"كفى" تُنعش حلم الطفولة بـ"حبة خرز"
تاريخ النشر : 2022-10-15 14:39

غزة:

"أن تعود إلى شغف الطفولة، وأنت على عتبة الأربعين، فهذه حياة فوق حياة" وهذا ما حدث مع كفى ديب، السيدة التي وجدت نفسها دون سابق إنذار تعود إلى عالمٍ تركتهُ بسبب انشغالها بالبيت وتربية الأبناء.

الأمر تعدّى التجربة، فأن تخبر العالم من حولك بأنك عُدت، وأن لديك ما تقدمه هنا، يتطلب جرأة وثقةً كبيرتين بالمنتج. كفى كانت تمتلك أكثر من ذلك عندما بدأت تشارك بالمعارض التراثية تباعًا، وكان آخرها معرض التراث الوطني الذي نظمته بلدية غزة الأسبوع الماضي حيث التقتها "نوى".

على طاولتها، تنشغل كفى بتريب مجسم على هيئة "الكعبة" صنعته بالخرز الزجاجي، ومشغولات أخرى على شكل حقائب للفتيات، وأساور ثنائية للمتزوجين، وقلائد وأقراط مختلفة الألوان والأحجام، وأعلام وخرائط أيضًا.

تشير إلى مشغولاتها بفخر وهي تقول: "كل هذا صنعته بنفسي وخلال عامٍ واحدٍ فقط. لم أتوقع كل هذا الإقبال، لكن أنا فخورة بإعجاب الناس بالمشغولات التي أعرضها".

درسَت كفى تخصص الرياضيات البعيد تمامًا عن هوايتها، ثم تزوجت وأنجبت أبناءً منحتهم الأولوية في الوقت والجهد، ولما كبر الصغار وباتوا قادرين على الاعتماد على ذواتهم، قررت العودة لهوايتها.

تقول: "في العام الماضي ذهبتُ في زيارةٍ إلى مصر، وفي مرسى مطروح التقيتُ شابةً تصنع مشغولات بالخرز، أعجبني ما تصنعُه خاصةً أنني منذ صغري أحب هذا المجال. اقتربتُ منها وتعلمت طريقة شكّ الغرزة، وعلى صعوبتها أتقنتها بسرعة، ثم عدت إلى غزة، وبالفعل جرّبت وصنعت مجسمًا على هيئة الكعبة، ووضعتُه في صالون بيتي".

كان هذا قبل عيد الأضحى بمدةٍ قصيرة، حيث رأى معارف عائلتها المجسم وطلبوا منها مثله، وحينها بدأت تسوّق للمنتج الذي لقي إقبالًا من الكثيرين، فصنعت منه العديد من النسخ وسوّقتها.

تكمل: "هذا الإقبال شجعني على المواصلة والتجريب بشيءٍ آخر. تدرّبت مرة أخرى وصنعت ميدالية لزوجي ليضعها في سيارته، فرح بها كثيرًا وشجّعني بدوره على المواصلة".

كانت عائلة كفى مجال التجارب الأولى، فبعد الميدالية التي صنعتها لزوجها صنعت الكثير بعض الإكسسوارات الشبابية لابنها، وأيضًا صنعت إكسسوارات راقية لابنتها، "فكل لباسٍ أصبح له قرط، وقلادة، وحقيبة تناسبه تمامًا"، وهذا جعلها تشعر بالتميز.

وتزيد: "الفرق بينها وبين إكسسوارات الخرز التي أشتريها، هي أنني أتعامل مع تلك كسلعة، أما ما أصنعه بنفسي فيمثلني ويشبهُني، تعطيني تميزّا وذوقًا أعلى، وهذا جعلني أصنع المزيد من القلائد التي تناسب أذواق الفتيات"، ملفتةً إلى أن الإكسسوارات قطع جميلة تحبها النساء، وهي جزء مهم من جمال المظهر.

"ليلياء" هو اسم ابنتها الذي شكّته بالخرز على شكل قلادة، ومن بعد ليلياء كان الطلب أعلى على قلائد مماثلة لشابات أحببن هذا الفن، ورغبن في اقتناء أساور وقلائد تمثلهن وتكون مصنوعة خصيصًا لهن.

لكن ثمة معوقات تواجهها كفى أثناء إعداد مشغولاتها، فغالبية أنواع الخرز التي تحتاجها غير متوفرة في قطاع غزة، وتضطر لجلبها من مصر بأسعارٍ مكلفة أكثر، لكنها في ذات الوقت تطمح لأن يشهد عملها انتشارًا أكبر، بعد أن شاركت في معرضين للتراث، ووجَدت إقبالًا من الناس على ما تصنعه، خاصة وأن هذا الفن يلبي رغبات جميع الأعمار، فحتى الأطفال لهم أساور وقلائد تناسبهم.

كفى التي عادت إلى هوايتها الأولى، تنصح جميع النساء بالاهتمام بمواهبهن ورعايتها، فهي جزء مهم من تطوير الذات ورعايتها، وتعطي السيدة ثقة أعلى بالنفس، وقدرة على التأثير في محيطها.