عين السلطة التنفيذية في محفظة مؤسسات "المجتمع المدني"
تاريخ النشر : 2021-03-06 21:24

غزة/ 

"أراه مؤشرًا واضحًا على محاولة إرساء مراكز قانونية جديدة"، قالت زينب الغنيمي، مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة لـ "نوى"، تعليقًا على القرار بقانون رقم (7) لعام 2021م.

أطرقت تفكر، قبل أن تكمل: "بل لعله يعطي انطباعًا بأن السلطة التنفيذية، ستفرض سطوتها على مؤسسات المجتمع المدني".

القرار بقانون الذي صادق عليه الرئيس محمود عباس، جاء في ثماني مواد، تفرض على الجمعيات والهيئات أن تقدّم تقارير مالية، وميزانيات مدققة بشكل سنوي، ووفق مواعيد محددة، تتضمن جميع المصاريف والإيرادات إلى الوزارة المختصة، وأن تقدّم أيضًا تقارير مفصلة بالأنشطة التي قامت بها طوال العام.

قبل عدة سنوات، تأثرت مؤسسة الغنيمي بقرارٍ مشابه، طال الشركات غير الربحية، ومكمن الخطورة في كونه "أعطى الوزارة المختصة سلطةً مُطلقةً على الجمعيات، ما يعني أن وزارةً أو أكثر، يُمكن أن تكون مختصة بالإضافة لوزارة الداخلية".

وتضيف الغنيمي: "هذا سينعكس سلبًا على عمل المؤسسة، فمدة المشروع نفسه قد تنتهي قبل أن تنتهي الإجراءات في مراقبة الجمعيات الأهلية".

والمسألة الأخرى التي لا تقل خطورة عن ذلك، كما ترى الغنيمي، هي نسبة المصروفات التشغيلية التي أقرها القرار بقانون للمؤسسات، التي لا تتعدى (25%) بما في ذلك رواتب الموظفين.

"بهذه النسبة ستضطر المؤسسات لتقليص أعداد الموظفين، وهو ما سينعكس على طبيعة وجودة وحجم الخدمات المقدمة للفئة المستهدفة، في الوقت الذي تعتمد فيه غالبية المؤسسات على كوادرها البشرية لإنجاز أعمالها وأنشطتها" تزيد.

وفي الوقت نفسه، تنظر الغنيمي إلى هؤلاء الموظفين كطاقات تشغيلية استطاعت مؤسسات المجتمع المدني أن توفر لهم فرصة عمل فيما عجزت السلطة عن ذلك، متسائلة: "هل الحكومة قادرة على تسديد هذا الاستحقاق في ظل ارتفاع مؤشر البطالة الفلسطينية؟".

وتوضح أن القرار تعامل مع المؤسسات الأهلية كشركات ربحية في حال التصفية، "ما يشير إلى أن الهدف من القرار بقانون رقم (7) هو محاولة الهيمنة على المؤسسات التي تسد فجوة غياب السلطة وعدم قدرتها على سد الخدمات المطلوبة في كل المجالات".

وتلفت الغنيمي إلى أن ضبابية الغرض من القرار، يترك المجال واسعًا للتكهنات بأهدافه، عوضًا عن تساوقه مع الضغوط التي تمارسها سلطات الاحتلال على مؤسسات المجتمع المدني، خاصةً تلك الناشطة في الجانب الحقوقي والإنساني، في محاولةٍ لتقويض بنيان المجتمع الفلسطيني، والمؤسسات الأهلية.

كما تعتقد مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، أن النساء سيكُنَّ الأكثر تضررًا في حال تمرير القرار، لأنهن الأقل حظًا في خطط التشغيل الحكومية.

من يسد الفجوة؟

في حين تتساءل المديرة التنفيذية لاتحاد لجان المرأة الفلسطينية تغريد جمعة بغضب، عن فائدة الذهاب إلى الانتخابات التشريعية في مايو/ آيار المقبل، إذا ما كان الرئيس قادرًا على إقرار قرارات، والمصادقة عليها، دون الرجوع للمؤسسة التشريعية!

وتقول جمعة لشبكة "نوى": "لو افترضنا حسن النية في القرار، فقد كان بالإمكان انتظار انتخاب المجلس التشريعي، وعرضه عليه للنظر فيه قبل نشره"، مؤكدةً أن القرار بقانون الذي أصدره الرئيس محمود عباس يخالف القانون الأساسي، وقانون الجمعيات الذي تدحض بنوده ما جاء فيه.

وتوضح أن القرار بقانون، يُلغي ضرورة وجود المؤسسات الأهلية، لأنه ينفي الغرض الذي وجدت من أجله، بسد الفجوة التي لا تستطيع الحكومة سدّها، ومن ناحيةٍ أخرى، فإن فرض جهات رقابية تتحكم بعمل المؤسسات يتنافى مع الحرية والمساحة المطلوبة من أجل عملها.

وتساءلت مجددًا عن الداعي لوجود مؤسسات المجتمع المدني، إذا ما كانت ستتحول لأدوات وجيوب تابعة للوزارات، تمتلك الحرية المطلقة للتحكم بأنشطتها وخططها.

وكما الغنيمي، ترى جُمعة أن القرار بقانون رقم (7) لعام 2021، الخاص بالجمعيات الأهلية، ينسجم مع حملات الاحتلال الإسرائيلي التي تعمل على تشويه مؤسسات المجتمع المدني، وتسببت بوقف التمويل عن العديد من المؤسسات العريقة، لافتةً إلى أن القرار يضع المؤسسات بين نار الاحتلال والحكومة.

وتؤكد أن مؤسسات المجتمع المدني لن تتعاطى مع القرار، وستعمل بكل قوةٍ على وقفه، "باعتبار النضال ضد كل ما يمكن أن يمسُّ بالحريات، جزءًا أصيلًا من عمل المؤسسات الأهلية".

والسيناريو المتوقع في حال عدم استجابة الحكومة بسحب القرار بقانون الخاص بالجمعيات الأهلية، أن المؤسسات لن تتجاوب، ولن تقدم خططها للوزارة المختصة، ما يجعل الباب مفتوحًا أمام احتمالية إغلاقها على حد تعبير جمعة، التي أضافت: "الوضع لا يبشر بخير، فقبل شهر وفي الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع المدني إقرار قوانين تنصف النساء، فوجئنا بغزة بقرار منع السفر إلا بإذن، واليوم قرارات تقطع الطريق أمام كل نضالات مؤسسات المجتمع المدني من أجل النهوض بالمجتمع الفلسطيني".