قطاع غزة:
"أنا مقهور" قالها محمد هشام بحرقة، وأكمل: "أُمسك هاتفي وأتصفح الأخبار. أُقلّبها دقيقةً بدقيقة لعلّي أتعثّر بخبرٍ يتحدث عن فتح حاجز بيت حانون (إيريز) من جديد".
يفكر محمد في تلك اللحظة كثيرًا، ومثله مئات العمّال في أراضي الداخل المحتل، الذين أُغلق في وجههم الحاجز منذ نحو أسبوعين. يقول: "أسير مسافات طويلة للهرب من التفكير لكن عبثًا، كل شيءٍ يُذكرك بوقف الحال الذي تعيشه: البيت، احتياجات الأطفال، علاج أمي، وحليب طفلي".
وتغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ ثلاثة عشر يومًا بالتمام، حاجز بيت حانون "إيرز" شمالي قطاع غزة، المخصص لسفر المرضى والطلبة والتجار والعمال، عبر تصاريح خروج تمنحها "إسرائيل" وفق مزاجها.
هذه المرة أُغلق الحاجز، كإجراءٍ "عقابي"، على خلفية مسيراتٍ ينطلق بها شُبّان عند السياج الفاصل للمطالبة بفك الحصار الطبق على قلوب أكثر من مليوني إنسانٍ هنا منذ 17 عامًا.
يقول محمد: "العمال، والطلبة، والتجار، والكثير من المرضى باستثناء حالات محدودة يسميها الاحتلال (إنسانية) كلهم ممنوعون. كل يومٍ يستمر فيه إغلاق المعبر هو كارثة بالنسبة لنا نحن العمال".
ويضيف: "كعمال نتقاضى أجرنا بشكل يومي. لا حقوق لنا، نحفر بالصخر للحصول على أي مبلغ نسد فيه رمق عائلاتنا. كيف عندما تغلق الأبواب بوجوهنا هكذا؟".
"منازل العمال في غزة تُعرف من أصوات المشكلات فيها"، تصف سميرة عيد الأمر، وتوضح بالقول: "في اليوم الذي لا يستطيع زوجي الخروج من غزة للعمل بسبب الإغلاق، يسمع أفراد الحارة صوت صراخه ويلحظون عصبيته علينا".
لا يحتمل العمال الجلوس في المنازل، ففرصة العمل هذه بالنسبة لهم كنز لا يعوض في ظل الفقر والبطالة المدقعة التي يعاني الناس منها في القطاع، لا سيما وأن يومية العامل في الداخل المحتل تتراوح بين 200 و500 شيقل، وهو مبلغٌ ربما لا يستطيعون تحصيله في الشهر كله لقلة الفرص بغزة.
تضيف سميرة: "ليس وحده من يتابع الأخبار، بل أنا والأولاد والجيران. كل يوم في الإغلاق هو همٌ مضاعف على قلوبنا. نخسر فيه مبلغًا يمكن أن ينتشلنا من الظروف السيئة، ونخسر جزءًا من صحتنا النفسية التي تتدهور مع الإغلاق".
من جهتها، تقول نقابات العمال "إن الخسائر الناجمة عن منع 19 ألف عامل من قطاع غزة، الوصول لأماكن عملهم تقدّر بـ5 ملايين شيكل لليوم الواحد".
ويصف رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة سامي العمصي، بأن إغلاق حاجز بيت حانون "إيرز" بمثابة "عقاب جماعي" تمارسه "إسرائيل" ضد العمال والأهالي عمومًا.
ويضيف في تصريحات صحفية: "60% من أهالي وعمال قطاع غزة، هم بالأساس تحت خط الفقر، كيف سيكون الوضع مع الإغلاق ومنع فرص العمل؟"
ويشير إلى أن استمرار إغلاق الحاجز أمام العمال، يزيد مأساتهم، ويزيد الوضع الاقتصادي سوءًا في غزة، مطالبًا الجهات الدولية بضرورة التدخل والضغط على الاحتلال لفتحه.