تحديات كثيرة خاضتها معلمة الجغرافيا للمرحلة الثانوية ليندا رمضان، في كل مرة قررت فيها أن تخرج بمبادرة تعليمية تسهل ترسيخ المعلومات المنهجية لدى الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة، و"أقلّها ما يتعلق ببرامج التصميم والبرمجة" تقول لـ"نوى".
المعلمة التي لم تكن تضيّع وقتًا في التفكير بتسييس المنهاج ليتقارب مع فهم الطلبة، فعَلتها أخيرًا، وتمكّنت من تحقيق فوزٍ عظيم في مسابقةٍ نظمها الاتحاد الأوروبي، ووزارة التربية والتعليم على مستوى الوطن، عن مبادرة "دليل فلسطين للمدن السياحية"، الذي يخدم الطلبة من الصف الخامس وحتى العاشر.
المبادرة، التي جاءت على شكل لعبةٍ منهجية، ضمت معلومات تاريخية وجغرافية عن 21 مدينة فلسطينية، تمخّضت عن تفكيرٍ عميق، بكيفية تبسيط المعلومة في ظل ضخامة المنهاج، "الأمر لم يكن هينًا أبدًا. بدأتُ بجمع كافة المعلومات المطلوبة من أجل تضمينها في لعبة واحدة، واستعنت بالكثير من البرامج التكنولوجية التي تم توظيفها للربط بين خريطة فلسطين، وتحديد مواقع المدن عليها، ومن ثم إنشاء 21 فيديو، يمثل المدن الفلسطينية" تضيف.
فيما بعد، بدأت عملية إنتاج خريطة تفاعلية لكل مدينة، وإدماج خرائط جوجل إيرث مع برنامج موشن جرافيك، وكذلك البيانات الجغرافية والتاريخية، والصور لكل مدينة فلسطينية. "وتم إدخال خريطة فلسطين الأم، والتوصل إلى نموذج للمدن الـ21، وإسقاطها على الخريطة، وأخيرًا تحديد البحر المتوسط والبحر الميت بشكل متحرك".
وتشرح رمضان: "لم يكن خروج المبادرة بشكلها النهائي سلسًا كما تخرج الكلمات الآن، اضطررت للالتحاق بعدة دورات في التصميم، ولم تكن كافية لأن أنتج اللعبة بشكلها النهائي بنفسي، فكان علي أن استعين بمصمم محترف، جمع كل ما طبقته من فيديوهات للمدن، وما بها من معلومات مختلفة، على شكل لعبة، وكنتُ أنا من توجهه لما هو مطلوبٌ بالضبط، حتى خرج العمل كما تخيلته ورسمته".
وتردف: "كان يحتاج الفيديو الواحد لتنفيذه 12 ساعة عمل، بما بالكم ونحن نتحدث عن 21 واحدًا؟! ناهيكم عن عملية البحث عن المعلومات التي تطلبت مني التنقل بين المكتبات المختلفة حتى يكون الدليل كاملًا شاملًا وغير منقوص".
أما عن تفاصيل اللعبة، وكيفية ربطها بالمنهاج، فتقول: "تسير الكاميرا مع اللاعب حتى يصل إلى المدينة الأولى، فتظهر له معلومات تاريخية وجغرافية مختلفة حول المدينة، وما بين مدينة وأخرى على اللاعب أن يجيب على عدد من الأسئلة حتى يتمكن من دخول المدينة التالية، هذه المعلومات الإجابة عليها تعني أن الطالب قد تمكن من الوصول للمعلومات المنهجية التي نريدها".
ليس هذا فحسب، تضيف مبتسمة: "عند دخول كل مدينة، يعمل مقطعًا صوتيًا بأغنية تراثية تختص بأهلها، وتعبر عنها، ما يضفي على اللعبة أجواء من البهجة".
طبقت رمضان اللعبة على طالبات مدرستها، وتم توزيعها على عدد من المدارس الأخرى، وأجريت اختبارات تقييمية للطلاب قبل وبعد اللعبة، "لنتأكد من اللعبة استطاعت أن تكسر حاجز الامتعاض من حفظ معلومات تاريخية وجغرافية لدى الطلبة، وانعكست على تحصيلهم العلمي".
لم تقف حدود المبادرة عند حدود قطاع غزة، فقد نُشرت اللعبة عبر مواقع مختلفة، تضم طلبة من جميع أنحاء الوطن، وعلى مديريات محافظات قطاع غزة، بالإضافة لموقع روافد التعليمي.
ليست هذه مبادرة رمضان الوحيدة بل سبقتها وتلتها مبادرات تركت لها بصمة على مدار 17 عامًا، هي عمر مشوارها في حقل التعليم، وآخرها مبادرة "أنا ناجح" التي تهدف لضمان درجة النجاح لطلبة الثانوية العامة عبر مادة تفاعلية تم نشرها على برنامج "طموح" لضعيفي التحصيل، وعلى موقع الدارسات الاجتماعية لضمان وصولها كل الوطن.
لا تتوقف الإنجازات والمبادرات، وعقل ليندا كذلك، لا يتوقف عن التفكير في الخطوة القادمة، والمبادرة التي يمكنها أن تترك بصمة وأثرًا، وقدرة على التغيير.