انتبهوا.. بيضُ دجاجٍ ملوّث في إحدى الفقّاسات بغزة
تاريخ النشر : 2021-01-20 11:16

غزة:

قبل بضعة أيام كانت عملية إتلاف بيض مخصّب تتم بسلاسة على يد موظفين من وزارة الزراعة داخل إحدى الفقاسات المعروفة في قطاع غزة، عقب تحليل مخبري من الوزارة أثبت أن البيض ملوّث بميكروب اسمه "ميكوبلازما" يتسبب في إنتاج فراخ مريضة تنفسيًا تنفق قبل تسمينها.

وبشكل مفاجئ توقّف الموظفون عن متابعة عملية الإتلاف التي يفترض أن تتواصل رغم وصولهم إلى نصف الكمية (90 ألفًا تم إتلافها من أصل 261 ألف) حين صدر قررا قضائي من المحكمة الإدارية بوقف الإتلاف.

وبينما ما زالت تفاصيل القضية غامضة؛ يبدي المواطنون الفلسطينيون قلقهم إزاء احتمالية وصول هذا البيض إلى موائدهم، فما القصة؟

في تفاصيل القضية، أعلنت وزارة الزراعة الفلسطينية في قطاع غزة مساء 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، أنها ضبطت 216 ألف بيضة فقس دجاج لاحم (مخصّبة)، أثبتت فحوصاتهم أنها مصابة بميكروب (الميكوبلازما) أخطر الميكروبات التنفسية التي تصيب الدجاج وتجعله في حالة إجهاد مستمر، ويعطي فرصة لإصابة الدجاجة بجراثيم أخرى سواء فيروسية مثل الانفلونزا أو بكتيرية مثل الايكولاي.

ورغم أن إعلان الوزارة وعملية الإتلاف جاءت في إطار دورها الرقابي المُعتاد؛ إلا أن ما أثار الغرابة هو أن الوزارة ذاتها وبعد إتلافها 90 ألف من البيض المصاب (نصف الكمية تقريبًا)؛ أوقفت الإتلاف وتذرّعت بقولها "لحين استكمال باقي الاجراءات الفنية والقانونية" كما جاء في الإعلان الرسمي الذي نشره موقع الوزارة.

علاوة على ما سبق، أحدث تحذير الوزارة لنقابة مربي الدواجن وجميع مربي الدجاج اللاحم من شراء هذا البيض المزيد من الاستغراب، حيث قالت الوزارة في إعلانها: "تطلب الوزارة من نقابة مربي الدواجن وجميع مربي الدجاج اللاحم عدم شراء أو تربية الصوص الناتج من هذا البيض المُصاب، ولمعرفة مصدر البيض وتاريخ الفقس، يرجى التواصل مع كلا من نقابة مربي الدواجن، الادارة العامة للبيطرة، دائرة الانتاج الحيواني في الوزارة".

الناطق باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني أوضح لنوى إنه ضمن سياسة الوزارة في ضبط سياسات الجودة تم التحفظ على 216 ألفًا من البيض المخصّب المستورد المخصص لإنتاج الصيصان في قطاع غزة، كونها مصابة بميكروب "ميكو بلازما"، وهو بيض ينتج فراخًا ضعيفةً ومريضة.

وفقًا للبسيوني، فإن عملية استيراد البيض تبدأ بأن يقوم التاجر المستورِد بتقديم أوراقٍ ثبوتية لدى قسم التصدير والاستيراد بالوزارة تؤكد سلامة المنتج، وعند قدوم البضاعة يتم أخذ عينات منها ومطابقتها مع معايير الصحة والسلامة، ومطابقتها كذلك بما هو موجود في الأوراق الثبوتية.

ويضيف: "عند وجود مخالفة في البيض يتم التحفظ عليه داخل الفقاسة، لحين إصدار النتائج النهائية بعد تكرار الفحص، فإذا تأكدت وجود مخالفات يتم تسليم التاجر محاضر الإتلاف وشهادات الفحص التي بناء عليها تم اتخاذ قرار الإتلاف".

في 12 من الشهر الجاري، احتجزت أجهزة الأمن في قطاع غزة المحامي أميّة الكحلوت، تبيّن لاحقًا أنه اعتقل على خلفية منشور كتبه على الفيس بوك ينتقد وزارة الزراعة لعدم امتثالها لقرار المحكمة الإدارية بغزة الصادر بتاريخ 10 يناير 2021، والقاضي بوقف إتلاف 216 ألف بيضة فقس دجاج لاحم، وهو ما دفع الوزارة لتقديم شكوى ضده أمام النيابة العامة بغزة، قبل أن يُفرج عنه بعد عدة أيام.

