"غربَلة" لواقع الأكاديميات في مؤتمر لمركز الإعلام المجتمعي
تاريخ النشر : 2022-09-22 11:46

غزة:

"منظومة مؤسساتية شاملة، تضمن رفع نسبة الأكاديميات داخل الجامعات، وتدعم فرصهن في الوصول إلى مواقع صنع القرار فيها" هذا ما أوصى به مؤتمر صحفي بعنوان "الأكاديميات الفلسطينيات في قطاع غزة.. حقوق واحتياجات تحت المجهر".

المؤتمر الذي عقده مركز الإعلام المجتمعي، أمس الأربعاء، ويأتي في ختام المرحلة الثانية من مشروع "احترمها" الذي ينفذه بالشراكة مع مؤسسة "هنرش بل" الألمانية، خلص في إطار جلستين إلى مجموعةٍ التوصيات، كان على رأسها "وضع الجامعات ضمن سياساتها بنودًا تأخذ بالاعتبار النوع الاجتماعي، وتضمن حصول الأكاديميات على فرصهن في الوصول إلى مراكز صنع القرار دون معوقات".

ودعا إلى إعداد استراتيجية شاملة وناظمة لدور منظمات المجتمع المدني في دعم الأكاديميات، وتشكيل قاعدة نسوية داعمة لحقوقهن، وتلافي نقاط الضعف التي تعترض مشاركتهن في الحياة الأكاديمية بشكل العادل.

وعلى مستوى الخطاب الإعلامي، ووفق ما اتُفق عليه كتوصية، يتوجّب تجنب اللهجة التي تقلل من شأن النساء عامة والأكاديميات على وجه الخصوص، والبحث عن أصوات بديلة، وتأسيس حوار وبناء جسور متينة بين الأكاديميات ووسائل الإعلام والمجتمع، تزامنًا مع تطبيق مبدأ "الكوتا" في تولي المناصب الأكاديمية لمواجهة الثقافة المجتمعية الذكورية، وتعزيز ثقافة احترام حقوق المرأة في المؤسسات الأكاديمية.

في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قالت هداية شمعون، رئيسة مجلس إدارة مركز الإعلام المجتمعي: "إن المركز تمكن من وضع بصمته المميزة والنوعية في تأسيس هيئة الأكاديميات الفلسطينيات، ومن خلال اللجنة التحضيرية بدأت ملامح هذه الهيئة في الظهور، خاصة بالتشبيك والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات الأكاديمية".

وأضافت: "الاحتفال اليوم يأتي في ختام مشروع "احترمها"، التي تعني وجوب تقدير واحترام حقوق النساء بشكل عام في جميع المواقع والأدوار المجتمعية، وهذا ليس شعارًا، بل تأكيدًا على دورهن في رسم ملامح مستقبلنا، ودعوة لجسر الهوة الثقافية التي تتسع يومًا بعد يوم".

الجلسة الأولى للمؤتمر تضمنت ثلاث أوراق عمل، ناقشت الأدوار المجتمعية المختلفة لتعزيز حقوق الأكاديميات في المجتمع، عبر ثلاث قطاعات هي المؤسسات النسوية، والإعلام والشباب.

وقدمت د.شيرين الضاني دراسة بعنوان "دور المؤسسات النسوية في دعم وتعزيز جهود الأكاديميات في مكافحة التمييز بين الجنسين"، قالت فيها: "إن عدد الحاصلات على شهادات ماجستير فما فوق ازداد، دون أن أن يتبع ذلك حصولهن على وظائف تتناسب وحجم الزيادة، ولم تتمكن الأكاديميات من نيل حقوقهن في الترقية، وفي حق المشاركة في العمل الأكاديمي الفني والتقني والإداري، "فنادرًا ما تكون الأكاديمية عميدة أو رئيسة قسم" تعقب.

وتحدثت الدراسة عن المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون مشاركة حقيقية للأكاديميات في العمل الأكاديمي، وقدمت مجموعة من التوصيات أبرزها: أن تتبنى مؤسسات المجتمع المدني مبادرات المرأة الأكاديمية، وأن تعمل على تنميتها وتطويرها، وتحويلها إلى برامج وطنية، قابلة للتطبيق العملي، على صعيد مؤسسات الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني.

وفي ورقةٍ بعنوان: "دور الإعلام في تعزيز حقوق المرأة وحقوق الأكاديميات في المؤسسات الأكاديمية" وجّهت الباحثة والإعلامية دنيا الأمل إسماعيل، نقدًا لوسائل الإعلام التي تعمل بوصفها انعكاسًا للمجتمع، "بينما يفترض أن تكون رافعة توعوية تنهض بواقع المجتمع ونظرته تجاه الفئات المختلفة، وتقع عليه مسؤولية تزويد رواد الإعلام التقليدي، والحديث بالثقافة الأكاديمية، وتعزيز السلوكيات الداعمة لحقوق الأكاديميات".

