"مات خوفاً".. تجربة مريرة باستشهاد "ريان"
تاريخ النشر : 2022-09-29 23:32

الضفة الغربية:

مات الطفل خوفاً. خاف ريان من جنود مدججين بالأسلحة حاولوا مهاجمته فهرب. ظل يهرب لعله يجد حضن أمه ليحتمي فيه. ماذا كان يصرخ يا ترى؟ بماذا فكّر بلحظات حياته الأخيرة؟ هل تخيل أن ينجو بزاوية ما اختبأ فيها من قوات الاحتلال؟

في الحقيقة لم ينجُ، حدث أن سقط الطفل من علو بقدر كان أسرع من أي صورة أخرى رسمها بذهنه. مات خوفاً، كيف لا تحدث هذه النتيجة أمام فعل إجرامي أمعن الجنود بتنفيذه؟ سؤال برسم الإجابة.

عن التفاصيل؛ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية صباح التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر لعام 2020، استشهاد الطفل ريان سليمان 7 أعوام بعد سقوطه من علوّ أثناء مطاردة قوات الاحتلال الإسرائيلي طلبة المدارس في بلدة تقوع، جنوبي الضفة الغربية، أثناء عودتهم من دوامهم المدرسي، بزعم رشقها بالحجارة.

وأكدت الوزارة في بيان أصدرته، أن الطواقم الطبية في مستشفى بيت جالا الحكومي في بيت لحم، الذي تقع قربه البلدة، أعلنت استشهاد الطفل، حيث لم تنجح كافة المحاولات لإنعاش قلبه.

طفل ذكي وخلوق، هكذا وصفه أبيه. يتلعثم بالكلام ويحاول حبس دموعه. يشرد في ذهنه ويتحدث أمام شاشات التلفاز دون إدراك وكأنه في دوّامة يتمنى لو تكون كابوساً سيصحو منه مفزوعاً. فزع ربما يكون أهون عليه من فزع فقدان طفله. 

يقول إن أمه رافقته صباحاً إلى المدرسة، أعدت له وجبة فطور سيتبادلها مع أصدقائه وزملائه في إفطار جماعي. قبّلت جبينه وطلبت من مدرساته أن يكون في الصفوف الأولى أمام أنظار المعلمات مباشرة كي ينتبه أكثر لدروسه. 

جاءت الفاجعة مرّة، ألهب صدر أمه ناراً. لم تعرف ماذا تفعل، فهو ريان صاحب البشرة الناعمة السمراء، جسده نحيل وقلبه رقيق لم يحتمل مشهد الجنود خلفه. لكنها الفجائع المكررة دون ملل من جيش لا يتردد بالقتل وفق مزاجه.

نعم، هكذا هو الموت في فلسطين المحتلة، له أشكاله ووجوه عديدة تسير بشكل واضح وفق أهواء الجنود الإسرائيليين، فليس غريب أن يشيع الخوف بين الأطفال وتمتلأ قلوبهم وحتى من هم أكبر سناً بالأوجاع، تحديداً أمهاتهم. 

وهل من أم حملت بطفلها ولم تفكر بطريقة موته هنا؟ هذا إن لم يأت قدرهما معاً حتى والجنين يختبئ بين أحشاءها. تماماً كما حدث مع عشرات الأمهات تحت ضربات الاحتلال الإسرائيلي في العدوانات على قطاع غزة، باختصار إنها قصّتنا الحزينة.