"شيليا وحلم الجرمق".. ثورتين في كتاب
تاريخ النشر : 2021-11-23 23:05

قطاع غزة | نوى:

الجزائر وفلسطين في "شيليا وحلم الجرمق".. عملٌ إبداعيٌ واحد يجمع قصة شعبين عاشا تحت الاحتلال. الكاتب الفلسطيني ناصر عطالله، والكاتبة الجزائرية نور الشمس النعيمي وحّدا الكلمة بقلمين، وكتبا رسائل التاريخ في ثورتين: ثورة الشعب الجزائري الممتدة منذ عام 1831م حتى تاريخ الاستقلال، وثورة فلسطين المعاصرة، وأهم أحداثها وأماكن تواجدها، وواقعها الحالي.

الكتاب الذي استغرقت فترة كتابته عامًا كاملًا، سلّطَ الضوء بشكلٍ أدبيٍ ومكثّف على أماكن جغرافية كانت مسقط رأس ثوار وشهداء في الجزائر وفلسطين، وعكست هذه اللقطات المكتوبة جوهر العلاقة بين البلدين والثورتين، بشواهد عدة: الحرائق في غابات الجزائر، والتحضير للانتخابات التشريعية الفلسطينية، وتأجيلها، وأحداث على هذه الشاكلة.

يصف الكاتب عطالله اختيار العنوان بأنه: "حمل أملًا كبيرًا مرره جبل شيليا في الأوراس الجزائري، إلى جبل الجرمق الفلسطيني الشاهق، الذي ينتظر خلاصه من المحتل".

تعارف الكاتبَين الذي حدث في مهرجان الفيوم بمصر عام ٢٠١٩م، لم يأت بشكله الطبيعي كون ناصر يعيش في قطاع غزة المحاصر منذ ١٥ عامًا، لكنه استطاع السفر؛ وهذا الأمر يعد استثناءً هنا بين كشوفات المسافرين لأجل الحاجة التي تبدأ من العلاج بالخارج، والتعليم، وقضاء أمور "لا تعد رفاهية بالنسبة للقاطنين هنا".

يتابع: "يشكل الحصار أزمة كبيرة في حياتنا، فنحن ككتّاب في قطاع غزة، نُحرم من المشاركات في المهرجانات والمؤتمرات والمعارض داخل الوطن وخارجه، وشلل الحركة عند الكاتب يسبب له حالة من الإحباط، ناهيكم عن إعاقة الإبداع"، ففي السفر ماء عذب وشمس طاهية للكتابة، وفقدانهما يعني الاجتهاد العظيم من أجل إخراج فعل كتابي بمستوى جيد، وفق تعبيره.

ولناصر عدة مؤلفات، شعرية وروائية وأدبية منها: "هل يكفي الورد، وهذا ما يشغلني، وما قاله الغريب، بالإضافة إلى صيهد العمر، وسيرة ذاتية، وحرية مؤقتة، بالإضافة إلى سيرة مكان"، واليوم يخرج بـ "شيليا وحلم الجرمق" الكتاب الذي ما زال تحت الطباعة على أمل إصداره هذا العام.

رغم ذلك، يفضل كاتبنا بأن نعرفه بالإنسان الذي اتخذ من الكتابة سبيلًا للتعبير عنه وعن شعبه، ومسلكًا من أجل البقاء على قيد الأمل، ونافذة يطل من خلالها على العالم، والعيش ككل أبناء شعبه على أمل الخلاص من الاحتلال والتحرر، وبناء الدولة المستقلة.

وللكاتبة نور الشمس أعمال عديدة، منها: رواية نيران الوجد، وبعض المقالات التي نشرت في الصحف الجزائرية والعربية، هنا تعلق لـ "نوى": "قريبًا سيصدر ديوان شعري ومجموعة قصصية".

بالعودة إلى ناصر، فإنه يرى بأن المشهد الثقافي في القطاع، وبرغم ظروفه المعقدة يشهد تطورًا ملحوظًا خاصة في صفوف الكتّاب الشباب، منبهًا إلى أنه في الواقع، وعلى الصعيد العام، لا يشهد حراكًا بمستوى الفعل الشخصي والفردي للكتّاب، وهذا مردّه للواقع المأزوم المتعلق بالجهات الرسمية الداعمة للثقافة، ولحالة الانقسام "البغيض".

ويشير إلى أن المعيقات يمكن اختصارها بالدعم المالي للكتّاب والأدباء، ودعم المؤسسات المعنية بالأدب والثقافة، وشح الموارد، والدعم الخارجي لهذه المؤسسات، وغياب وحدة الجهة الموجهة لحركة المراكز والجمعيات والمؤسسات الثقافية العاملة، خاصة في ظل الانقسام.

لكن: ماذا عن تفاعل العرب مع القضية الفلسطينية ثقافيًا؟ تجيبنا الكاتبة الجزائرية نور الشمس بالقول: "تجاوبهم هنا ينقسم إلى قسمين، منهم لا رأي له أو يكتم ما يجول داخل وجدانه وذلك لأسباب تفضل عدم ذكرها، والقسم الآخر هو من اعتاد على قول الحق أيًا كانت النتيجة".

وتزيد: "أشعر بأن تفاعلًا كبير من معظم أدباء الوطن العربي يستهدف ما يصيب الشعب الفلسطيني من ويلات الاحتلال، فالقضية الفلسطينية هي قضية كل إنسان أصيل".

وعن المعيقات التي تواجه الكُتاب في الوطن العربي، فإن على رأسها –وفقًا لنور- عدم وجود قارئ بالمعنى الحرفي للقراءة، خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ومن جهة أخرى عدم وجود مساحة كافية من الحرية، يمكن من خلالها أن يطلق الكتاب طيور فكرهم للإبداع، بالإضافة إلى أن المهرجانات الأدبية وتواصل الأدباء مع الجمهور ضعيف في معظم الدول العربية.

"أن أحمل رسالة شعبي الفلسطيني، وأن تترجم أعمالي للغات عالمية، وأن أكون ضمن كوكبة الكتّاب والأدباء المعاصرين الذين تسلموا الراية من أدباء المقاومة ومؤسسي الحركة الأدبية في فلسطين" هو أكبر ما يطمح إليه الكاتب ناصر عطا الله.

في المقابل تصف نور الشمس النعيمي طموحاتها بـ "البسيطة جدًا"، وهي أن تتمكن من تقديم رسالةٍ هادفة بين سطور ما تكتب، تصل إلى المجتمع العربي بشكل عام، وإلى الجزائري خاصة.