأة، و117 من ذوي الإعاقة، وبحسب الشريف فإن مخيم "بسمة أمل" يؤوي مختلف أنواع الإعاقة، سواء الحركية أو السمعية أو البصرية أو الذهنية، أو من يحملون أكثر من إعاقة، وتم تجهيز الخيام بمواصفات خاصة، وكذلك تجهيز الحمامات المخصصة للرجال وتلك المخصصة للنساء، التي تمت مواءمتها جميعًا لتناسب الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتعمل المؤسسات الشريكة المشرفة على المخيم وهي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وجمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية)، وجمعية أطفالنا للصم، على توفير المتطلبات الأساسية للنازحين من ذوي الإعاقة، سواء المياه المخصصة للاستخدام اليومي، أو المياه العذبة للشرب، وكذلك السبل المتاحة التي من شأنها توفير الراحة لهم، خاصة أن الحرب ضاعفت من معاناتهم وزادت من متطلبات الرعاية التي يحتاجونها.

وتقول الشريف: "الحرب خلفت آثارًا واضحة على مختلف شرائح المجتمع، لكن تداعياتها وتأثيراتها كانت أشد قسوة على الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين لا تتوفر لهم مراكز رعاية من أجل تغيير أو حتى صيانة أدواتهم المساعدة كالكراسي المتحركة أو العكاكيز، جراء الحصار الخانق وإغلاق المعابر".

وتشير تقديرات محلية ودولية إلى أن الحرب تسببت في إلحاق أكثر من 11 ألف فلسطيني بفئة الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، ومن بين هؤلاء 4 آلاف طفل، ومن شأن هذه الأعداد الهائلة زيادة الضغط على المؤسسات المختصة بتقديم خدمات الرعاية والتأهيل لفئة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.

ويفسر المسؤول عن ملف المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة، الطبيب مروان الهمص الأرقام المرتفعة من حالات البتر، بقوله: "نعمل كأطباء في ظروف قهرية، ونضطر إلى اتخاذ قرارات مؤلمة بعمليات بتر لجرحى ومن بينهم أطفال، بسبب الجروح الغائرة والالتهابات الشديدة ونوعية الإصابات غير المعهودة التي تحدثها أسلحة الاحتلال".

وبحسب  الهمص، فإن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من هذه الأسلحة، وتتراوح نسبة الضحايا في أوساط الأطفال سواء كانوا شهداء أو جرحى، بين 35% و45%، ويضيف: "شاهدت الكثير من حالات البتر لأطفال وصلوا إلى المستشفيات وقد هشمت صواريخ الاحتلال وقذائفه عظامهم، وتسببت بحروق في أجسادهم تصل إلى 40% وهي حروق شديدة من الدرجة الرابعة".

ويتابع بقهر: "ليس بمقدورنا التعامل مع هذه الحالات في مستشفياتنا التي تعاني نواقص في كل شيء بفعل الاستهداف المباشر والحصار الخانق".

واستنادًا إلى الأرقام الرسمية في وزارة الصحة، يوضح الهمص أن ما يزيد على 35 ألف جريح ومريض، من بينهم 40% أطفال، بحاجة ملحة للسفر سريعًا إلى الخارج؛ لتلقي العلاج اللازم والمنقذ للحياة.

ويحول الاحتلال دون ذلك بفعل تدميره واستمرار سيطرته على معبر رفح البري للشهر الرابع على التوالي.