الكحلوت هو المحامي الموكّل عن الشركة التي استوردت البيض الذي تؤكد وزارة الزراعة إنه مصاب بالميكوبلازما، والذي تمكّن من استصدار أمر قضائي- حصلت نوى على نسخة منه- من المحكمة الإدارية جاء فيه :"قررت المحكمة بحضور فريق واحد بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر عن المستدعى ضدها رقم(3\2012) والصادر بتاريخ 5\1\2021 والقاضي بتشكيل لجنة فنية لإتلاف بيض مخضب لاحم تعود ملكيته للمستدعية وذلك لحين جلسة نظر الطلب المستعجل 11\1\2021 واشعار المستدعى ضدها بشكل عاجل".

إلا أن نقيب مربي الدواجن في قطاع غزة مروان الحلو أكد لنوى إن الفحص الحجري لوزارة الزراعة أثبت وجود نوعين من الميكروب في سحنة البيض المذكورة، هما ميكوبلازما وسالمونيلا، وتأكد ذلك بعد قيام الوزارة بفحص البيض ثلاث مرات استغرقت 13 يوم.

ويوضح الحلو :"حين كانت الوزارة تقوم بإتلاف باقي البيض، كان التاجر المستورد تمكن من استخراج أمرٌ من المحكمة بتأجيل الإتلاف، فصاحب الفقاسة حاول أن يكسب الكثير من الوقت للمراوغة عبر القضاء"، ويكمل :"تحركنا مع الوزارة أمام القضاء لإيضاح خطورة هذا البيض الملوث، وننتظر البتّ في عملية إتلاف الكمية الباقية أم لا".

الحلو:خوفًا من تسويق هذا البيض في الأسواق، تم تعريف مزارعي الدواجن بمكان الفقاسة ورقم البيض ونوع الصوص

ويوضح الحلو أن البيض لم يصل مزارع الدواجن وما زال في شركة التفريخ، إذ يوجد في القطاع نحو عشرين فقّاسة لإنتاج الدجاج اللاحم، ويتم المتابعة مع الوزارة أين يدخل البيض، حفاظًا على مزارع الدواجن ومنع دخول الميكروب للمزارع السليمة.

ويشدد الحلو أنه خوفًا من تسويق هذا البيض في الأسواق، تم تعريف مزارعي الدواجن بمكان الفقاسة ورقم البيض ونوع الصوص من أجل عدم شرائه.

وبخصوص احتمالية وصول هذا الصوص لمربي الدواجن ومن ثم إلى المواطن، قال الحلو : "لا يمكن أن يحدث ذلك، هناك رقابة من الوزارة والنقابة، للتأكد من سلامة قطاع غزة، فنحن لن نسمح بدخول الميكروب".

استشاري الطب البيطري سعود الشوا الذي يراقب وضع قطاع الدواجن بحكم تخصصه، بيّن أنه لأول مرة تُصدر وزارة الزراعة تحذيرًا من شراء البيض، وكذلك جاء اعتراض المستورِد على قرار الوزارة بعد نتيجة المختبر لأول مرة كأمرٍ مفاجئ.

الشوا:من أخطر مشاكل البيض المخصب غير المطابق للمواصفات الفلسطينية هو إصابته بميكوبلازما

ومع تأجيل الجلسات وعدم البتّ في القضية حتى الآن؛ يعتقد الشوا أن البيض يمكن أن يفقس خلالها، ولا يستبعد أن يتم بيع المنتج في الأسواق، بسبب جهل بعض مربّي الدواجن بالأمراض التي قد تصيب الدواجن والإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تفشّي الأمراض، خاصة أن سعر السوق ممكن أن يشجّع الناس على الشراء إذا أُشيع أن البيض من النوعية الجيدة، وكذلك يعمّ المرض في المزارع ويسبب خسائر في قِطاع الدواجن الذي يعاني من مشاكل "اقتصاديه".

ويؤكد الشوا أنه من أخطر مشاكل البيض المخصب غير المطابق للمواصفات الفلسطينية هو إصابته بميكوبلازما التي تؤثر بالمجمل على الغذاء الآمن للمواطن في القطاع، ويسبب خسائر اقتصادية أيضًا، حيث يستورد القطاع ما لا يقل عن 3 مليون بيضة مخصبة شهريًا توزع على 20 فقاسة في القطاع.

وحتى لحظة نشر هذا التقرير لم توضح وزارة الزراعة مصير باقي الكمية رغم مرور وقت كافي لفقس البيض، وهو ما يتطلب اتخاذ خطوات سريعة بإكمال القضية وإتلاف باقي الكمية قبل أن تفقس فعليًا وتصبح عملية السيطرة أصعب.