"مرح".. أصغت لهمس والدها وسندَت بـ"تفوقها" الوطن
تاريخ النشر : 2021-08-05 08:39

خانيونس:

"كلما كان يبلغ مني الضعف محله في ظل تواصل الهجمات الصاروخية الإسرائيلية على قطاع غزة، وتملكني البكاء، يهمس والدي في أذني: تفوقك سيكون الوسيلة التي ستساندين بها الوطن" تقول مرح عبد الغفور، الحاصلة على ترتيب الثامنة على مستوى قطاع غزة، في الفرع العلمي بمعدل 99.6% لـ "نوى".

تلك المرحلة، التي تتمنى مرح لو أنها تبقى "ذكرى"، كانت من أكثر المنغّصات التي كادت تعصف بهمّتها خلال فترة الدراسة للثانوية العامة، يوم شنت "إسرائيل" في العاشر من مايو/ آيار الماضي –أي قبيل الامتحانات بقرابة الشهر- عدوانها على قطاع غزة، فشوهت وجهه، وقتلت أحلام أطفاله وفرحة عيدهم.

تضيف: "بعد كلمات والدي الداعمة، كنتُ أعاود متابعة دروسي. كان القصف يهطل فوق رأس غزة، وأنا أحاول التركيز في ما أقرأ –ولعلي كنتُ أهرب بتركيزي هذا من صوت الصواريخ- لا أدري"، ملفتةً إلى أن والدها لم يدخّر جهدًا ولا مالًا في محاولة توفير كل ما تتطلبه دراستها "وعلى رأسها كهرباء الطاقة الشمسية، لتذليل عقبة انقطاع التيار الذي يزور بيوت القطاع في أحسن الأحوال 8 ساعات، قبل أن ينقطع مدةً مشابهة".

ونشر الصحفي ياسر عبد الغفور مقطعًا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا للحظة إعلان النتائج، كان يبدو فيه غير متأكدٍ من الدرجات التي يشاهدها أمامه، تعلق مرح: "صحيح أنني دومًا من المتفوقات، لكنني لم أتوقع الحصول على معدل 99.6%، وهذا دفعني للعودة من أجل البحث عن استمارتي، والتأكد مرارًا من رقم جلوسي، ودرجاتي (..) كانت صدمة كبيرة، وفرحة لا توصف".

فرحة وجدت مستقرها في منزل آل عبد الغفور، بعد تفوق مرح الابنة البكر لوالديها وفرحة قلبيهما الأولى، وهذا ما جعلهما يفتحان الباب على مصراعيه أمام أحلام وطموحات ابنتهما المدللة: "سأدرس في كلية الطب بإذن الله، فأنا تعبت ونجحت ولكل مجتهد نصيب، ولن أخيب آمال والدي".

مرح كانت تعتمد طوال العام الدراسي على نظريةٍ تختلف عن كثير من نظريات الطلبة، "البحث عن نقاط الضعف في المنهاج الدراسي، وتشديد التركيز عليه، للتمكن منه".

وكما غالبية المتفوقين، ترى مرح أن العبرة ليست بعدد ساعات الدراسة، ولكن بكيفية تقسيم الوقت بين المواد، واستثمار كل دقيقة دراسية بمعدل تركيز مرتفع، وهو ما أسمته "الدراسة بذكاء".

وتشدد مرح على أن طريق التفوق محفوف بالمصاعب، ويحتاج أولًا إلى إرادة وهدف، والأهم عدم الاستسلام للتوتر والخوف أو أي ظروف طارئة.

وتنظر مرح إلى حقيبتها المدرسية بحب، وبابتسامةٍ تزين وجهها، وتضيف: "كانت هذه الحقيبة دومًا جاهزة أثناء العدوان، كنت أخشى أن يتعرض منزلنا للقصف، وهذه كل ثروتي"، متابعةً: "صحيح أنني كنت تواقة للتفوق، لكن تذكير والدي الدائم ليا بأن نجاحي وتفوقي سيكون مردوده الأول لنفسي، وأنني به أساهم بتضميد جراح الوطن، جعلني أحمل المسؤولية وأكون بالفعل على قدر ثقتهم بي".

وتعلق على كثرة المعدلات المرتفعة هذا العام بقولها: "هذا دليل على إرادة أبناء فلسطين، وقوتهم رغم العدوان والحصار والانتهاكات في الشيخ جراح والقدس وكل بقعة فلسطينية، لقد نثر طلبة الثانوية العامة الفرحة في كل أرجاء الوطن بهذا اليوم الاستثنائي".