وأوصت إسماعيل بالاستماع للأصوات المهمشة في المنظومة الأكاديمية "وهن غالبًا من النساء"، وأن تساهم وسائل الإعلام في تعزيز ثقة المجتمع بقدرات المرأة في سوق العمل والإدارة، وتمكين الأكاديميات من الدفاع عن حقوقهن.

وقدم الباحث محمد سرور ورقة بعنوان "دور الشباب في تعزيز ثقافة احترام حقوق المرأة في المجتمع بشكل عام والمؤسسات الأكاديمية بشكل خاص"، أكد خلالها أن قضايا النساء ورفع نسبة الأكاديميات داخل الجامعة لا يشكل أولوية بالنسبة للطلبة، "فهم منشغلون في القضايا الطلابية وإشكاليات الرسوم والقاعات، وصراع الكتل على التمثيل، والهيمنة الحزبية على الجامعة"، وذلك حسب نتائج مجموعة بؤرية أخضعها الباحث للدراسة.

ويرى الطلبة وجود نقص في عدد الأكاديميات، وأن المعيدات يواجهن صعوبة في العمل الأكاديمي لأسباب تعود إلى ذكورية المجتمع، وأن السياسات العامة للجامعات منحازة للذكور.

وأوصى سرور "أن توائم الحكومة الفلسطينية السياسات والتشريعات والبرامج القائمة على حماية حقوق المرأة، والمكفولة في القوانين المحلية والدولية، والعمل على دمج مفاهيم النوع الاجتماعي في المناهج الدراسية، وتعديل السياسات المقرة في المؤسسات الأكاديمية التي تكرس بشكل مباشر أو غير مباشر الثقافة الذكورية".

وفي الجلسة الثانية، عرض الباحثان محمود عبد الهادي وعبد المنعم الطهراوي نتائج دراسة علمية بعنوان "احتياجات الأكاديميات في قطاع غزة"، هدفت إلى التعرف على الاحتياجات الرئيسية لتحسين حقوق المرأة في المؤسسات الأكاديمية، والأدوات والآليات التي تدعم مكافحة التمييز على أساس النوع في المؤسسات الأكاديمية داخل قطاع غزة، من وجهة نظر الأكاديميات.

وطبّق الباحثان الدراسة على عيّنةٍ عشوائية من الأكاديميات بواقع (84) من أصل (421)، وقد خلصت إلى عدم اعتماد مفهوم موحد وشامل لحقوق المرأة في المؤسسات الأكاديمية، إضافة إلى أن الأنظمة والسياسات المعمول بها تعطي مساحات واسعة لممارسات تمييزية ضد الأكاديميات في هذه المؤسسات، الأمر الذي يمس بشكلٍ مباشر حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ أظهرت النتائج أن (86.3%) من الأكاديميات يشعرن بالتمييز على أساس النوع الاجتماعي في الجامعات.

وخرجت الدراسة بأنه غالبًا لا يتم مراعاة النوع الاجتماعي، أو أي حساسية للنوع الاجتماعي ضمن صياغة الخطط الاستراتيجية، وبرامج عمل المؤسسات الأكاديمية، بالإضافة إلى عدم توافر أنظمة للإبلاغ عن أفعال ومظاهر التمييز القائم على النوع الاجتماعي في المؤسسات الأكاديمية، وهو ما يترك الأكاديميات عرضةً لهذه الانتهاكات، دون رصدها أو توثيقها، خاصةً في ظل غياب دور حقيقي لمؤسسات المجتمع المدني.

وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات أبرزها ضرورة اعتماد نظام (الكوتا) بتخصيص نسبة لا تقل عن 20% من المناصب القيادية في الجامعات الفلسطينية للأكاديميات، وإجراء مراجعة من منظور النوع الاجتماعي للأنظمة الداخلية، واتخاذ كافة التدابير التي تضمن تعزيز النزاهة في عملية التعيين والتوظيف، داعيةً إلى اعتماد مفهوم موحد وشامل لحقوق المرأة في المؤسسات الأكاديمية من منظور ثلاثي الأبعاد، وتطوير مؤشر وطني للتدقيق المبني على النوع الاجتماعي في المؤسسات الأكاديمية.

وتضمّن المؤتمر عرض فيلم قصير، لفعاليات وأنشطة المشروع المستمر منذ عامين، وكذلك وقائع توقيع اتفاقيات مع عدد من المؤسسات النسوية للمشاركة في أنشطة دعم حقوق الأكاديميات في الجامعة الفلسطينية، ثم توزيع شهادات تكريمية على الشبان والشابات المشاركين في أنشطة المشروع.