في يوم البيئة العالمي.. غزة يحاصرها "البحر" أيضًا
تاريخ النشر : 2022-06-05 15:00
تصوير APA

غزة:

لن تتمكن المواطنة الفلسطينية نهى علي هذا العام من اصطحاب ابنها الوحيد إلى شاطئ البحر؛ المتنفس الوحيد للمواطنين في قطاع غزة، بسبب تلوث مياهه.

السيدة الثلاثينية التي اعتادت وصديقاتها على مدار سنواتٍ مضَت، ممارسة رياضة المشي يوميًا على شاطئ البحر، والسباحة في مياهه الصافية وقت الصباح، ثم الجلوس هناك وتناول طعام الإفطار قبل العودة، تفتقد اليوم هذا الروتين، فهي لم تُحرم من السباحة فقط، بل حتى من الجلوس مقابله لسبب الرائحة النتنة التي تبعثها الأمواج مع كل حركة.

وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم الدولي للبيئة، يعاني الواقع البيئي في قطاع غزة، من وضعٍ متدهور بالعموم. وفي قطاع غزة الواقع جنوب فلسطين على مساحة 365 كيلومترًا مربعًا، والمخنوق بحصارٍ إسرائيليٍ فاق عمره 15 عامًا، ثمة 2 مليون إنسان يمثل البحر المتنزه الوحيد، والأقل تكلفة لهم في ظل ارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت 65%.

وتذكر السيدة علي، بأن البحر كان وجهتها في وقت ضيق الحال، "وفي ظل ارتفاع أسعار المقاهي والمطاعم"، فهنا لا تكلفها النزهة سوى تيرمس شاي تجلبه من بيتها، وبعض الفول السوداني وبذر البطيخ، مردفةً: "ابني الذي سيقدم امتحانات الثانوية العامة بعد عدة أيام، يطلب مني الخروج ليرفه عن نفسه عند الشاطئ فأرفض. هناك الرائحة لا تُطاق، ولا أضمن بصراحة أن يأخذه الحماس فيسبح وسط ذلك التلوث".

وتُعقّب: "قبل عامين أصبت بنزلة معوية لثلاثة لأيام لأني سبحت في البحر الملوث، ولستُ على استعداد لأن يمرض ابني"، محملةً المسؤولية لبلدية جباليا التي تضخ مياه الصرف الصحي إلى البحر مباشرة، ما تسبب في تلوثه وحرمان المواطنين من التنزه والسباحة هذا العام.

مؤخرًا نشرت سلطة المياه، وسلطة جودة البيئة، خريطةً جديدةً تُظهر مستوى التلوث على شواطئ بحر قطاع غزة، يظهر من خلالها أن 35% من مساحة البحر عمومًا ملوثة، لكن اللافت أن بحر منطقة جباليا هو المنطقة الوحيدة الملوثة بالكامل.

راسم مسعود عضو المجلس البلدي في بلدية بيت لاهيا، بدوره، رد على ذلك بقوله: "المشكلة الآن انتهت وتم حلها، فليس من المقبول أن يكون شاطئ بحر جباليا كله باللون الأحمر، والأصل أن يكون كل شاطئ قطاع غزة نظيفًا، وصالحًا للسباحة بلا أي نسبة تلوث".

وأوضح مسعود أن البلدية عقدت اجتماعًا طارئًا مع سلطة المياه، وسلطة جودة البيئة، ووزارة الحكم المحلي، ومصلحة مياه بلديات الساحل، بالإضافة إلى بلدية بيت لاهيا، واتفقوا على إصلاح الخط الناقل الذي يتعرض للانفجار، ويتسبب في ضخ المياه غير المعالجة إلى البحر مباشرة، مشيرًا إلى أن المواطنين لمسوا هذا التحسن، "وأصبح البحر نظيفًا تمامًا بنسبة 100%".

وأضاف: "تخطط البلدية مع الصليب الأحمر لبدء مشروع بقيمة 600 ألف يورو من أجل إقامة خط معالجة جديد، يحل المشكلة بشكل جذري"، ملفتًا إلى أن الحل الحالي "مؤقت".

بدوره يقول محمد مصلح مدير المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة: "إن السلطة، وبالتعاون مع وزارة الصحة، تعملان منذ شهر إبريل على فحص مستوى التلوث في مياه البحر حرصًا على صحة المواطنين"، مبينًا أن مستوى التلوث تراجع هذا العام إلى 35%، بعد أن كان يتراوح بين  50و75% سابقًا.

وعزا ذلك إلى جودة المعالجة، وضخ كميات أقل من الصرف الصحي نحو البحر، نتيجة تطور البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي، "مثلًا محطة صوفا في خانيونس، ترشح 20 ألف متر مكعب يوميًا، إضافةً إلى محطةٍ في المنطقة الوسطى".

لكن المشكلة الأبرز هي بحر جباليا الملوث بالكامل -وفق ما يوضح مصلح- "والسبب هو الضغط العالي على محطة المعالجة المعروفة باسم أم عامر، ما يتسبب في تآكل الأسفلت تحتها وانفجارها، وهذا دفع بلديات جباليا وبيت لاهيا إلى ضخ 5000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي مباشرةً نحو البحر".

ونفى مصلح أن يكون هذا الضخ بموافقةٍ من سلطة جودة البيئة، "فالخط يجب أن تتم صيانته"، مشيرًا إلى أن السلطة ستخاطب وزارة الحكم المحلي حول ضرورة التنسيق مع البلديتين لصيانة الخط، فالمسؤولية مشتركة بينهما.

ومع تأكيده بأن مياه البحر يجب أن تكون نظيفة بالكامل، يزيد مصلح: "إن سلطة جودة البيئة تعمل بشكلٍ مستمر مع مصلحة مياه بلديات الساحل، التي تشرف على المحطات بالتعاون مع البلديات، من أجل مواصلة صيانتها".

تصوير ياسر قديح