في "المجرشة الخضراء".. "البلاستيك" صديق البيئة!
تاريخ النشر : 2023-02-05 11:39

خانيونس:

تنشغل الشابتان ولاء أبو طير، وأسماء طنوس، من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، في وضع زجاجات بلاستيكية داخل آلة طحنٍ صمّمتاها خصيصًا لهذا الغرض.

تحاول الشابتان الانتهاء من جرش الزجاجات كلها قبل انقطاع التيار الكهربائي عن منطقتهما، من أجل تسليم كمية البلاستيك المجروشة المطلوبة، لأحد أصحاب المصانع بغزة.

وبدأت الشابتان العمل في مشروعهما "المجرشة الخضراء" لإعادة تدوير البلاستيك، قبل عدة أيام، بعد تجهيز المعدات اللازمة، وحصولهما على تمويلٍ ضمن مشروع ينفذه مركز شؤون المرأة، بعنوان: "إدارة النفايات الصلبة في قطاع غزة".

ولاء، وهي مهندسة بيئية، أخبرت "نوى" بأنها فكرت في المشروع لاهتمامها الشديد بآليات حماية البيئة، ورغبتها في تحويل كل المستلزمات الإنسانية لمواد صديقة للبيئة، يمكن إعادة تدويرها، واستخدامها من جديد بدلًا من رميها في المكبّات دون اكتراثٍ لتأثيرها السام على التربة.

تقول: "كنت متحمسة للغاية، وعلى يقين بأن تنفيذ المشروع سيدر علينا ربحًا جيدًا في ظل نقص فرص العمل".

تخرّجت ولاء من الجامعة عام 2016م، ورغم أهمية تخصصها إلا أنها على مدار سنوات لم تحصل على فرصة عمل، سوى ببعض العقود المتقطّعة التي حرمتها الشعور بالأمان الوظيفي، تعقب: "وهذا ما شجعني أكثر على تقديم الفكرة بالشراكة مع أسماء. جهّزنا دراسة جدوى بعد أن خضعنا لتدريب خاص، ثم قُبل مشروعنا على الفور".

وكما كل المشاريع الصغيرة بغزة، لم تكن الطريق ورديةً في وجه الشابتين، فالكثير من المعوّقات واجهتهما، إلا أنهما كانتا مصرّتين على المواجهة. "انقطاع التيار الكهربائي المتواصل، والحاجة إلى خط كهرباء مستمر وقوي، وهذا مكلف، أيضًا مكان إقامة الورشة لم يكن متوفرًا في البداية، ناهيكم عن عدم وجود آلات مناسبة، ولجوئنا إلى الحدادين لتصميم واحدة" تضيف.

تتابع ولاء: "التدريب على الآلة أيضًا كان صعبًا، ومراحل جرش البلاستيك، كل ذلك احتاج منها وقتًا وجهدًا كبيرين"، مردفةً بابتسامة: "لكن ذلك كان هينًا مقابل الهدف الذي كنا نطمح لتحقيقه".

أما زميلتها أسماء طموس، فقد تخرجت من تخصص التربية السريرية عام 2021م، وأيضًا كانت فرص العمل أمامها قليلة للغاية، و"ما شجعني أكثر على قبول الفكرة، هو أنها جديدة تمامًا، ولم يسبق لفتيات أن طبقّنها".

وتابعت: "سبق وأن عملت على ذات الفكرة كمبادرة مجتمعية مع أخي. كانت بعنوان سلة بلدنا، واستمرت لعامين. حينها شعرتُ أننا ننتج يوميًا كميات كبيرة من البلاستيك التي تشكّل ضررًا بيئيًا، لذلك وددت تطويرها، وعندما التحقتُ بمشروع إدارة النفايات الصلبة، وجدت أن هذه الفكرة مناسبة تمامًا، لا سيما وأنها تفيد المجتمع والبيئة".

حين التحقت أسماء بمشروع تمكين النساء ورياديات الأعمال من مكافحة الآثار السلبية للتغير المناخي، وجدت أن فكرة إدارة النفايات الصلبة مناسبة، وبعد الحصول على تدريب حول أنواع النفايات الصلبة، وكيفية التعامل معها، تقدّمت بالفكرة مع زميلتها ولاء.

وتابعت: "قمنا باستئجار مكان مناسب، جمعنا فيه كميات من البلاستيك على مدار ثلاثة أشهر. لقد ساعدنا في الحصول عليها نساء، وبعدها أدخلناها مرحلة الفرز، وعملنا التجربة الأولى، وقمنا ببيع ما أنتجناه".

وتتوقع الشابتان نجاح مشروعهما في ظل الاحتياج الكبير من قبل أصحاب المصانع والورش للبلاستيك المجروش، "ناهيكم عن أن ربات بعض البيوت يستفدن من المشروع بمقابل مادي بسيط، بعد استغنائهن عن مواد لم تعد لازمة لهن أصلًا".

وتطمح الاثنتان إلى توسيع مشروعهما ليصبح مصنعًا كبيرًا يجمع البلاستيك من كل قطاع غزة، ويوزع إنتاجه على كل المصانع.

بدورها، تقول إسراء الخواجة، منسقة مشروع "تمكين النساء الرياديات" في مركز شؤون المرأة: "دُربت الشابتان على فرز البلاستيك وغسله، وطريقة التعامل مع الآلات للحصول على منتجٍ يلبي جانبًا من حاجة السوق المحلي، ويخدم البيئة من خلال إعادة تدوير نفايات صلبة لم يعد بوسع المكبات استيعاب الكم الكبير منها".

وتزيد: "النساء هن الركيزة الأساسية لأي مشروع ناجح، سواء بالتوعية في كيفية التعامل مع النفايات الصلبة، أو من خلال مشاريع مدرّة للدخل"، مشيرةً إلى أن مثل هذه المشاريع تُسهم في التمكين الاقتصادي للنساء، وتحدّ من قلة فرص العمل لهن.

وخلال افتتاح المشروع، نبهت مديرة المركز آمال صيام، إلى إن "هذا المشروع يرتكز على ثلاثة أجزاء، أولها دراسة الاحتياجات حول تدوير البلاستيك وما نتج عنها من نتائج وصعوبات حول إعادة التدوير، وثانيها توعية النساء والرياديات حول النفايات الصلبة وإعادة تدوير البلاستيك؛ لمواجهة التغير المناخي وآثاره، والثالث هو افتتاح الورشة الخضراء لإعادة تدوير البلاستيك، التي قادتها رياديتان حملتا الفكرة، وتدربتا عليها حتى صارت واقعًا ملموسًا".