القوانين لا تحمي وحرية التعبير تحتضر في فلسطين
تاريخ النشر : 2022-02-11 13:47

غزة:

مرة أخرى يعود الحديث عن حالة حرية الرأي والتعبير المترهلة في فلسطين، والحاجة إلى تطوير كافة القوانين التي تنتهك حرية الصحافيين والصحافيات وتضعف قدرتهم على ممارسة عملهم، وتوحيد هذه القوانين بين الضفة الغربية وقطاع غزة وجعلها منسجمة مع القوانين الدولية ذات العلاقة، والكفّ عن اقتحام خصوصيات المواطنين.

كان هذا خلال ورشة عمل نظمتها مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في مدينة غزة بعنوان "قوانين الجرائم الالكترونية وتأثيرها على حرية الرأي والتعبير" بمشاركة مجموعة من الصحافيين والصحافيات والمحامين والمحاميات.

مدير مؤسسة الضمير المحامي علاء اسكافي افتتح الورشة بتأكيده أهمية الإعلام الالكتروني في حياة المواطنين من النواحي الاجتماعية والسياسية، لكن من أجل إرساء حماية فعالة لمصالح المجتمع وأفراده كان لا بد من وجود قوانين تنظم وتضبط الإعلام الالكتروني بحيث لا ينضوي على أي مساس بالحقوق والحريات العامة والحقوق الدستورية للمواطنين والمواطنات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وعرج اسكافي للحديث عن النصوص القانونية المتعلقة بحق المواطنين في حرية الرأي والتعبير، فوفقًا لقانون النشر والمطبوعات الفلسطيني لعام 1995، هما حرتان ويستطيع أي مواطن ممارسة هذا الحق قولًا وكتابة ورسمًا، لكن رغم ذلك فهناك العديد من النصوص العامة التي تعطي السلطات مساحة لملاحقة النشطاء والصحافيين وشهدنا العديد من الاستدعاءات على خلفية النشر.

الإعلامي فتحي صبّاح، بدأ كلمته بمقدمة حول التشريعات الإعلامية المعمول بها في فلسطين والتي تبدأ من القانون الأساسي الفلسطيني الذي نص على حرية الراي والتعبير انسجامًا مع القوانين الدولية، وصولًا  إلى قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني لعام 1995 والذي رغم تأكيده ذات الحق لكن المادة 37 منه تنضوي على العديد من النصوص التي تقوض حرية الرأي والتعبير.

وتحدث أيضًا صبّاح عن قانون العقوبات الفلسطيني الذي يمتد إلى عهد الانتداب البريطاني دون تحديث حتى عن بنوده لا يمكن تفسيرها إلا من خلال محكمة في لندن، وكذلك فإن الضفة الغربية وقطاع غزة تعملان بموجب قوانين عقوبات مختلفة، حتى إن العقوبة تختلف بينهما على ذات التهمة، مستغربًا من أن هذه القوانين مرت على مجلسين تشريعيين دون أن يتم أي تعديل.

وتحدث صبّاح عن الانتهاكات قوانين الإعلام لحرية الرأي والتعبير في الضفة والقطاع، فقانون الجرائم الالكترونية الذي أصدره الرئيس عام 2017 والمعدّل عام 2018 بعد رفض المؤسسات الإعلامية والحقوقية للكثير من بنوده، إلا أن حتى هذا التعديل الذي ضمن حرية الرأي والتعبير ولكن احتوى مادتان الأولى رقم 29 والتي استندت لها السلطة الفلسطينية عندما أغلقت 59 موقعًا الكترونيًا دفعة واحدة، والمادة رقم 30 والتي تزيد من هذا الانتهاك بمعاقبة من ينشر عن هذه المواقع بالحبس والغرامة، وقد تم محاكمة مواطنين على خلفية هذا القانون.

أما في قطاع غزة فلدينا قانون إساءة استخدام التكنولوجيا والذي تنتهك المادة 262 مكرر فيه الكثير من الخصوصيات، فهو احتوى مفردات فضفاضة يسهل وضع الكثير من الأشياء تحتها وهي مادة تسيء الأجهزة الأمنية استخدامها وتتعدى على خصوصيات المواطنين بتفتيش هواتفهم، كما شهدنا استدعاءات بسبب هذا القانون، الذي زرع شرطي في عقل كل صحفي ومواطن، مع ان الأصل أن يكون الصحفي صوت المجتمع، فكل هذه القوانين بحاجة إلى تطوير وتوحيد.

أما ممثل النيابة العامة أشرف أبو سيدو، فقد اتفق مع صبّاح في قِدم القوانين المعمول بها في فلسطين وأن هناك حاجة لتطويرها، فمثلما تتطور كل مناحي الحياة وتتطور التكنولوجيا، فإن المجرمين أيضًا يجيدون تطوير جريمتهم انطلاقًا من هذا التطور، وعلى سبيل المثال ما يتعلق بالجرائم المالية عبر التكنولوجيا، والتشريعات لا تتسع لهذه الجرائم الحديثة فيجري اللجوء لنصوص موجودة لتطويعها لمعالجة الحالة الجرمية، مع أن العديد من الدول لديها تشريعات واضحة.

وعن تفتيش هواتف المواطنين قال ليس ان هذا ليس مسموحًا وأن الأدلة المتحصلة من خلال هذا التفتيش لا يؤخذ بها، مشيرًا إلى أنه في ثبوت ما يخالف العادات والتقاليد فإنه يتم حفظ الملفات غالبًا تحت بند عدم الأهمية أو لكون ليس هناك مصلحة عامة على تحويل الملف للقضاء.

أما فيها يتعلق بحرية الرأي والتعبير، فقال إن النيابة العامة كان لديها قرار مؤخرًا، بأن الإعلاميين الذين ينشرون أخبارًا لا يتم مراجعتهم من خلال مراكز الشرطة، إنما من قبل الجهات التي تختص بمراجعة الأطباء والنقابيين وحتى المسؤولين، فالصحافي يجب ان يحظى بمعاملة خاصة والنيابة تولي اهتمامًا لهذا الخصوص.

وشدد على ان النيابة تعمل بموجب القوانين الت يتضمن حرية الرأي والتعبير، فالشكاوى التي قد تصل يتم معالجتها ضمن المادة 206 و 207 من قانون العقوبات المتعلقة بموضوع عدم المؤاخذة وأنه لم يكن هناك سوء نية، والكثير من القضايا يتم فيها حفظ الملفات القانونية لعدم وجود جرم، ورغم أن المادة 262 مكرر- الت يسبق الحديث عنها- فيها مصطلحات فضفاضة إلا ان النيابة لا تطوعها إلا ضمن جريمة مكتملة ووقائع لها أهمية.

وخلال الجلسة تحدث حضور عن انتهاكات فعلية تعرضوا لها على يد أجهزة أمنية في قطاع غزة وإعلامية إلا أن النيابة أكدت أن كل شيء تم وفق قوانين موجودة، وهو ما يعني ضرورة مراجعة المجلس التشريعي حول انتهاكات يتعرض لها مواطنون بسبب إحكام الأجهزة الأمنية قبضتها وتدخلها بشكل مبالغ فيه في حياة المواطنين.