"خبيثٌ" داهَمَ الأمل في قلب "سعاد".. إليكم الحكاية
تاريخ النشر : 2022-10-08 16:37
صورة أرشيفية من فعالية لمريضات سرطان الثدي

رفح

كان على سعاد أبو مشايخ (56عامًا)، أن تبتلع غصّة استئصال رحمها، والمضي في غمار الحياة فداءً لدموع أبنائها السبعة، لكن "السرطان" كان له رأيٌ آخر.

في عام 2016م، اكتشفَت السيدة التي تسكن مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مصادفةً، كتلة غريبة أسفل الثدي، بينما كانت تتجادل مع ابنها الأصغر حول شيكل كان قد طلبه منها.

في تلك الليلة، شعرَت سعاد بالخوف الشديد، وأخبرت ابنها الأكبر الذي حاول طمأنتها بـ"يمكن بيتهيألك يما". مرَّ الليل ثقيلًا طويلًا حتى انجلى الصبح، فانطلقت برفقته نحو المستشفى لإجراء الفحصوصات اللازمة، وهناك أخبروها بأن الورم حميد.

تقول: "قررت استئصاله بسرعة، وظننتُ أن الأمر هنا انتهى، لكن ما حدث بعدها كان صدمة".

ألمٌ شديد في نفس المكان باغتَها بعد ثلاثة أشهر، إنه الورم مجددًا، لكنه أتاها "خبيثًا بثلاث فتحات"، ولم يكن هناك مفر من قرار استئصال الثدي كله.

تكمل: "كانت صدمة. مررتُ بحالة نفسية سيئة خاصة أن هذا يأتي بعد مدة ليست كبيرة من استئصال الرحم، فامتنعت عن تناول الطعام، والحديث إلى أحد، وانعزلت، الأصعب من هذا كله أن المحيطين بي لم يكونوا واعين لأهمية دعمي والوقوف إلى جانبي، فلم يدعمني حينها إلا والدتي وأخواتي".

بعد العملية الجراحية التي أورثتها حالة نفسية سيئة، كان على سعاد أن تستقبل آلام جرعات الكيماوي، ومرارة سقوط الشعر والرموش. تعقّب: "آلام الكيماوي الذي يشبهُ الحريق، نيران تدخل الجسم، ولا تقل أذى عن ألم فقدان الشعر".

ولم تسلم السيدة من الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته وحصاره لقطاع غزة، إذ كانت تحتاج بعد العلاج الكيماوي إلى تلقي 17 جرعة للعلاج الإشعاعي في مستشفى النجاح بمدينة نابلس، حرمها الاحتلال من إكمالها بعد الجرعة الخامسة، بمنعها من دخول المدينة.

تعقّب: "كنتُ أحصل على تصريح عبر معبر بيت حانون، ولكن بعد ذلك لم أحصل على تصريح، مما تسبب في زيادة حالتي سوءًا، يضاف إلى ذلك العبء النفسي الواقع عليّ، بسبب قلة الدعم النفسي، فأُصبت بجلطة بيدي اليسرى، ودخلت المستشفى 45 يومًا عانيت خلالها آلامًا لا تقل قسوةً عن آلام الكيماوي، لدرجة أنني كنت أطلب منهم بتر يدي للتخلص من العذاب".

لكن الأيام القاسية مرّت بعد أن ألحقت الكثير من الأذى النفسي والمعنوي بالسيدة، التي كانت تجد في المشاركة بالأنشطة الاجتماعية متنفسًا لتحسين واقعها النفسي، وقضاء بعض الوقت مع أبنائها وأحفادها.

تكمل: "حاليًا ما زلتُ أتلقى العلاج الذي عليّ المواظبة عليه مدى الحياة، لكن أزمة الانقطاع المتكرر للأدوية تجعل واقعنا النفسي سيء جدًا. أتلقى إلى جانب العلاج الكيماوي أدويةً للتجلط، فصحتي لم تتحسن كثيرًا بسبب الوضع النفسي الذي يتسبب فيه واقعنا الاقتصادي والاجتماعي".

تعيش السيدة على ما تتلقاه من مستحقات الشؤون الاجتماعية، التي تُصرفُ مرة واحدة كل أربعة شهور، وفي العامين الأخيرين انقطعت بشكل شبه كامل. "وهذا جعلني قلقة على إمكانية توفير علاجي الذي أُجبر على شرائه على نفقتي الخاصة إذا لم تجده في المستشفى، رغم محاولة جمعية العون والأمل المعنية بمريضات السرطان، توفير كميات من الأدوية.

تختم سعاد بالقول: "نصيحتي لجميع النساء بالفحص المبكر، ففيه إنقاذ مبكر، كما أتمنى على كل امرأة أن تهتم بصحتها بشكل جيدً جدًا، وأن تعطي لنفسها وقتًا تفرغ فيها هموم يومها بشيءٍ تحبه"، مشيرةً إلى أن الراحة النفسية أهم من كل شيء لمريضة السرطان، وقفزة ممتازة في طريق العلاج.

ويشار إلى أن عدد مرضى السرطان في قطاع غزة يقدر بـ 14 ألفًا، تشكل النساء ما نسبته 53% منهم، ومن بينهن 32% مريضات سرطان ثدي.