أزمة الدجاج اللاحم بغزة.. مواطنون: "خليه يقاقي"
تاريخ النشر : 2022-03-23 10:19

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

بشكلٍ كبير، تحمس المواطن يحيى أحمد (33 عامًا) للمشاركة في حملة "خليه (دعوه) يقاقي"، 
التي أطلقها نشطاء في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لمقاطعة الدجاج اللاحم، بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على سعره.

فمنذ أكثر من شهرين، لم يكن سعر كيلو الدجاج يتجاوز الـ 11 شيكلًا، فيما ارتفعت الأسعار بشكلٍ مفاجئٍ حتى وصلت إلى 14 شيكلًا.

ومع  اقتراب شهر رمضان الذي  يتضاعف فيه استهلاك الدجاج، يهدد قطاع الدواجن عجزًا في توفير الدجاج، وبالتالي ارتفاعٌ جديدٌ في الأسعار، يفوق قدرة المواطنين في قطاع غزة على توفير قيمتها.

يقول يحيى: "ابني البالغ من العمر سبعة أعوام، طلب مني الجمعة الماضية غداءً الأرز بالدجاج، فلم أجد مفرًا من إيضاح الأمر له، وإخباره بأن أسعار الدجاج العالية ستمنعه من شرائه لفترة، وأن معظم الأقارب يفعلون الشيء ذاته".

المزارع "برئ"

ويقف المُزارع عمران المصري حائرًا في أمره في ظل تحامل المواطن الفلسطيني في قطاع غزة على مربي الدواجن، وأصحاب المزارع بسبب ارتفاع أسعار الدجاج اللاحم في الأسواق المحلية، إذ قفز سعر الكيلو من 10 شواقل إلى 12.5، أو 13 شيكلًا، بينما في الضفة الغربية وصل إلى 19!

يقول الرجل: "إن ارتفاع الأسعار كان نتيجةً لارتفاع تكاليف الإنتاج"، موضحًا في حديثه لـ "نوى" أن الأسعار تأثرت بعدة أزمات، منها عدم توريد البيض المخصب إلى قطاع غزة من الأراضي المحتلة عام 1948م، فضلًا عن ارتفاع أسعار الصوص الخاص بالتفريخ، "إذ بلغ سعره 4 شواكل، بزيادة تقريبًا الضعف عن السابق، ناهيكم عن ارتفاع أسعار العلف، بالإضافة لتكاليف التدفئة الخاصة بفصل الشتاء".

ولجأ المصري إلى العمل في مجال تربية الدواجن منذ سبع سنوات،  نتيجة تعطّله عن العمل، وعدم الحصول على شهادةٍ في تخصصه "الهندسة"، وعلى مدار تلك السنوات لم يجد غير المعاناة.

يؤكد أن أي أزمة تواجه قطاع الدواجن في فلسطين، يكون المزارع أول من يتحمل عواقبها، دون أي حماية أو مساندة من الحكومة في غزة.

ويُشير المصري إلى أن الأزمة مؤقتة، ولن تستمر طويلًا، مُقدّرًا بقاء الأسعار في ارتفاع خلال الأيام القادمة، "ويمكن أن تعود إلى طبيعتها خلال شهر رمضان، خاصة في ظل السماح باستيراد البيض المخصب من مصر".

حلول الوزارة

وفي ظل استيراده 70% من البيض المخصب من إسرائيل، يواجه قطاع غزة أزمةً في استيراد البيض المخصب اللازم لإنتاج الدجاج، جرّاء انتشار مرض إنفلونزا الطيور في "إسرائيل"، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الدجاج خلال الفترة الحالية.

وبالإضافة إلى أزمة البيض المخصب، جاء ارتفاع أسعار الأعلاف والتدفئة ليضيف المزيد من الغلاء.

يقول مسؤول الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة بغزة طاهر أبو حمد: "إن الارتفاع بالأساس ناتج عن انتشار انفلونزا الطيور لدى الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى تراجع إنتاج البيض المخصب في هذه الفترة، مما أثّر على الإنتاج المقرر لشهر رمضان المبارك، ما تسبب بارتفاع الأسعار".

وفي إطار بحث الوزارة عن حلول، سمحت –وفقًا لأبو حمد- بدخول الدجاج المبرد والمجمد بكافة أنواعه، واستيراد بيض التفريخ من مصر، متوقعًا أن يكون الارتفاع في أسعار الدجاج اللاحم مؤقتًا.

الأزمة تتفاقم

بدوره، يؤكد رئيس نقابة مربي الدواجن والثروة الحيوانية في قطاع غزة، مروان الحلو، أن انفلونزا الطيور أثرت  على الكثير من المزارع داخل الأراضي المحتلة، ما تسبب بإرباك لدى المستوردين.

وألقت الحرب  في أوكرانيا –تبعًا للحلو-  بظلالها على أزمة الدواجن بغزة، موضحًا أن حجم الاستهلاك الشهري من الأعلاف لقطاع غزة يعادل تقريبًا 15 ألف طنًا من العلف الخاص بالدواجن.

وقبل 10 أشهر، كان المُزارع يأخذ طن العلف  بـ2300 شيكل، أما اليوم، أصبح سعره 2900 و3000 آلاف شيكل،  هذا الغلاء أثقل كاهل المزارع والمواطن معًا، كما أن الوقود اللازم للتدفئة التي تتطلب يوميًا  للمزرعةالواحدة، خمسين كيلو غرامًا من الغاز، بتكلفةٍ تصل إلى 250 شيكلًا وهو مبلغٌ كبيرٌ جدًا.

ويعقب الحلو: "المُزارع يخسر، وهناك من باع بيته، وهناكَ من يُطارَد على ذمةٍ مالية. قطاعُ الدواجن في غزة قطاعٌ مهدوم، وهناك أكثر من 180 مليون شيكل، هي ديون المزارعين لصالح شركات الأعلاف والصيصان".

 ويبدو الحلو راضيًا عن قرار الوزارة فتح خط استيراد البيض المخصّب من مصر، لكنه ليس بذات الرضى عن قرار السماح بدخول اللحوم المجمدة. يقول: "طالما أن هناك سيف مسلط علينا بفتح المجال للمجمد والمبرد، لا يُمكن أن نقول للمزارع أن يقف عند حدٍ معين. لا خطوط حمراء للأسعار لتأخذ مجراها. هذه سلعة: عرض وطلب، طالما أن الوزارة تفرض علينا سياسة الأمر الواقع".

غلاءٌ أكثر قادم

استشاري الطب البيطري سعود الشوا الذي يراقب وضع قطاع الدواجن بحكم تخصصه، يؤكد أن قطاع الدواجن في قطاع غزة، يعاني من مشاكل على مستويات متعددة، ملفتًا إلى أن المزارع المغلقة الحديثة، تواجه مشاكل صعبة أكبر من مشاكل صغار المربين بكثير، "فالخسارة تطال عشرات الآلاف من الدجاج اللاحم، نتيجة وجود خللٍ في عدة نواحٍ طوال الدورة الإنتاجية الممتدة إلى حوالي 35 يومًا".

ويشير الشوا إلى أهمية وجود  قرار سيادي حكومي يضع سعرًا عادلًا لكيلوجرام الدجاج اللاحم على أرض المزرعة طوال العام، متوقعًا أن يكون هناك حوالي 2 مليون دجاجة من إنتاج قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك، بينما استهلاك الشهر  عادةً يقارب 4 ملايين دجاجة، وبالتالي من المتوقع ارتفاع سعر الدجاج أكثر في شهر رمضان، "وقد يصل الكيلو إلى  18 شيكلًا حسب الشوا.