عن عادات رمضان ولمة "العيلة" التي قلبتها كورونا
تاريخ النشر : 2021-04-18 21:44

غزة:

" هو شهر تغيّر عن الأعوام السابقة، كورونا ضربت كل التقاليد التي تعوّدنا عليها في شهر رمضان، الزيارات العائلية، صلاة التروايح، وحتى فرحة لمّة الأخوات".

هكذا وصفت الثلاثينية إسلام أبو عساكر باختصار التغيرات التي طرأت على عادات شهر رمضان في قطاع غزة، إثر الموجة الثانية لفيروس كورونا التي تفشّت منذ أكثر من شهر مع اكتشاف إصابات بالطفرة البريطانية للفيروس.

في رمضان، اعتاد الناس زيارة الأرحام من أخوات وعمّات وخالات بعد صلاة التراويح الجماعية في المسجد، إلا أن فرض الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة لإجراءات منع التنقل بعد الساعة 9 مساءً ومنع الصلاة في المساجد للنساء؛ أجبرت الناس على تغيير هذه العادات.

إسلام: ظروف الإغلاق دفعتنا لزيارة قصيرة في النهار والاكتفاء بذلك، وهذا حرم حتى أطفالنا من الالتقاء بأقرانهم

تقول إسلام وهي أم لأربعة أبناء :"اعتدنا كل عام بعد صلاة العشاء والتراويح مساءً زيارة الأقارب أو استقبال زائرين في بيتنا، لكن ظروف الإغلاق دفعتنا بدلًا من ذلك لزيارة قصيرة في النهار والاكتفاء بذلك، وهذا حرم حتى أطفالنا من الالتقاء بأقرانهم".

ووفقًا لإسلام التي تسكن مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فإن ظروف الوباء دفعتها إلى عدم اصطحاب أي من أبنائها معها في هذه الزيارات، حماية لهم من التعرّض للعدوى، بينما تبدي انزعاجها لعدم تمكنها من أداء صلاة العشاء والتراويح في المسجد، معقّبة "العام الماضي أيضًا حَرمنا الوباء من صلاة الجماعة".

وتبدو تجربة النساء اللواتي عايشن الإصابة قبل دخول الشهر الفضيل بأيام أصعب، فقد بات عليهن تجربة الحجر والصيام معًا.

تقول الستينية أم وائل بريكة التي اكتشفت إصابتها قبل رمضان بأسبوع واحد :"هذا العام رمضان مختلف، مع ظهور أعراض الإصابة عليّ طلبت من أهلي عدم زيارتي خلال شهر رمضان، والاكتفاء بالتواصل عبر الهاتف".

أم وائل: هل نصدّق أننا لا نستطيع مصافحة أحبابنا ولا تقبيل أحفادنا

لكن الهاتف لا يسدّ شوقًا ولا يشبع الشعور بسعادة الزيارة الرمضانية التي تحظى بطقوس خاصة، تجعل قيمتها مختلفة عن غيرها من الزيارات.

مع اشتياقها لأن تزور وتُزار تؤكد أم وائل إنها رغم ذلك ملتزمة بكل سبل الوقاية من الوباء الذي اخترق تقريبًا كل البيوت، لكنها تشعر بالكثير من الحزن عما وصلنا إلينا من حال، "هل نصدّق أننا لا نستطيع مصافحة أحبابنا ولا تقبيل أحفادنا".

تضيف:"هذا العام أشدّ مرارة من السابق، عجزنا عن دعوة أبنائي وبناتي المتزوجين وأبنائهم إلى مائدة إفطار كانت سابقًا معتادة، والآن أصبحت غير ممكنة أبدًا، حمنا الوباء من لمة العيلة، فالكل يغلق بابه على أطفاله ويخشى المخالطة".

"الأمر لم يقف عند حد عدم قدرتنا على زيارة الأهل أو صلاة التراويح، بل حتى شراء ملابس العيد لأطفالنا"، تقول سهى محمد من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.

سهى التي خرجت ملتزمة إجراءات وقاية مشددة خشية نقل أي عدوى لأطفالها كانت تريد شراء ملابس العيد حيث جرت العادة أن تبدأ المتاجر ببيع ملابس العيد منذ ما قبل رمضان.

سهى: مخيف أن أخرج إلى السوق محاوِلة تجنب الازدحام أو الاحتكاك بالناس، وضع جعلني تحت القلق والتوتر الدائم

تقول:"مخيف أن أخرج إلى السوق محاوِلة تجنب الازدحام أو الاحتكاك بالناس، وضع جعلني تحت القلق والتوتر الدائم، ولكن هناك احتياجات للأسرة غير ملابس الأطفال يلزمني توفيرها وعليّ الخروج من أجلها".

تتجنب سهى الخروج مصطحبة أطفالها وتحاول -حسب قولها- اختصار الوقت بدخول أقلّ عدد ممكن من المتاجر وعدم المفاصلة بشكل واسع من أجل ضمان ألا تستهلك وقتًا طويلًا.

ومع كل العادات التي أُجبر الناس على تغييرها بسبب جائحة كورونا التي تضرب معظم دول العالم بما فيها فلسطين، فإن ثمة أطفال في بعض الشوارع يحاولون رسم البسمة على شفاه أهل الحي من خلال بعض الألعاب النارية البسيطة.