"مساواة" تدقُّ ناقوس الخطر: الثقة بمنظومة العدالة متزعزعة
تاريخ النشر : 2022-08-25 13:35

غزة:

"الثقة بمنظومة العدالة الفلسطينية ليست بالمستوى المأمول"، هذا ما خلُصَت إليه نتائج دراسة ميدانية، نشرها المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، بعنوان: التقرير الوطني لمسح آراء المجتمع الفلسطيني في أداء منظومة العدالة الفلسطينية.

وتضمّنت الدراسة نتائج عشرة مسوحاتٍ ميدانية أبرزها انطباعات الجمهور الفلسطيني تجاه القضاء، ومدى نزاهته، وانطباعات المتعاملين مع مؤسسات العدلة، وانطباعات الأكاديميين، والمحامين، وأعضاء النيابة، والمتدربين، والقضاة الشرعيين والنظامين، وطلبة كليات الحقوق.

وأشارت النتائج إلى أن نسبة كبيرة من الجمهور الفلسطيني، تفضّل اللجوء إلى طرق أخرى لحل مشكلاتها، بدلًا من التوجّه إلى القضاء.

وأظهرت النتائج المتعلقة بانطباعات الجمهور، وجود تشاؤم فيما يتعلق بمستقبل القضاء في فلسطين، بنسبة 41%، بينما يرى 36% أن هناك تحسن، مع تفاوت نسبي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين عارض 42% نجاح دولة فلسطين في صيانة استقلال القضاء مقابل 33% وافقوا على ذلك.

وأعرب 20% من الجمهور عن عدم ثقتهم في النظام القضائي الفلسطيني، إزاء دعم وتعزيز سيادة القانون، بينما يثق 58% بذلك، في الوقت الذي وافق فيه 32% على أن أداء الموظفين يتسم بالشفافية ويخلو من الفساد، وعارض ذلك 36%.

ورغم تمسك 60% من الجمهور الفلسطيني، بأن التوجه إلى المحاكم النظامية هو الطريقة الأفضل لاسترجاع الحقوق، إلا أن 61% أيضًا يبحثون عن حلول بديلة، ويرى 59% أن القضاء العشائري أكثر قدرة على حل النزاعات من المحاكم الرسمية، وهي نتائج يمكن قراءتها في ضوء الأداء الحالي للقضاء النظامي، حيث يرى 72% من الجمهور أن هناك بطء في البت بالقضايا.

وأعرب 64% عن ثقتهم بالشرطة المدنية، فيما أعرب 57% عن ثقتهم بالنيابة العامة، و59% بالمحاكم، وتراجعت النسبة عندما تم استطلاع رأي المتعاملين مع جهاز الشرطة إلى 48% فقط، بينما انخفضت نسبة الرضا عن المتعاملين مع المحاكم النظامية إلى 51%.

وعزا الجمهور ذلك في الحالتين، إلى طول الوقت المستغرق خلال إجراءات متابعة القضايا، وعدم شعورهم بالجهد الكافي للحصول على المساعدة، وأن قضاياهم لم تؤخذ بجدية.

وفيما يتعلق بنتائج مسح آراء أساتذة الجامعات في كليات الحقوق، يرى 58% منهم أن كليات الحقوق تقوم بدور مميز في مجال التعليق على القوانين والأحكام القضائية، فيما أشار 61% إلى أن كليات الحقوق تقوم بدور مميز في مجال تطوير التشريعات، وأعرب 96% منهم عن رضاهم عن المنهاج الذي يتم تدريسه للطلبة.

ورأى 30% من أساتذة الجامعات أن مؤسسات أجهزة العدالة مستقلة وفاعلة، بينما عارض ذلك 54%، ورأى 37% أن القضاة مستقلون، وعارض ذلك 45%، ويجزم 32% أن أعضاء النيابة مستقلون، بينما عارض ذلك 46%.

وفي تعقيبه على النتائج قال د.أحمد أبو زينة أستاذ القانون في الجامعة الأمريكية: "نتائج الاستطلاع فيها نوع من التشاؤم والانطباع السلبي تجاه القضاء، لا سيما على صعيد التمتع بالحيادية والنزاهة والاستقلال"، مرجحًا أن ذلك يرجع لمشاعر التشاؤم العامة على كل الأصعدة، "وهذا يدفع إلى ضرورة العمل المستمر والتراكمي، من أجل استعادة ثقة الجمهور بمنظومة العدالة".

ووفقًا لأبو زينة، فالصورة ليست سوداوية تمامًا، فهناك فئة أعربت عن ثقتها بمنظومة العدالة، وهناك تحسن في بعض النسب مقارنة بنتائج مسح سابق أجري عام 2018م، لكن هذا التحسن ليس على مستوى البت في القضايا، بل ربما على صعيد المباني وزيادة عدد الموظفين والقضاة.

ونبّه أبو زينة إلى بعض النسب بقوله: "أن نرى 61% يفضلون التوجه إلى جهات غير القضاء هي نسبة خطيرة"، بينما على النقيض نجد انطباعًا جيدًا وإيجابيًا عامًا على مستوى الثقة بالشرطة المدنية، "لكن هذه النسبة تتراجع لدى من توجهوا فعلًا لهذه الأجهزة، أي أن النسبة تختلف بين الانطباع قبل التعامل والانطباع بعده، وهذا أمر بحاجة إلى التوقف عنده".

ولفت أبو زينة إلى نسب أخرى كانت مهمة ولافتة، "وعلى رأسها نسبة الذين تعاملوا مع القضاء العشائري، وأعربوا عن رضاهم عنه وهي 65%، أي أعلى من الرضا عن القضاء النظامي، وهذا يتطلب مراجعة"، مشككًا بالنسبة الواردة في نتائج الاستطلاع الخاص بآراء الأكاديميين المتعلقة بأن "61% من الأساتذة يعتقدون أن للأكاديميين دور مميز في سن التشريعات".

وحسب شهادة أحد الأكاديميين الذين شاركوا في إحدى اللجان الخاصة بتشريع أحد القوانين -والحديث لأبو زينة- "فقد  صدر التشريع مخالفًا تمامًا لما تمت صياغته في اللجنة"، ملفتًا النظر إلى خطورة النسب المتعلقة بثقة الأكاديميين بأجهزة العدالة.

وقال: "هناك انطباع سلبي حول حيادية جهاز القضاء، والخطورة أن الأساتذة هم من المتخصين الأكثر متابعة"، مشيرًا إلى وجود انطباع سلبي لدى طلبة كليات الحقوق حول حيادية نظام العدالة، "وهو القطاع الذي سيتعاملون معه عند التخرج"، معقبًا بحزم: "هذه أمور بحاجة إلى علاج ومتابعة دقيقة".