في "العيسوية".. المشاوير لا تنقضي بشكلٍ عادي!
تاريخ النشر : 2023-08-29 12:03
صورة تعبيرية

القدس:

لا يصدق قصي أبو ريالة حتى هذه اللحظة، أنه بين أهله حيٌ يُرزق! ما حدث معه على يد 15 جنديًا من جنود الاحتلال كان سيأخذه إلى حتفه لا محالة.

الحكاية بدأت بمشوارٍ صغير، جمع بينه وبين ابن عمته ليلًا في طريق المدخل الغربي لقرية العيسوية شمال شرقي البلدة القديمة في القدس. سكون الليل لم يترك لأيٍ منهما مجالًا كي يخشى أي طارئ لولا حاجزٌ طيار "مؤقت" برز أمامهما فجأة.

يقول الشاب: "أوقفني عدد من الجنود، وطلبوا هويتي، ثم فتشوا السيارة، وبدأوا بالعبث بمحتويات صندوقها وإعطابها برميها على الأرض". وهنا، ستبدأ قصة معاناةٍ يعيشها الفلسطينيون في القدس المحتلة على حواجز التفتيش. حقدٌ دفينٌ في قلوب المجندين وموتٌ للشعور أمام جسد الفلسطيني، الذي يمكن أن يتركوه بسلامٍ فقط... إذا مات!

قصي، الذي لم يخفت أنينه للحظة منذ ساعة الحادث قبل عدة أيام، تابع يسرد قصته فقال: "لم أحتمل فكرة تخريب ما أحمله في صندوق سيارتي من مقتنيات عادية، فسألتُ أحد الجنود: لماذا تلقونها على الأرض؟ فجاءت الإجابة (محاولة قتل بالبطيء) شارك فيه الجنود جميعًا".

يكمل: "هجمت علي عناصر من الوحدة الخاصة (اليسام). ضربوني بأعقاب البنادق، ودفعوني على الأرض، ثم ثبتوا جسدي ورشوا على وجهي غاز الفلفل، ثم بدأوا بضربي بأرجلهم".

احتجز الجنود ابن عمة قصي الذي لا يتجاوز عمره 16 عامًا، ذلك بعد أن أثخنوه ضربًا، وأصابوه بكدمات طالت وجهه كله، ثم اقتادوه لمركز الشرطة، وفرضوا عليه حبسًا منزليًا لمدة يوم قبل أن يفرجوا عنه.

في حين، بقي قصي بين أيديهم وحيدًا، لا يدري إذا كان سيخرج حيًا أو لا. اقتاده الجنود للجيب العسكري. أجلسوه بداخله، وأخرجوا رأسه من النافذة، ثم بدأوا بصب الماء الساخن جدًا عليه، وأشعلوا التكييف الساخن أيضًا، ثم فتحوا فمه ورشوا بداخله غاز الفلفل حتى كاد يفقد الوعي، "ثم عادوا فأخروجوني وألقوا بي أرضًا، وداسوا جسدي ببساطيرهم الثقيلة (..) لم أشعر بعدها بنفسي إلا في مركز شرطة صلاح الدين بالقدس أخضع للتحقيق وفق تهم ملفقة" يعقب.

التهمة كانت جاهزة "إعاقة عمل الشرطة، ومحاولة التهجم على شرطي بمفتاح ماتور!". نفى قصي كل ذلك عبثًا، ولولا الكاميرات التي علقت على صدور الجنود، التي كشفت أن الاعتداء عليه حدث حرفيًا بدون سبب، لما كان أفرج عنه البتة. "لدرجة أن المحققة الإسرائيلية نفسها استغربت من شدة الكدمات على جسدي، وطلبت مني تقديم شكوى لو أحببت بالجنود" يزيد.

حُكم على قصي بالإقامة الجبرية في المنزل ليوم واحد، بعدها قصد مستشفى "هداسا" بالعيسوية للعلاج.

رضوضٌ في كافة أنحاء الجسد. من الرأس حتى القدمين. انتفاخٌ بالعينين، والتهابٌ شديد في الحلق بسبب غاز الفلفل، وحروق بسبب الماء الساخن. هكذا قُيمت الحالة بعد إجراء فحوصات وصور أشعة، وهنا هو حتى اللحظة يجلس في بيته على سرير التشافي. يئن وجعًا، ولا يدري إذا ما كان هذا المشهد الإجرامي سيغيب عن ذاكرته قريبًا أو لا.

ووفقًا للناشط المقدسي محمد أبو الحمص، فإن الاحتلال الإسرائيلي يحاول بممارساته ضد سكان العيسوية، تخويفهم، وتخويف كافة سكان القرى والبلدات المجاورة، ودفعهم للهجرة، وهذا ما يفسر اعتداء الجنود -غير المسبب- للشاب قصي، "وهو ليس الأول، ولن يكون الأخير" يعلق.

ويقول: "يلجأ الاحتلال لأساليب الترهيب الظالمة، كهدم البيوت، ومصادرة الأراضي، وفرض المخالفات والضرائب الباهظة، ثم اقتحام البيوت، وتفتيشها، والاعتداء على سكانها، واعتقالهم بدون أي مسببات"، منبهًا إلى أن تصرفات شرطة الاحتلال زادت وحشية وعنصرية مؤخرًا، "وهذا يدل على أنها أخذت الضوء الأخضر للقتل والترهيب من ما يسمى بوزير الأمن القومي ايتمار بن غفير".